دول » السعودية

أسرار الخلافات السعودية وحقيقة الوضع الاقتصادي عبر رسائل (واتس آب)

في 2015/10/09

شؤون خليجية -

"الواتس أب" أصبح وسيلة الأمراء بالعائلة المالكة بالسعودية لتداول الخلافات والانتقاد للأوضاع السياسية والاقتصادية بالمملكة، فبعد تداول رسالتين منسوبتين لأحد أحفاد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود، الأولى بعنوان "نذير عاجل لكل آل سعود"- أكد صحتها الأمير سعود بن سيف النصر- حفيد الملك سعود بن عبد العزيز ملك السعودية الأسبق عبر حسابه بتويتر، والثانية متممة للرسالة الأولى ومفسرة لبعض النقاط التي جاءت فيها، يجري الحديث اليوم، الخميس، عن تداول خطاب ثالث تفيد المعلومات الأولية بأنه لنفس الأمير صاحب الرسالتين الأولى والثانية.

وتشير المعلومات الأولية إلى أن الرسالة مختصرها هو "ما قلت لكم"- بحسب ما نشره المغرد السعودي "مجتهد"، للتذكير بما جاء في رسائله السابقة، ورغم أن الخطاب لم يفصح أحد عن محتواه حتى الآن، إلا أن الأرجح أنه يأتي تعقيبًا على خطاب "سري للغاية" الذي أرسله الملك سلمان بن عبد العزيز لوزير المالية للسعودي، لاتخاذ عدد من الإجراءات التي تنبئ بتدهور الأوضاع الاقتصادية بالمملكة، والذي جاء مؤكدًا لما جاء برسائل الحفيد بشأن نهب ثروات المملكة وعجز الميزانية، وتدهور الأوضاع الاقتصادية في ظل العهد السلماني.

وهي الإجراءات التي أكد خبراء الاقتصاد والمراقبون للشأن السعودي أنها متوقعة، في ظل انخفاض أسعار النفط ودخول المملكة في حروب دفاعًا عن الشرعية في اليمن، رغم محاولات شركات العلاقات العامة والإعلام السعودي لتحسين صورة الاقتصاد. فيما يرى آخرون أن الظرف المالي الصعب بالمملكة هو نتيجة طبيعة لما يحصل من نهب للميزانية كرواتب ونفقات الأمراء، بالإضافة إلى دعم النشاطات الحربية والإرهاب.

 

الخطاب الأول يطالب بإنقاذ الوضع

وكانت الرسالة الأولى "نذير عاجل لكل آل سعود"، قد تحدثت عن تهميش أبناء الملك عبد العزيز، والانحراف عن الأسس والمبادئ التي وضعها في بناء الدولة السعودية الثالثة، وطالب الـ 13 من أولاد الملك عبد العزيز الذين مازالوا على قيد الحياة، بالتحرك وإنقاذ الوضع، وقال: "بينهم كفاءات و خبرات كبيرة"، و"نخص منهم الأمراء طلال بن عبد العزيز وتركي بن عبد العزيز وأحمد بن عبد العزيز، بما لهم من باع طويل، وخبرات سياسية وإدارية يعرفها الجميع، يجب استثمارها في صالح الدين والمقدسات والشعب".

وقال حفيد الملك في خطابه الأول: "في ظل التدهور الحاد للأوضاع السياسية والاقتصادية، والانخفاض الحاد في أسعار النفط، والزيادة الهائلة في الدين العام، نناشد جميع أبناء الملك عبد العزيز، من أكبرهم الأمير بندر، إلى أصغرهم سناً الأمير مقرن، تبني الدعوة إلى عقد اجتماع طارئ لكبار الأسرة، لبحث الموقف، واتخاذ جميع ما يلزم لإنقاذ البلاد، وإجراء تغييرات في المناصب الهامة، وتولية أصحاب الكفاءات من العائلة الحاكمة، سواء كانوا من الجيل الأول أو الثاني أو الثالث أو الرابع".

