دول » السعودية

هل صدقتم أننا كنا نعيش أوهاما

في 2015/09/12

د. صالح السلطان- الاقتصادية

في مطلع 1329 (2008) صدر قرار بإعطاء علاوة غلاء معيشة لموظفي الحكومة 5 في المائة سنويا لثلاث مرات، أي 15 في المائة بعد ثلاث سنوات، ويعرف القراء أنها أضيفت للرواتب. ويتذكر كثيرون كيف أن نسبة الزيادة لم تعجب كثيرين. لماذا؟ نبتت في أذهان كثرة منا أوهام حول أوضاع المالية عند العامة. توهموا أن تلك الأوضاع تتيح للدولة زيادة الرواتب حتى إلى الضعف. وقد كتبت قبل سنوات مقالا تحت عنوان "زيادة الرواتب وأوهام عن مالية الحكومة" جر سيلا من النقد.

كانت أوهام البعض وكأنهم على يقين باستمرار ارتفاع أسعار وإيرادات النفط عقودا من الزمن.

أما إيرادات غير النفط فكثير من الناس واقع تحت أوهام بشأن حجمها، حيث تميل النفوس إلى تضخيمها. إيرادات الدولة غير النفطية خلال السنوات العشر الماضية ومن حيث المتوسط هي في حدود 10 في المائة من إيرادات الدولة.

سبق أن كتبت وكتب غيري عن طرق لتخفيف غائلة الغلاء يعم نفعها كل المواطنين، وليس فقط فئة من الشعب، وفي الوقت نفسه تقبل التعديل أو الخفض لو جرت الرياح بما لا تشتهي السفن.

نحن الآن نشهد رياحا تجري بما لا تشتهي السفن. أسعار النفط انخفضت تحت 50 دولارا للبرميل، وهناك عوامل وراء هذا الانخفاض، وبحثها خارج المقال. وسيبلغ عجز الميزانية مئات المليارات من الريالات هذا العام. ماذا يعني ذلك؟ إما خفضا كبيرا جدا في نفقات الحكومة أو خفضا كبيرا مع زيادة الإيرادات من مصادر غير نفطية، أما بقاء الحال فمن المحال.

القرار الذي اشتهر لدى الناس بقرار بدل غلاء المعيشة يحمل في طياته فكرة عن بعض موارد الدولة غير النفطية. وأتوقع أن تلجأ الدولة إلى زيادة مساهمة هذه الموارد قريبا.

ما القرار؟ نقلا من وسائل الإعلام أن مجلس الوزراء درس خلال اجتماعه بتاريخ 19/1/1429هـ الموافق 28/1/2008، ما أوصت به اللجنة العامة لمجلس الوزراء حيال محضر الهيئة الاستشارية للشؤون الاقتصادية في المجلس الاقتصادي الأعلى بشأن ظاهرة ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة الذي تفشّى أخيرا في معظم مناطق المملكة، محدثا بذلك قدرا كبيرا من السلبيات المؤثرة على حياة المواطنين وقُوتهم، وقد وافق مجلس الوزراء على عدد من التوصيات انتهت إليها اللجنة العامة لمجلس الوزراء استنادا إلى محضر الهيئة الاستشارية سالف الذكر. وأذكر هنا بعض تلك التوصيات:

1 - تتحمل الدولة نسبة 50 في المائة من رسوم الموانئ التي تحصّلها الدولة، وذلك لمدة ثلاث سنوات.

2 - تتحمل الدولة لمدة ثلاث سنوات 50 في المائة من رسوم جوازات السفر ورخص السير ونقل الملكية وتجديد رخصة الإقامة للعمالة المنزلية.

3 - استمرار دعم السلع الأساسية للتخفيف من حدة ارتفاع أسعارها ومراجعة ذلك بعد ثلاث سنوات.

4 - التأكيد على تفعيل نظام المنافسة الصادر بالمرسوم الملكي رقم/م/25/ وتاريخ 4/5/1425هـ الذي يهدف إلى حماية المنافسة العادلة وتشجيعها.

5 - منع أي نوع من الممارسات الاحتكارية، وإعادة النظر في نظام الوكالات التجارية لمنع الاحتكار.

6 - تفعيل الدور الرقابي والتوعوي لجمعية حماية المستهلك.

7 - الإسراع في إنهاء مشروع نظام السياسة التموينية.

8 - تكثيف جهود مراقبة الأسعار، ومكافحة الغش التجاري، وتفعيل قراري مجلس الوزراء رقم /25/ وتاريخ 6/2/1427هـ، ورقم /202/ وتاريخ 17/6/1428هـ فيما يتعلق بمتابعة الجهات المعنية للتحقق من التزام المحال التجارية بكتابة بيان السعر على جميع معروضاتها، وضبط أي مخالفة تتعلق بذلك.

9 - دعم الحملات الإعلامية الهادفة لتوعية المستهلكين في مجال الأنماط الاستهلاكية غير المرشدة.

النقطة الأخيرة تتطلب حداثة في منهجية التعامل وقدرات وإمكانات كبيرة تتجاوز المتاح.