دول » السعودية

هل انتصرت معارضة الخارج على السلطات السعودية في المعركة الإلكترونية؟

في 2015/10/01

شؤون خليجية -

"حتى انتصارات السعودية الالكترونية وقتية ولحظية نفس فرحة الريال بالصدارة.. الإنجاز العالمي الخرافي من قبل المخترقين أثر على مجتهد لمدة يومين فقط.. والجامية كالعادة يثبتون بأنهم ظاهرة صوتية".. ما سبق هو اختصار لنظرة نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي لمحاولات السلطات السعودية قمع المعارضة بالخارج، من خلال حجب مواقعهم الإلكترونية واختراق صفحاتهم الشخصية على موقع "تويتر"، ليطرح ذلك تساؤلًا: "هل انتصرت المعارضة السعودية في المعركة الإلكترونية التي شنتها المملكة خلال الأيام الماضية؟."

"مجتهد" يستعيد حسابه المخترق

فبعد أن تمكن المغرد السعودي "مجتهد" من استعادة حسابه بموقع "تويتر" عقب اختراق دام لمدة ثلاثة أيام، بعد حملة تهليل دعائية كبيرة تبنتها مواقع إلكترونية وجرائد محسوبة على السلطات الحاكمة، أصبح الوضع أكثر إحراجًا لسلطات المملكة مما كان عليه في السابق، حيث زادت شعبية المغرد "مجتهد"، وواصل المتابعون الحديث عن أهمية دوره وحقيقة ومصداقية الأنباء والمعلومات التي ينقلها عما يدور داخل الأسرة الحاكمة، بل وطالبوه بنشر مزيد من التفاصيل عن الأحداث الجارية، والتي على رأسها حادث التدافع بمشعر "منى" الذي سقط فيها مئات الضحايا.

وخرجت الهاشتاقات التي حصلت على قدر عال من التفاعل، لكن هناك بعض النشطاء من يعتبر "مجتهد" مجرد ظاهرة ويستنكر عليه ما يفعله، ويتهمه بالعمالة والتآمر لزعزعة الأمن والاستقرار وكراهية البلاد، وغيرها من التغريدات الأخرى التي تسيء له.

وكان ناشطون قد حملوا مسؤولية تهكير حساب "مجتهد"، للسلطات السعودية، خاصة بعد تغريدة الأمير الدكتور خالد آل سعود، والتي قال فيها عقب اختراق حساب "مجتهد": "تم اختراق حساب الحقير@muujtahiiddd بواسطة كفاءات- شابة- وطنية غيورة.. تابعوا- الآن- سلسلة فضائحه القذرة عبر حسابه المُخترق"، التي تكشف معرفته بمن قام بقرصنة الحساب، وطالب النشطاء بإرسال نسخة من التغريدة إلى "تويتر" لمحاكمته وإغلاق حسابه، لانتهاكه القوانين.

سعد الفقيه يكذب مزاعم الهاكر

إلا أن الحديث الأبرز بات عن فشل محاولات مواجهة معارضة الخارج وقمع آرائهم وتقييد حرياتهم ومحاربتهم إلكترونيًا، فعقب اختراق موقع "مجتهد" وقع حدثين، الأول كان محاولة تشويه للمعارض السعودي الدكتور سعد الفقيه- رئيس حركة الإصلاح، والتي كانت بنشر رابط لصفحة الحركة تحمل إساءات له وتتهمه بالعمالة لإيران، وتحاول التأكيد على أن الفقيه هو نفسه "مجتهد"، ويتلاعب بحسابات وهمية لزعزعة الأمن والاستقرار بالبلاد.

كما حاول المخترقون الإشارة إلى أن "الفقيه" هو من كتب الخطابات والرسائل التي نشرها المغرد "مجتهد"، والتي أكد أن أحد أحفاد الملك عبد العزيز هو من قام بكتابتها، وتم تداولها بين أفراد العائلة المالكة عبر "الواتس أب" تحت عنوان "نذير عاجل لكل آل سعود"، والثاني "المتمم له"، والثالث الذي كان بعنوان "يجب أن لا نلدغ من جحر مرتين".

وهو ما تمكن "الفقيه" من نفيه تمامًا عبر حسابه بموقع "تويتر"  ووصف تداول رابط لموقع آخر للحركة بالمزاعم، مؤكدًا أن الحركة لها موقع واحد على النت هو" islah.org.uk" ، إضافة إلى قناة الإصلاح على موقع "يوتيوب".

بل وزاد على تغريداته بنشر روابط لتسجيل حلقة برنامجه على "يوتيوب"، والتي تحدث فيها عن خطابات ورسائل آل سعود، وكارثة منى، والموقف السعودي من تطورات سوريا، وتبعها في الأيام التالية بروابط لصحف أجنبية تحدثت عن خطابات آل سعود كالتايمز وديلي ميل واشنطن بوست والجارديان والاندبندنت، وهو ما يبرز أن نتائج ما اتخذه الهاكرز من محاولات تشويه وإخراس للأصوات المعارضة، التي تناقلت المراسلات الأخيرة والخطابات التي تداولت بين آل سعود، جاءت معاكسة، حيث زاد ترويج الخطابات وتعالت الأصوات المشيرة إلى مصداقيتها.

