دول » السعودية

هل يساهم موسم الحج في إنعاش الاقتصاد السعودي وإخراجه من أزمته؟

في 2015/09/23

شؤون خليجية -

رغم أن المملكة العربية السعودية تمتلك 25 % من الاحتياطي العالمي المؤكد من النفط، وتعد من الدول المتحكمة في منظمة "أوبك"، إلا أن اقتصادها بشكل خاص والخليجي بشكل عام، تأثر كثيراً بسبب موجة انهيار أسعار النفط إلى مستويات أقل من 50 دولاراً للبرميل، الأمر الذي أثر كثيرًا على ميزانيات هذه الدول ودفعها لاتخاذ إجراءات تقشفية، وإصدار سندات وصكوك لسد العجز في الموازنات العامة لها، كما اتجه بعضها لرفع الدعم عن الوقود مثل الإمارات، في قالت إن تلك الخطوة لابد أن يسبقها بناء نظام نقل عام شامل.

وتواجه المملكة مشكلة اقتصادية، خاصة مع انخفاض أسعار النفط التي تمثل 90 بالمائة من عائدات المملكة، وبعد الأزمة الاقتصادية التي شهدتها الصين مؤخرًا، تتخذ المملكة الإجراءات الإصلاحية لتفادي انهيار اقتصادها، الذي يعتمد بشكل أساسي على مبيعات النفط.

وبحسب خبراء اقتصاديين، فلا يبدو أن المملكة قادرة على تحمل ذلك طويلًا، حيث أعلن البنك المركزي السعودي عن تراجع الاحتياطي المالي الوطني بنحو 60 مليار دولار، خلال الأشهر الستة الأولى من السنة الحالية.

وهنا يتساءل الخبراء: هل يستطيع موسم الحج وما يعود به من فوائد اقتصادية على بلاد الحرمين الشريفين إنعاش الاقتصاد السعودي، في ظل تلك الأزمة؟، وهو ما أجابت عليه د. نادية باعشن، الخبيرة الاقتصادية وعميدة كلية إدارة الأعمال بجدة، بالقول: إنه "لو استغل المورد الاقتصادي (الحج) أفضل استغلال، ووجد تنظيمًا أكثر مما هو عليه الآن، فإن الدخل الاقتصادي للحج والعمرة سيوازي دخل البترول".

للحج منافع كثيرة

في الحجّ رواج وانتعاش اقتصادي؛ لما يتطلبه من سلع وخدمات لازمة لأداء مناسك الحجّ، فكم ينفق من النقود على وسائل الانتقال، وشراء المأكولات والمشروبات، وشراء الملابس، وشراء الذبائح، وتكاليف الإقامة، وحسب بعض الدراسات في المملكة قدرت متوسط إنفاق الحج عند 5 آلاف ريال، وإذا كانت أعداد الحجاج في زيادة يزيد حجم إنفاق الحجاج، وهذه الدخول مع مرور الزمن تنفق في الاقتصاد، وتساهم في عملية زيادة الطلب الكلي.

وتشهد المملكة انتعاشًا أيضًا، في حركة النقل والمواصلات كما في العقارات، ومنافع عديدة يتحصل عليها أصحاب شركات النقل والمواصلات، وتلك التي تعمل على نقل الحجاج.

وبلغت عوائد المملكة من موسم الحج العام الماضي، نحو خمسة مليارات دولار.

انتعاش العقارات

وبحسب خبراء اقتصاد، فإن الأثر الأكبر للحج يظهر على صعيد قطاع العقارات، لاسيما وأن بعض الدراسات تشير إلى أن ما ينفق على قطاع الإسكان يستحوذ على 30-40 في المائة من إجمالي ميزانية الحاج، مما يعني أن قطاع الإسكان له نصيب الأسد من الإنفاق على الحج، وهذا الإنفاق انعكس مؤخرًا على نشاط القطاع العقاري بمدينة مكة المكرمة، وخصوصًا في ظل محدودية عرض المنتج العقاري. ويوجد في مدينة مكة المكرمة نحو 1100 فندق، وعدد غرفها 172 ألف غرفة فندقية.

تأثير على ميزان المدفوعات والإنفاق الكلي

ويترك الحج تأثيراته أيضًا على ميزان المدفوعات، وكذلك على الاحتياطات الأجنبية للمملكة، إذ إن قدوم الحجاج يُنشئ طلباً ملحوظًا على الريال السعودي لتغطية نفقات الحج، وهذا يشكل موردًا مهما للدولة من العملات الأجنبية، لاسيما الرئيسية منها.

ويقول المستشار الاقتصادي، زيد الرماني، إن للحج "أهمية ودور في حل المشاكل الاقتصادية للمسلمين"، كما أنه يعطي للتجارة "معنى جديداً في هذه المشاعر المقدَّسة، إذ يؤدي تواجد الحجاج إلى زيادة الطلب، وبالتالي إلى زيادة العرض، كما يساهم في لقاء رجال الأعمال، والتعرّف إلى منتجات كل البلدان الإسلامية، حيث تنقل هذه المنتجات من بلدة إلى أخرى.

ولفت الرماني إلى أن إيرادات السعودية من موسم الحج والعمرة للعام 2012 بلغت أكثر من 62 مليار ريال (16.5 مليار دولار)، مع زيارة أكثر من 12 مليون حاج ومعتمر للمملكة، وفقًا لما نقلته عنه صحيفة "اليوم" السعودية.

ووفق د. باسم قاضي، مؤسس مركز مثابة لاستشارات الحج والعمرة، فيبلغ متوسط عدد الحجاج فقط من مختلف الدول نحو مليونين، وأشار إلى وجود متغيرات تتعلق بالعمر والحالة الاجتماعية وبالمرافقين، موضحًا أن أغلب الحجاج من الشباب (70 %) تتراوح أعمارهم بين ثلاثين وخمسين سنة، وهو أمر ملفت للنظر، مشيرًا إلى أن هذه المتغيرات تنعكس على الاقتصاد.

وفي العام الماضي.. أشارت دراسة نشرتها جامعة "أم القرى" السعودية إلى أن الحج يترك آثارًا كبيرة على صعيد الإنفاق الكلي، وذلك من خلال المداخيل التي تحصل عليها القطاعات العاملة في الحج، من مؤسسات وشركات ونقل ومواصلات ومحلات تجارية، حيث إن إنفاق الحجاج هنا يمثل دخلًا لهذه القطاعات، وهذه الدخول مع مرور الزمن تنفق في الاقتصاد، ما يساهم في زيادة الطلب الكلي.

كما يترك الحج آثارًا اقتصادية على قطاعات أخرى، مثل التوظيف والنقل والمواصلات والمواد التموينية والكماليات كالهدايا والتحف وغيرها.

الاستفادة من الهدي والأضاحي

وفي السعودية مشروع خاص للاستفادة من الهدي والأضاحي، الذي يقوم البنك الإسلامي للتنمية بإدارته وتنفيذه بتكليف من الحكومة السعودية، وقد أسس البنك مصنعين لاستخلاص مادة الجيلاتين الحلال، المستخدمة في صناعة الكبسولات الطبية. وتبلغ الطاقة الإنتاجية للمصنع 600 طن سنويًا من مادة الجيلاتين الحلال المستخلصة من العظام، و300 طن أخرى من مادة الجيلاتين الحلال المستخلصة من جلود أنعام المشروع.

وتبلغ الطاقة الإنتاجية الحالية لمصنع الكبسولات الطبية مليار كبسولة سنوياً، وذلك باكتمال المرحلة الأولى من تشغيل مصنع الكبسولات.