دول » السعودية

التحليل الرياضي والفني حرام!

في 2015/09/22

ياسر الغسلان- الوطن-

لم أستغرب كثيرا المحتوى الذي تضمنه خبر "فتوى جديدة تثير الجدل بعدما حرمت العمل كمحلل "رياضي، وفني" بحجة أنهما مضيعة للعمر في أمور دنيوية غير نافعة للدين، فيما أجازت العمل في التحليل العسكري، والسياسي، والاقتصادي"، ولكن ما استغربته هو معدل التأييد في التعليقات التي ذيلت الخبر، والتي صب معظمها في خانة التأكيد على صحة الفتوى مع دعاء بأن يوفق الشيخ الذي أطلقها ويسدد خطاه.

لن أدخل في نقاش حول الفتوى وضرورة أن تقنن، فقد دار حول هذا الموضوع سجال طويل وربما لا زال بين ذوي الاختصاص، إلى جانب أنه صدر قبل أعوام قرار ملكي "بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء، ومن يتم الإذن لهم ممن ترى هيئة كبار العلماء فيهم القدرة على الاضطلاع بالفتوى"، إلا أن المسألة كما يبدو ما زالت حائرة بين حديث إعلامي في الفراغ ومقاومة ممنهجة ممن يرى في نفسه أحقية الإفتاء في كل شيء.

المعلقون الذين أيدوا كلام الشيخ في تقديري هم ضحايا لواقع اجتماعي، يفضل السباحة مع مجرى النهر خوفا من النظر إلى الضفاف ولو للحظة، وبالتالي الغرق في دوامة مفاجئة من اتهامات الغير له بارتكاب جريمة التساؤل والتحليل واستخدام العقل، فكلام الشيخ وبالنسبة لهؤلاء كلام أي شيخ لا يمكن أن يناقش أو يجادل، فجدال الشيخ بالنسبة لهم رجس من عمل الهوى.

لا أدري إن كان كل من علق مهلهلا لكلام الشيخ قد حصن نفسه من الاستماع لأغنية لمحمد عبده أو حلقة لسيلفي القصبي، أو ربما غض بصره عن إعلان تلفزيوني عن مستحضرات تجميل السيدات أو ربما أغلق التلفاز مع بداية مباراة للمنتخب السعودي!

المشكلة ليست في شيخ يخرج علينا بفتوى غريبة أو مثيرة للسخرية، بل الطامة أن يكون المجتمع يحمل في داخله وجهين متناقضين، يدعي في أحدهما الورع والبعد عن مظاهر الحياة بينما هو في حقيقته كباقي البشر يرتكب إثم العيش كإنسان طبيعي دنيوي، يشاهد التلفاز ويقرأ الصحف ويتصفح المواقع، وربما كذلك يتطفل كلما سنحت له الفرصة بأن يحشر أنفه بترديد الإشاعات، ونقل أخبار المجتمع دون إذن أصحابها.