وأضاف: "نقترح أيضاً جمع توقيعات من أبناء وأحفاد الملك المؤسس بشأن الإجراءات المقترحة، وتنفيذ ما تُقِرّه الأغلبية للصالح العام، وما زال 13 من أولاد عبد العزيز على قيد الحياة، و بينهم كفاءات وخبرات كبيرة، ونخص منهم الأمراء طلال بن عبد العزيز وتركي بن عبد العزيز وأحمد بن عبد العزيز، بما لهم من باع طويل، وخبرات سياسية وإدارية يعرفها الجميع، يجب استثمارها في صالح الدين والمقدسات والشعب".

وتابع: "على هؤلاء الثلاثة بصفة خاصة وعلى أبناء المؤسس الـ 13 بصفة عامة، أن يحملوا الراية وأن يجمعوا الآراء وأن يحشدوا الصفوف من آل عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود، بقيادة الأكبر والأصلح منهم ومن أبنائهم القادرين، الذين هم كنز لا يفنى بإذن الله، للتحرك وتنفيذ ذات ما فعله الملك فيصل وإخوانه وأبناؤهم وأبناء إخوتهم عندما عزلوا الملك سعود"، وقال "ليتولى الأصلح والأكبر إدارة شؤون البلاد والعباد. وليتم تنصيب ملك جديد وولي عهد، وأخذ البيعة من الجميع على ذلك، وإلغاء المنصب المستحدث المستغرب وهو ولي ولي العهد".

 

الرسالة الثانية تكشف إهدار المليارات

وفي الرسالة الثانية المتممة للرسالة الأولى، قال حفيد الملك عبد العزيز إنها تحمل إيضاحات حول الرسالة السابقة، حامدًا الله على بلوغ خطاب "نذير عاجل لكل آل سعود" زخمًا كبيرًا من التأييد والدعم، سواء من العائلة الحاكمة أو من رموز الشعب، قائلًا: إن الكثيرين منهم أبدوا مجموعة من التعليقات والاستيضاحات، التي من حقهم علينا أن نفردها ببيان مستقل يكون بمثابة إلحاق بالخطاب السابق ومتممًا لما ينبغي إتمامه".

وقال البيان: "حين أشرنا إلى عجز الملك سلمان إنما كنا نعني عجزه عن القيادة وإدارة شؤون البلاد والعباد اليومية ورئاسة مجلس الوزراء على نحو فعال، بسبب حالته الصحية وأمراضه العديدة، بما يضمن عدم إهدار مصالح الشعب وتطلعات الشعب. ولم يعد سرًا أن المشكلة الأخطر في وضعه الصحي هي الجانب العقلي، الذي جعل الملك خاضعًا بالكامل لتحكم ابنه محمد".

وتابع البيان: "حين حذرنا من خطر الإسراف والتبذير منذ استلام الملك سلمان، فإننا نتحدث عن إهدار 160 مليار دولار (600 مليار ريال)، وكذلك سحب ما لا يقل عن 100 مليار دولار أخرى (375 مليار ريال) لجيب محمد بن سمان وأشقائه تركي وخالد ونايف وبندر وراكان".

واستطرد البيان: "إذا كان الكثير يعرفون عن السرقات التي تجري من خلال صفقات السلاح وتوسعة الحرمين وغيرها، فلعلهم لا يعرفون عن بند الشؤون الخاصة والحسابات الملكية الخاصة". وأوضح أن "البند يشتمل على 50 مليون ريال يوميًا للملك (أو من يتحكم بختم الملك) لأي أمر يريده، وأما الحساب الملكي الخاص فهو حساب جار في البنك الأهلي بقيمة 9 مليارات ريال تـُلزم مؤسسة النقد بتغطية أي مبلغ يسحب منه بشكل فوري، هذا إضافة إلى 2 مليون برميل يوميًا تذهب لحساب تابع لمحمد بن سلمان باسم الملك".

