دول » السعودية

عمالة وافدة في أحضان (داعش)..!

في 2015/10/29

الرياض السعودية-

تزايد نسب هروب العمالة الوافدة واتساع نطاق مخاطرهم على الأمن أمر لم يعد خافياً، حيث ينشر يومياً عن جرائم ارتكبوها، لكن الخطر الذي نطق بنفسة قائلاً «هذا أنا» كان استثنائياً في انعكاساته ودلالاته، وتمثل في توجه التنظيمات الإرهابية لتوظيف العمالة الهاربة، وتجنيدها لتنفيذ مخططاتها وأهدافها النتنة، إذ وجدت فيهم من هو يمثل صيداً سهلاً رخيصاً لاستغلاله أو دعمه وتمكينه من تنفيذ مطامعه الدنيئة، إذ أنّ كثيرا من هؤلاء العمالة قد تأثروا بالأزمات والصراعات السياسية الإقليمية والدولية، خاصةً من كانوا يحملون فكراً طائفياً متشدداً، الأمر الذي يؤكد أنّ تلك الظروف والأوضاع تنذر عن تطور خطير لأزمة العمالة الهاربة وترفع في الوقت ذاته من سقف جرائمهم.

وبحسب ما أورده التقرير السنوي لوزارة العمل، بلغ عدد المتغيبين من العمالة المنزلية (86549) عاملا، (60%) منهم عاملات منزليات، لا نستبعد أن يتم محاولة استغلال البعض منهن من قبل تلك التنظيمات التي ترى في العمالة النسائية الهاربة مزايا تحقق أهدافهم، فبحكم طبيعة النساء تعد ضعيفة يسهل التأثير عليها وإخافتها وإغراؤها، ويمكن ممارسة الفوقية عليها في استغلال صريح لكونها هاربة وأجنبية، ويبقى السؤال الملح هو كم من بين أوكار العمالة المخالفة والهاربة خلايا ومحاضن إرهابية نائمة.

تعاون المواطن

في البداية أوضح اللواء د. سعد الشهراني –عميد القبول والتسجيل في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية- أنّ العمالة في المملكة والخليج ينقسمون إلى عدة فئات، النوع الأول وهم من يعملون لدى كفلائهم وما زالوا على رأس العمل، والنوع الثاني وهم الهاربون من كفلائهم والمتخلفون بعد الحج والعمرة، أما النوع الثالث فهم من دخلوا عن طريق الهجرة غير المشروعة، لافتاً إلى أنّ النوعين الأولين معروفان ومسجلان في السجلات الرسمية، أما النوع الثالث فالمعلومات غير دقيقة والأمر يحتاج إلى تعاون المواطن، موضحاً أنّ جميع فئات العمالة معرضة لأن ترتكب مخالفات أمنية متعددة، فهذه العمالة ذكورا وإناثاً أميون ومتعلمون منهم المنتمون سياسياً وغير المنتمين، والمؤدلجون وغير المؤدلجين.

وقال إن ما يهمنا هنا هو علاقتهم بالإرهاب والتطرف الديني ومدى إمكانية استغلالهم وتوظيفهم في آفة الإرهاب، من خلال الاستغلال والإغراءات والضغوط التي تمارس عليهم ممن يقعون تحت ايديهم، وهنا لا نعني كفلاءهم الرسميين فهم إلى حد كبير في الجانب الآمن من الصورة، إلاّ إذا تورط الكفلاء أنفسهم أو انخرطوا في تيارات العنف والإرهاب، لكن في أغلب الحالات تأتي هذه الضغوط أو الإغراءات ممن يحتكون بهم ويتعاملون معهم أو ممن يستهدفهم، لافتاً إلى أنّ البعض من العمالة الأجنبية بحكم ضعفهم في البنية الاجتماعية والرسمية قد يعتقدون أنهم مهمشون، ويخفون تلك الضغوطات أو الإغراءات عن السلطات الأمنية وعن كفلائهم ولا يبادرون بالتبليغ.

إغراء مادي

وأضاف إن الفئة الهاربة من كفلائها غالباً ما تهرب لوجود إغراء مادي أو توفر ظروف عمل أفضل، أو في بعض الأحيان بسبب ضغوط من الكفيل نفسه، فيهرب عامداً متعمداً، وفي الغالب بمساعدة من أفراد من جنسياتهم نفسها، الذين يسهلون لهم سكنهم وتحركاتهم ويزورون لهم الوثائق، مبيّناً أنّ النساء الهاربات أسهل في الاستغلال لهذه الجماعات، حيث تكون الهاربة ضعيفة الحال وشبه محطمة، وهنا يسهل استغلالهن لنقل المواد المحظورة بين الأحياء والمدن والمناطق، وذلك لسهولة تنقل المرأة في مجتمعنا، ولأنّ نقاط التفتيش الأمنية لا يتم فيها دائماً التأكد من هوية السيدات.

وأشار إلى أنّه من المهم تغطية هذه الثغرة، وربما أننا نحتاج إلى توظيف العنصر النسائي في نقاط التفتيش ومن جهة أخرى فان تشغيل المواطنين للعمالة يعد مخالفة أمنية خطيرة، ناصحاً المواطن أن يكون دائماً ملتزماً بالقوانين والأنظمة، وأن يكون دائماً تحت الشمس، ويحتاط لنفسه، وأن يكون وفياً لبلده ولمجتمعه، خصوصاً في هذه المرحلة الحرجة التي تتطلب وعياً وانتماءً أكثر.

