دول » السعودية

ماذا نحتاج لمعالجة الفكر التكفيري؟!

في 2015/09/23

صالح المسلّم- الشرق-

في هذا الظلام الحالك الذي يلفّ العالمين العربي والإسلامي، نحتاج إلى إعادة النظر في مفهومنا للماضي، وفي طريقة استقبالنا لتراثنا، لكي لا يكون الماضي عبئاً على الحاضر..

قبل أيام أعلنت وزارة الداخلية القبض على اثنين من أصحاب الفكر التكفيري «أخوان من رحم واحد ويحملان عقيدة واحدة وتفكيرا واحدا» صغيران في السن لا نقول غرر بهما وإذا قلنا كذلك فمن غرر بهما..؟ وإلى متى نتولى القبض على المغرر بهم ولا يتم القضاء على مصدر التغرير ومصدر الشرر ومنبع الفتنة..!؟

يبدو أننا في هذا العالم «الإسلامي بشكل عام والعربي بشكل خاص وفي منطقتنا بالتحديد» نعاني الأمرين من معالجة الأمور أو أننا نخجل من التفكير بصوت عالٍ للاعتراف أننا لدينا مشكلات عديدة في الثقافة والتعليم ومطلوب منا معالجة الأمر برمته كمنظومة تحتاج إلى حلول جذرية وليست مجرد شعارات مرفوعة استهلكت منا الوقت والجهد والمال وضاع شبابنا في متاهات الحلول المؤقتة..!

في هذا الظلام الحالك الذي يلفّ العالمين العربي والإسلامي، نحتاج إلى إعادة النظر في مفهومنا للماضي، وفي طريقة استقبالنا لتراثنا، لكي لا يكون الماضي عبئاً على الحاضر وقاطرة لتأخرنا ودخولنا في حروب طويلة الأمد، لا تبقي ولا تذَر، وتدمر ما بناه أجدادنا القريبون الذين حلموا بعصر نهضة عربية جديدة لا تقطع مع الماضي ولكنها لا تتنكر للحاضر. لقد حلم النهضويون الأوائل «عبدالرحمن الكواكبي ومحمد عبده وفرح أنطون وقاسم أمين وخير الدين التونسي وطه حسين، وآخرون كثيرون» بثقافة عربية جديدة تنتقي من ماضي العرب ما جعل حضارتهم وثقافتهم جاذبة للبشرية ونموذجاً احتذته أوروبا فصارت سيدة العالم الحديث، وتنتقي من الحضارة الغربية الحديثة ما يجعل العرب يتجاوزون عصور الظلمة التي دخلوها منذ قذف هولاكو الكتب في نهر دجلة واستباح بلاد العرب والمسلمين بسنابك خيله!! نحتاج إلى إعادة النظر في منظومة التعليم وكيفية انتقاء الثقافة وماذا يتلقى شبابنا، سؤال يفترض طرحه على الملأ وفي قنواتنا التليفزيونية وإعلامنا المرئي والمقروء دون خجل وبشفافية تامة، لا يكون المتلقي من بعضهم هداهم الله أننا إذا قلنا تعليمنا يحتاج إلى إعادة نظر وإلى غربلة قامت لهم القيامة وأخرجونا من الملة وهم بذلك ينتهكون حرمة الوطن ويؤججون الفتنة بل إنهم لا يتحدثون أبداً وتجد رؤوسهم كالأنعام حين تتحدث وزارة الداخلية عن القبض على خلية هنا وهناك انتهكت حرمة الأمن وزعزعت الأمان وأسست لبناء متفجرات وقنابل لقطع الأعناق وتشتيت الأجساد لا نجد لهم حروفاً تكتب ولا أصواتاً تطالب بالقصاص من المتسبب وقطع دابر هؤلاء ومن ثم القضاء على ما يسمى بإرهاب الذي أنهك كاهل الأمة برمتها..!

بالأمس رأينا شابين يانعين بعز شبابهما مع خلية في «ضرما» جنوب غرب العاصمة الرياض بمائة كيلو متر تقريباً، وفي حي المونسية «حي يقع شمال شرق الرياض» «فيلا واستراحة محشوة بالقنابل» مستعدين للقتال ومع من؟ ويقاتلان لمن ومن أوصلهما إلى هذا المستنقع، من أودى بهما إلى هذا الطريق المظلم..؟ من جعل من مستقبلهما قنابل «مولوتوف» وأحزمة ناسفة تعصف بأجسادهما قبل أن تأخذ معها أرواحاً أخرى ليس لها ذنب..؟

لكن يبدو أننا لم ندرك بعد على وجه الحقيقة مدى الأذى الذي تُلحقه بنا مجموعاتٌ قليلة تتبنى عقيدة المواجهة الدمويّة مع العالم، فهذه المجموعات، التي تتبنى فكر القاعدة أو فكر الدولة الإسلامية في العراق والشام «داعش» أو فكراً جهاديّاً أو تكفيريّاً، أو تصوّراً للعالم يقوم على قسمة العالم إلى دارٍ للإسلام ودارٍ للكفر، انتشرت في بقاعٍ عدّة ونشطت خلال العقدين الأخيرين إلى حدٍّ جعل العالم ينظر إليها بوصفها ممثّلة للإسلام والمسلمين!

لقد وسَمَت الإسلام بالعنف، ولطَّخته بدماء المسلمين قبل غيرهم لأنّها تكفّرهم أو تكفّر بعضهم كما تكفّر البشرية جمعاء..!

ما يحدث الآن من جرائم ومجازر باسم الإسلام، وتصفية المخالفين في الدين والمذهب، وتفجير المساجد، وقتل السيّاح، على يد جماعات داعش، يشير إلى جنون الفكر التكفيريّ وهوسه وقدرته على حقن جرثومته في عقول شباب يائسين فقراء جهلة مستعدّين للإتيان بأيّ فعل مهما كانت بشاعته لأنهم يعتقدون أن ذلك يُدخِلهم الجنّة..!.

محاربة هذا النموذج من الفكر التكفيريّ لا تكون من خلال المواجهة المسلحّة فقط بل من خلال تعاون العالم أجمع مع المملكة العربية السعودية لوضع برامج دولية لمكافحة هذا الخطر ووضع برامج تعليمية وثقافية لتغيير المنهج والعقول من الداخل قبل أن تتفاقم الأزمة..!