تضامن حقوقي واسع مع منظمة "القسط"

أما الحدث الثاني الذي تبع اختراق حساب "مجتهد" فكان حجب موقع منظمة القسط لحقوق الإنسان بالمملكة، وهو ما اعتبره الناشط الحقوقي يحيى عسيري- رئيس المنظمة، بأنه قمع جديد للمدافعين عن الحقوق في السعودية، ودليل على أن السلطات لا تريد سماع أي نقد، ففي الوقت الذي تسجن وتهدد المعارضين لها في الداخل، تقوم بمعركة أخرى مع من هم في الخارج، وكل هذا يأتي في إطار الحرب على الحرية التي تقودها السلطات السعودية.

واعتبر "عسيري"، في تصريحات خاصة لـ(شؤون خليجية)، ما تقوم به السلطات بأنه دليل واضح وجلي على أمور ثلاثة: "الأول: أن السلطة ومن يدعمها يعلمون قطعًا حجم الفساد والظلم في مؤسساتها ويخافون من كشفه، والثاني: أن السلطة ومن يدعمها لا يرغبون في الإصلاح وتصحيح الخطأ ومصرون على المكابرة والاستمرار فيه، والثالث: أن السلطة ومن يدعمها ليس لديهم خطوط حمراء سواء دينية أو أخلاقية أو قانونية، فهم يمارسون كل تصرفات القمع مهما كان سوؤها وقبحها، دون مراعاة لشيء."

وزادت خطوة حجب موقع المنظمة من غضب النشطاء، بل وزاد التفاعل عبر صفحة المنظمة وصفحة رئيسها، كما تم تدشين هاشتاق يستنكر حجب السلطات للموقع، وينتقد أنهم أصبحت "ترعبهم فكرة وتزعزع أمنهم تغريدة"، مؤكدين أن موقع المنظمة ينشر تقارير ومتابعات لحقوق الإنسان في السعودية وغير تحريضي وتوعوي، مطالبين بمعرفة أسباب الحجب.

وبدوره، تمكن رئيس المنظمة من وضع روابط بديلة، وجمع إيميلات للمهتمين بمعرفة ما تنشره المنظمة من بيانات وما تصدره من تقارير لإرسالها لهم، فيما بذل المغردون جهودًا ذاتية تضامنية رافضة لخطوة الحجب في المملكة، وقاموا بوضع روابط لبرامج تمكن من دخول موقع المنظمة من خلالها، وبذلك تفشل محاولات السلطة في حجب الموقع بالمملكة، بل إنها خلقت قنوات بديلة للمنظمة لإيصال صوتها وفرض وجودها.

كما تفاعلت منظمات حقوقية مع خبر الحجب وأصدرت بيانات استنكارية للخطوة التي اتخذتها المملكة، حيث نشر الائتلاف العالمي للحقوق والحريات تفاصيل ما حدث، راصدًا أنماط الانتهاكات المرتكبة بحق المدافعين عن حقوق الإنسان في السعودية، مؤكدًا أن السلطات الأمنية تتعامل مع منظمات حقوق الإنسان والمدافعين عن حقوق الإنسان والتجمعات الإصلاحية، باتخاذ نوعين من التحركات الاستباقية، والتي من خلالها تقوم بتحجيم هذه التحركات وشرعنة العمل على إسكاتها أو إخضاعها، وتحجيم نشاطها ومساهمتها في تعريف المجتمع، عن طريق إقرار مجموعة من القوانين، التي تساعد السلطات الأمنية على بسط وتوسيع دائرة التعامل الأمني مع حركات الإصلاح والمدافعين عن حقوق الإنسان، وكذلك عن طريق مزيد من الانتهاكات بحق حقوقهم الأساسية المرتبطة بالشخصية.

معارضون بالخارج وسيلتهم مواقع التواصل

يشار إلى أن أغلب المعارضين السعوديين الموجودين بالخارج مستمرون في محاولاتهم لإيصال صوتهم عبر مواقع التواصل والتفاعل الاجتماعي المختلفة، سواء "يوتيوب أو تويتر أو فيس بوك"، حيث يملك المفكر السعودي الدكتور محمد المسعري، قناة على موقع يوتيوب يعرض من خلالها حلقات لبرنامجه اللقاء المفتوح.

كما أعلن الناشط السعودي المعارض المبتعث بكندا عمر بن عبد العزيز الزهراني، عن عودة برنامجه "فتنة" في موسمه الثاني، الذي كان قد أثار ضجة كبيرة العام الماضي، وكان ينتقد فيه النظام السعودي بجرأة، ولكن بشكل ساخر، على مدار 7 حلقات حققت انتشارًا واسعًا عبر موقع "يوتيوب" ووسائل التواصل الاجتماعي.

فيما يقدم الناشط المعارض غانم الدوسري بين الحين والآخر حلقات برنامج "الجنادرية" على اليوتيوب، التي حازت أولى حلقاته على قرابة الـ25 ألف مشاهدة، وهو برنامج ينتقد الأوضاع السياسية والحقوقية داخل المملكة بأسلوب ساخر.

ما سبق ذكرهم هم على سبيل المثال لا الحصر، فعدد المعارضين السعوديين الموجودين خارج المملكة كثير، بينهم "معارضون لهم تاريخ طويل في المعارضة السياسية، ودفعوا ثمن معارضتهم بالخروج من البلاد، لأن البديل لذلك كان الاعتقال والزج بالسجون"، وآخرون من الشباب النشطاء الحقوقيين والسياسيين منشغلون إما بنشاطاتهم الحقوقية أو بدراستهم، بعد تمكنهم من الخروج من المملكة كمبتعثين