العمالة الهاربة

فيما أكّد د. سلطان العنقري –مدير عام مركز أبحاث الجريمة بوزارة الداخلية سابقا- على أهمية إيضاح طبيعة وأهداف تلك التنظيمات الإرهابية، إذ انّ داعش وغيرها من الجماعات الإرهابية بمسمياتها المختلفة ما هي في الحقيقة إلاّ عصابات مرتزقة، تضم عناصر أجنبية تم توظيفها ودعمها بالسلاح والأموال من قبل دول واستخبارات أجنبية، من أجل زعزعة أمن واستقرار عالمنا العربي، وتلك العصابات المرتزقة اتخذت الدين الإسلامي كغطاء لجذب السذج والمغفلين، ليستخدموهم كأدوات لتمرير مخططاتهم في الشرق الأوسط، بعد أن فشل ما يسمى بشرق أوسط جديد، وما وصف بأنّه الربيع العربي، إلى جانب تشويه الوسطية التي يعتنقها أكثر من مليار مسلم، بواسطة حمقى وسذج لا يعرفون من الدين الإسلامي إلا اسمه.

وأضاف إنّ تواجد العمالة الهاربة بشكل عام يشكل عبئاً على البنى التحتية للبلد، كمرافق الخدمات، والصحة، والتعليم، والنقل، والمواصلات، والاتصالات، والكهرباء، واستهلاك المياه، والتموين، والسلع التموينية المعانة من قبل الدولة، وغيرها، كما أنّها تشكل عبئاً على اقتصاد البلد من خلال التحويلات بالمليارات من أموال أتت بطرق غير مشروعة، كالبغاء، والمتاجرة بالبشر، والمخدرات، والسرقة، وغسل الأموال، وغيرها، إضافةً إلى أنّها تشكل عبئاً واضحاً للعيان من خلال مزاحمة أبناء البلد على مصادر رزقهم، من خلال توظيفهم من قبل أبناء جلدتهم بطرق غير مشروعة، والتستر عليهم من قبل البعض من ضعاف النفوس من المواطنين، وكذلك إنّها تدخل في المجتمع عادات وتقاليد دخيلة على العادات والتقاليد والقيم الدينية والأعراف الاجتماعية.

التستر والعمل

وعن الفائدة التي تجنيها تلك التنظيمات من انضمام العمالة الهاربة، أوضح د.العنقري أنّ هذه العمالة عناصر يسهل الحصول عليها، إلى جانب سهولة تجنيدها، كونها تقيم إقامة غير نظامية في البلد، مستغلة تلك التنظيمات حاجة تلك العمالة الهاربة النسائية إلى مأوى آمن، حتى لو كان مع رجال، فهن لا يمانعن، وحاجتهن إلى التستر والعمل أهم، فيتم توظيفهن في بيوت للدعارة، وترويج المخدرات، واستخدامهن في التسول، واستدراج الشباب للتحرش بهن بمقابل، وتقوم تلك العصابات بجمع الأموال منهن، مبيّناً أنّ المتاجرة بالبشر والمخدرات وأموال الدعارة والتسول وغسل الأموال والإرهاب هي أعمدة للجريمة المنظمة، بل وللجريمة المنظمة العابرة للحدود، ويستفاد من تلك الأموال المتأتية بطرق غير شرعية في تمويل الإرهاب والعمليات الإرهابية.

وأضاف إنّ توجه داعش لاستقطاب العمالة الهاربة النسائية الأجنبية ليس بسبب وعي وإدراك السيدات السعوديات لخطورة هذه التنظيمات الإرهابية، بل تخوف تلك التنظيمات من فضحهم والتبليغ عنهم، فهذه التنظيمات قد انفضحت عندما هاجمت الأسر السعودية من خلال تجنيد أبنائها، حتى أصبح هناك تكتل أسري ضد هذه التنظيمات الإجرامية، مشدداً على قيمة الدور المأمول والمطلوب من المواطنين والمواطنات في تلك المرحلة، خصوصاً وأن هناك من يتستر عليهم.

وأشار إلى أهمية تطبيق مبدأ «اعرف جارك»، على غرار ما هو مطبق في البنوك «اعرف عميلك»، إلى جانب الإفادة من العمدة في الأحياء، وأن لا يكون مكانه أقسام الشرط، بل وسط الحي، وجعله مصدر معلومة للساكنين الجدد في الأحياء أو من يتم مغادرتهم للأحياء، وتبليغ الجهات الأمنية من خلال الرقم (٩٩٠).

إيواء العمالة

وأشار إلى ضرورة أن تقوم المكاتب العقارية والملاك بتبليغ الجهات الأمنية بأسماء الأشخاص وأرقام هوياتهم من أول يوم يسكن فيه المستأجر، حتى لو يمكث فقط ساعة واحدة أو ساعتين، وتطبيق غرامات مالية كبيرة على كل من لا يبلغ، مبيّناً أنّه من المهم مسح جميع الاستراحات والمزارع والبيوت العشوائية ومساكن الصفيح على أطراف المدن ومداخلها، وكذلك المخيمات من قبل الأجهزة الأمنية بشكل دوري ومفاجئ، وزرع المخبرين السريين فيها، مع عدم إعطاء المتسولين في الشوارع وعند التقاطعات والإشارات وفي المساجد أي مبالغ، والقبض عليهم، وعلى من يقف وراءهم وينقلهم، من قبل الأجهزة الأمنية وتنظيف الشوارع منهم بالكامل في أي مكان، مشددا على ضرورة عدم إيواء العمالة الهاربة الأجنبية نسائية كانت أم رجالية وعدم تشغيلهم أو التستر عليهم أو تقديم أي عون ودعم لهم أو أي معلومة.