شؤون خليجية-
على الرغم من دعم المملكة العربية السعودية ومساندتها للنظام الانقلابي المصري برئاسة الجنرال عبد الفتاح السيسي سياسياً واقتصاديا بعشرات المليارات ليبقي حكمه على قيد الحياة ، إلا أن النظام السياسي المصري يواصل مخالفته للخط السياسي الخليجي، ويصر على تحدى الموقف الرسمي للمملكة السعودية وجاءت استجابته في وقت الحاجة مخيبة لدول الخليج، وهو ما يثير تساؤلات حول هل ستعيد المملكة السعودية النظر في دعمها لنظام الانقلاب المصري.
كشفت دراسة حديثة للباحث في المعهد الألماني للدراسات الدولية والشؤون الألمانية" ماتياس سيلر" إن السعودية والإمارات تعيدان النظر في سياساتها تجاه مصر.
ويشير البحث إلى أنه بالمقارنة مع الرياض، فإن القاهرة تتقبل حلا سياسيا للأزمة السورية، حتى لو بقي الأسد في الحكم. وعلى خلاف الموقف السعودي، لم تتخذ الإمارات موقفا حاسما من سوريا، فمن جهة تخشى من الدور الإيراني هناك، ومن جهة أخرى تخشى من وجود الجماعات الإسلامية.
وجدد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، في مقابلة أجراها مع وكالة الأنباء الألمانية خلال زيارته الأخيرة لبرلين، القول بأن بلاده تدعم الغارات التي ينفذها سلاح الجو الروسي في سوريا.
ومن جانبه قال الإعلامي أحمد منصور أن ترويج عبد الفتاح السيسى وأجهزة إعلامه وأتباعه مثل مصطفى الفقى وأمثاله للقاتل بشار الأسد بأن يكون جزءا من الحل فى سوريا وهو ما تطالب به إيران وتعارضه دول الخليج وعلى رأسها السعودية دليل قاطع على ضلوع السيسى فى علاقات سرية مع الإيرانيين.
وأكد في تدوينة له على موقع التواصل الإجتماعي" فيس بوك" أن السيسي يصطف ويتآمر ضد السياسات الخليجية والتركية تجاه سوريا ويتآمر على الثورة السورية وتأكيد على دعمه لأمثاله من القتلة والمجرمين مثل بشار الأسد أن يبقوا حكاما رغم أنهم تفوقوا فى إجرامهم على هتلر وستالين .
تحالف أفريقي يواجه التحالف الإسلامي
وحاولت مصر الالتفاف على تحفظات الرياض تجاه ملف التدخل العسكري العربي في ليبيا، بإعلان عبدالفتاح السيسي، تشكيل قوة عسكرية جديدة، تضم دول شمال إفريقيا، بعد عدة محاولات فاشلة لإعلان تدشين القوة العربية المشتركة لمحاربة الإرهاب.
ويؤشر هذا الأمر بحسب مراقبين، إلى احتمال كبير لوجود تنافس وتضارب في المصالح بين تحالف مصر بقيادة السيسي، المتوقع دعمه من قبل الإمارات والولايات المتحدة وإيطاليا، وبين التحالف العسكري الإسلامي بقيادة السعودية، لأن هناك مناطق متقاطعة بينهما، خاصة على الساحة الإفريقية.
ويري مراقبون أن الأكثر خطورة احتمال تحول الساحة الليبية إلى ساحة للخلاف المستتر المتصاعد مع السعودية، في حال دعم الإمارات ومصر للقوة الجديدة بشمال إفريقيا للإطاحة بالتيار الإسلامي في ليبيا، ودعم الانقلاب بقيادة خليفة حفتر تحت ذريعة "الإرهاب"، ليس فقط للقيام بتدخل عسكري، بل أيضًا لاستمرار محاربة التيارات الإسلامية التي تنتهج تجاهها السعودية نهجًا مختلفًا في ظل عهد الملك سلمان بن عبد العزيز، فملف دعم الإمارات للثورات المضادة أصبح موضع خلاف بين الدولتين، خاصة في ظل تقارب الرياض مع تركيا، وتحديات مواجهة السعودية للمشروع الإيراني التوسعي، ومواجهة التيارات المتطرفة، بما يؤشر على مرحلة جديدة من الاستقطاب الإقليمي، ربما تضعف محاولات التقارب والتصالحبين الإمارات ومصر من ناحية وتركيا من ناحية أخرى، حول ليبيا وسوريا والإسلاميين.
