دول » السعودية

(3) أسباب تكشف حقيقة استمرار تأجيل زيارة الملك سلمان لمصر

في 2015/10/05

شؤون خليجية -

علي لسان مصادر مطلعة تم تحديد أكثر من موعد لزيارات الملك سلمان بن عبد العزيز لمصر خلال الشهور القليلة الماضية، خرجت على إثرها وسائل الإعلام راصدة محاور للزيارة ومتحدثة عن طبيعة الملفات المطروحة للمناقشة، والترتيبات المتخذة من الطرفين للزيارة وغيرها من البنود، ولكن كل ذلك يصبح سرابًا بعد مرور الموعد الذي تناقلته وسائل الإعلام، لتتأجل الزيارة شهرًا بعد شهر، مع وضع الحجج الملائمة لطبيعة التوقيت.

الأمر الذي فرض عددًا من التساؤلات: كيف للملك سلمان أن يزور مصر في ظل خلاف بينه وبين عبد الفتاح السيسي- قائد الانقلاب العسكري- بشأن عدد من قضايا المنطقة، على رأسها الأزمة السورية؟، وكيف له أن يزورها في ظل حملة إعلامية من الموالين للانقلاب على المملكة السعودية؟، وهل زيارته تعني موافقته على ما قام به السيسي بإغراق الحدود مع غزة لتدمير الأنفاق؟

وتحدثت وسائل الإعلام عن ترتيبات لزيارة الملك سلمان لمصر بعد شهر رمضان، ثم تأجلت لبعد عودة الملك من أمريكا ودار الحديث بأنه سيتجه مباشرة من أمريكا إلى مصر، ثم تأجلت، ليرصد المراقبون 3 عوامل تكشف أسباب التأجيل المتكرر لزيارة الملك سلمان إلى مصر.

1- تجنب الاتهام بتأييد تدمير أنفاق غزة

ويرى مراقبون أن الملك سلمان يتخذ خطوات حذرة تجاه زيارته لمصر في الوقت الحالي تحديدًا أكثر من ذي قبل، حتى لا يتهم بتأييد الخطوات التي يتخذها السيسي "قائد الانقلاب" تجاه غزة، والموافقة على إغراقه الحدود بالمياه لتدمير الأنفاق، وهي الخطوة التي اعتبرها نشطاء خليجيون بأن السيسي يحاصر أهل غزة بأموالهم، في إشارة إلى الدعم المالي المستمر من دول الخليج لنظام الانقلاب في مصر.

وصرح السيسي عقب لقائه بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، مبررًا خطوته بإغراق حدود غزة، بأنها من أجل تأمين حدودها الشرقية، وأنها تجري بتنسيق كامل مع السلطة الفلسطينية، ولا يمكن أن تضر الأشقاء الفلسطينيين بقطاع غزة، مؤكدًا أن هذه الإجراءات تهدف إلى حماية الحدود المصرية والمحافظة على الأمن القومي المصري والفلسطيني.

وهي التصريحات التي لاقت هجومًا خليجيًا واسعًا من قبل النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، معربين عن استيائهم من سياسة قائد الانقلاب العسكري تجاه غزة.

واعتبروا خطوة ضخ الجيش المصري لكميات كبيرة من مياه البحر في أنابيب عملاقة مددها على طول الحدود بين القطاع ومصر، لتدمير الأنفاق أسفل الحدود بإغراقها، بأنها خيانة للقضية الفلسطينية والأمة العربية، وتضييق الخناق أكثر على غزة التي تعد المتنفس الوحيد لها الحدود المصرية.

2- هجوم إعلامي مصري ممنهج على المملكة

وعلى الصعيد الإعلامي، فمنذ إعلان مرض الملك عبد بن عبد العزيز وقبيل وفاته، دأب الإعلاميون المقربون من المؤسسة العسكرية والمحسوبون على الانقلاب الآن، التلميح بعدم الارتياح لوصول "سلمان" إلى الحكم، حيث قال الإعلامي المصري "يوسف الحسيني"، مقدم برنامج "السادة المحترمون" على فضائية تابعة لرجل الأعمال نجيب ساويرس قبيل وفاة الملك "عبدالله بن عبدالعزيز": "إن انتقال الحكم إلى الأمير (مقرن بن عبد العزيز) مباشرة سيعتبر قرارًا "أكثر أمانًا لمصر"، وحذر من خطورة تولي الملك "سلمان" حكم المملكة، لأن ذلك ليس في صالح مصر.