 

اجتماع عاجل لأفراد بالعائلة المالكة

وعلى خلفية الرسالتين السابقتين، فقد صرح حفيد الملك عبد العزيز لصحيفة الغارديان البريطانية- دون أن يذكر اسمه لدواع أمنية بحسب الصحيفة، بأن العائلة المالكة ستعقد اجتماعًا عاجلًا لمناقشة الوضع في المملكة، مشيرًا إلى أنه كتب رسالتين يطالب فيهما بإقالة الملك الحالي.

وقال إنه تلقى دعمًا واسعًا من داخل الأسرة الحاكمة وخارجها وفي المجتمع بأسره. لكن لم يحظ هذا الخطاب بدعم في العلن إلا من إحدى الشخصيات الملكية المهمة، وهو ما يعد أمرًا عاديًا بالنظر إلى التاريخ السعودي الوحشي في عقاب المعارضين السياسيين.

وأضاف الأمير طبقًا للصحيفة، أن "أربعة أو خمسة من أعمامه سيجتمعون قريبًا لمناقشة الرسائل المرسلة إليهم، وسيضعون خطة مع العديد من أبناء أعمامه، وهذه خطوة جيدة".

 

خطاب ملكي لوزير المالية لتخفيض النفقات

وقبل أيام تداول النشطاء برقية ملكية مزيلة بتوقيع العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بصفته رئيس مجلس الوزراء، تحمل عنوان "سرية للغاية وعاجلة" موجهة لوزير المالية السعودي، تتضمن عدة خطوات تنبئ بأن الوضع المالي بالمملكة سيئ للغاية.

وتحمل الرسالة عددًا من الإجراءات المقترحة لترشيد ورفع كفاءة الإنفاق خلال المدة المتبقية من السنة المالية الحالية 1436/1437هـ ، والتي جاءت بعد الاطلاع على محضر اللجنة المالية المشكلة بالأمر رقم 45410 بتاريخ 15/981436هـ.

وتتضمن الإجراءات إيقاف اعتمادات بنود وبرامج ومشاريع ميزانية العام المالي الحالي، وإيقاف التعاقد على أي مشاريع جديدة، وإيقاف شراء السيارات والأثاث والتجهيزات لأي غرض من الأغراض، وإيقاف التعيين والترقيات على كافة السلالم الوظيفية والبنود، وإيقاف صرف تعويضات نزع الملكية، وفك الارتباط للعقارات التي لا يوجد ضرورة حتمية لنزع ملكيتها.

كما تشمل عدم إبرام أي عقود استئجار جديدة، وفك ارتباط استئجار المباني التي سبق الإعلان عنها، ولا يتجاوز الصرف من اعتمادات البنود والمشاريع خلال الربع الرابع "25 %" من الاعتماد الأصلي المرصود في الميزانية.

وفيما يتعلق بنفقات "المكافآت والمصاريف السفرية والنقل الشخصي"، فأكدت الرسالة على ألا يزيد الصرف على "10%" من الاعتماد الأصلي المرصود لها في الميزانية، وتسريع مدة إجراءات توريد الإيرادات المحصلة من الأجهزة والمؤسسات والهيئات العامة إلى وزارة المالية.

 

حقيقة وضع الميزانية السعودية

وطبقًا لأليستر نيوتن، مدير مؤسسة آلافان للاستشارات التجارية، فإن الميزانية السعودية التي نُشرت هذا العام وضعت على أساس أن سعر النفط هو 90 دولارًا للبرميل. ولكي تتمكن السعودية من الوفاء بتكلفة بعض الأمور الطارئة، مثل الإنفاق بسخاء بعد تولي الملك سلمان الحكم، والحرب في اليمن، وكلفة الأمن الداخلي ضد التهديد الذي يمثله تنظيم "داعش"، فلابد أن يكون سعر النفط 110 دولارات للبرميل، ولكن مع انخفاض سعر النفط إلى أقل من 50 دولارًا للبرميل فإن العبء الاقتصادي بدا واضحًا.

وانخفض مؤشر كل الأسهم السعودية "تداول" بأكثر من 30 في المائة خلال الأشهر الـ 12 الأخيرة.