التقارب من إيران
وفي ظل مواجهة السعودية للمشروع الإيراني التوسعي ومواجهة التيارات المتطرفة، فضلا عن التطورات الدبلوماسية الأخيرة وقطع السعودية علاقاتها مع طهران عقب الاعتداء على سفارتها بعد إعدام الداعية الشيعي " نمر النمر" المتهم بالإرهاب، لم يساند "السيسي" الرياض بل حاول التقرب وبقوة من طهران .
قال أبو يعرب المرزوقي، مستشار رئيس الحكومة التونسية السابق، حمادي الجبالي، إن داعمي السيسي بدؤوا يبتعدون عنه وفي مقدمتهم السعودية، موضحا أن أن "السعودية شعرت بأن انقلاب السيسي أخطر عليها من الثورة، لأنها كانت تتصور أن انقلاب السيسي سيحمي ظهرها من الخطر الإيراني، فإذا بالسيسي يتحالف مع إيران، ومع بشار ومع بوتين".
وتابع المرزوقي: "إذا سقط العراق وسقطت سوريا وسقطت اليمن تكون السعودية محاطة من كل الجهات، الشرق إيران، الجنوب اليمن، الشمال العراق، الغرب سوريا ومصر، لذلك هي تبحث عن مصالحة مع الإسلاميين، الذين لم يكونوا يريدون بها شرا".
دعم الحوثيين
ورغم المساعدات والاستثمارات التي تُقدر بعشرات المليارات في بدايه انقلابه على الرئيس المنتخب، كانت استجابته، في وقت الحاجة، مخيبة لدول الخليج، فقد رفضت القاهرة إرسال أي جندي في الحرب الدائرة حالياً مع الميليشيات الحوثية التي تعتبرها السعودية وكيلاً للحكومة الإيرانية.
عندما تسربت بعض الأنباء في شهر سبتمبر الماضي عن احتمالية وجود قوات مصرية في اليمن، سارعت القاهرة للنفي وقالت إن الأمر "لا أساس له من الصحة."
وليس هذا فحسب بل سمحت حكومة السيسي لـ"الحوثيين" بإقامة معرض في القاهرة تحت عنوان "أوقفوا العدوان على اليمن"، وهذا الامر اعتبره مراقبون "خيانة مصرية " للسعودية، مؤكدين إن الخطر لا يكمن في المعرض ذاته، بل في العلاقات الخفية بين مصر وإيران، وفي دلالاته على موقف «السيسي» مما يجري في اليمن
الوضع الاقتصادي
وعلى الرغم من تهاوي الاقتصاد المصري واعتماده بشكل كبير في عهد الانقلاب على دعم دول الخليج له بعشرات المليارات التي تعتبر حسب مراقبون شريان الحياه ""للسيسي ، إلا أنه هناك عاملا هاماً يلعب دورا في تغير أولويات الخليج تجاه مصر يتعلق بانخفاض أسعار النفط الخام وزيادة ميزانية الإنفاق العسكري، الذي أدى إلى انخفاض موارد دول الخليج وعلى رأسها المملكة العربية السعودية أكبر دولة مصدرة للنفط ، وانتهاجها سياسات التقشف لتقليص عجز الموزانة
ويعتقد "ماتياس سيلر" أن دول الخليج ستقوم بقطع دعمها المالي لمصر، مبينا أنه في الوقت ذاته فإن انخفاض أسعار النفط سيقلل من قدرة السعودية على توفير الدعم المادي لمصر، مستدركا بأن الرياض ستقلل من الدعم، إلا أنها لن تقوم بوقفه بشكل كامل، وهو ما سيهدد استقرار مصر، ويقلل من تأثير السعودية هناك