وتوالى الهجوم الإعلامي المصري الممنهج والمتكرر على المملكة عقب تولي الملك "سلمان" الحكم، ووصل إلى تأكيد السفير السعودي أنه أجرى اتصالات على أعلى مستويات مع السلطات المصرية وقيادتها؛ للاعتراض على تجاوزات بعض الإعلاميين المصريين المؤيدين للانقلاب العسكري بحق المملكة، كاشفًا أنه أوصل لعبد الفتاح السيسي، قائد الانقلاب، احتجاجًا رسميًا بهذا الشأن.

ووصل الأمر إلى اقتراحه استضافة المملكة أول لقاء يعقد بين الصحفيين والإعلاميين والمفكرين المصريين والسعوديين، لتدعيم الحوار بين الجانبين لمعالجة الفجوة بين البلدين.. ومؤخرًا وصل الأمر إلى مهاداته لبعض رؤساء تحرير الصحف المصرية وعدد من كبار الكتاب ومقدمي برامج الـ"توك شو" بالحج هذا العام.. إلا أن المراقبين رصدوا استمرار الحملة الشعواء على السعودية وقادتها، وعلى لسان الأذرع الإعلامية المختلفة للانقلاب العسكري.

ولم يكن الهجوم على المملكة من قبل الإعلاميين فقط، بل شاركهم الوزراء حملتهم، حيث جاءت تصريحات وزير ثقافة الانقلاب حلمي النمنم- الذي أبدى عدد كبير من النشطاء والمثقفين السعوديين استيائهم من تعيينه بالوزارة مؤخرًا- متسقة مع الحملات الممنهجة التي يشنها الإعلاميون المصريون ضد المملكة، حيث هاجم "الوهابية" والإسلام السياسي.

وقال النمنم: "إن نجاح الوهابية في إحدى الدول العربية لا يعني أنها تصلح للتطبيق في مصر، فمصر فطرتها (علمانية)، وإنه ليس هناك تضاد بين فكرة العلمانية والإسلام، ولابد أن نحرر الإسلام من كل الجماعات الدينية المتشددة الإرهابية". وأضاف أنه أينما حل الإسلام السياسي أو مفهوم "الخلافة " في أي بلد عربي أو إسلامي حل معه الخراب، وأنه مستعد "للشهادة"، دون تحقيق الخلافة في مصر.

3- موقف مضاد للتوجه السعودي تجاه سوريا

وإذا كانت الحملات الإعلامية الممنهجة من مصر تجاه المملكة السعودية، والتخوف من اعتبار زيارة الملك سلمان بأنها دعم للسيسي في موافقة تجاه غزه، هما سببين يؤخران زيارة "سلمان" لمصر، فالخلاف الأبرز هو الأزمة السورية التي بات الخلاف بشأنها واضحًا في الآونة الأخيرة، حيث رحب الإعلام المصري بالتدخل الروسي في سوريا، كما أعلنت مصر بشكل رسمي تأييدها للغارات الجوية التي تشنها روسيا في سوريا، قائلة: إنها "ستساهم في محاصرة الإرهاب والقضاء عليه"، وذلك على الرغم من الانتقادات الغربية للتدخل الروسي.

وقال وزير الخارجية في حكومة الانقلاب المصرية، سامح شكري، في تصريحات لقناة "العربية"، أذيعت أمس السبت، إن "المعلومات المتاحة لدينا خلال اتصالاتنا المباشرة مع الجانب الروسي، تؤشر إلى اهتمام روسيا بمقاومة الإرهاب والعمل على محاصرة انتشاره في سوريا".

وأضاف : أن "دخول روسيا، بما لديها من إمكانات وقدرات في هذا الجهد، هو أمر نرى أنه سيكون له أثر في محاصرة الإرهاب في سوريا والقضاء عليه".

وهي التصريحات التي تأتي معاكسة للموقف السعودي تمامًا، حيث عقب عادل الجبير على كلمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في الأمم المتحدة، معلنًا رفض بلاده للمبادرات الروسية الداعمة للنظام السوري، مكررًا التأكيد على ضرورة رحيل بشار الأسد.

وقال "الجبير" في مقابلة مع قناة تليفزيونية أمريكية: إن التحركات الروسية تجعل من الصعب بشكل أكبر حل الأزمة السورية، معتبرًا أن الاستراتيجية الروسية إما أنها تعقد الأزمة أو تقوض القتال ضد تنظيم الدولة.

وهدد الجبير بالخيار العسكري لرحيل الأسد قائلًا: "يجب على الرئيس السوري بشار الأسد الرحيل أو أن يواجه خيارًا عسكريًا".