يوسف حمود - الخليج أونلاين-
بعد أن وجدت زيادة كبيرة في رؤوس الأموال للمستثمرين الذين نقلوا استثماراتهم إلى أراضيها، أو ممن وجدوا فيها المكان المناسب لبدء الاستثمار فيها، اتخذت الإمارات خطوة أخرى تعبر عن اهتمامها بهذا الملف، وإعطائه كل المميزات التي تشجع على جذب مزيد من المستثمرين.
وكان آخر الخطوات مطلع يوليو الجاري، حين أعلنت الإمارات استحداث وزارة جديدة للاستثمار ضمن هيكل الحكومة الاتحادية للدولة، كما أقرت الاستراتيجية الوطنية المحدثة للطاقة.
وتقدم الإمارات كثيراً من الحوافز للمستثمرين، وتدعم ريادة الأعمال، وتضع الحوافز لرفع أعداد الشركات التي تؤسس لدعم خطط تنويع مصادر الدخل الوطني، ليأتي التساؤل على ضوء ذلك: ما الهدف الرئيس من إنشاء هذه الوزارة؟
وزارة للاستثمارات
بعد أيامٍ من تغريدة على "تويتر" نشرها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، رئيس الوزراء الإماراتي ونائب رئيس الدولة، 26 مايو 2023، قال فيها: إن المجلس "وافق على إعادة تشكيل مجلس إدارة جهاز الإمارات للاستثمار"، أعلن آل مكتوم تشكيل وزارة جديدة تحت مسمى "الاستثمار".
وقال حاكم دبي ورئيس مجلس الوزراء في تغريدة له: "أقررنا خلال اجتماع مجلس الوزراء مجموعة من القرارات؛ منها اعتماد إنشاء وزارة للاستثمار في الدولة ضمن الهيكل الحكومي الاتحادي، وتعيين محمد حسن السويدي وزيراً للاستثمار".
وأوضح أن هدف الوزارة الجديدة "تطوير الرؤية الاستثمارية في الإمارات، وتحفيز البيئة الاستثمارية داخلياً، وتعزيز تنافسية إجراءاتنا وتشريعاتنا بشكل مستمر لضمان بقائنا وجهة عالمية للاستثمار، وفاعلاً رئيساً في حركة الاستثمارات العالمية".
ومحمد السويدي هو الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة "القابضة ADQ"، منذ مايو 2019، وهو رئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي الوطنية للطاقة "طاقة" منذ 2022.
وجهاز الاستثمار الذي أعيدت هيكلته يُسهم بدور حيوي في ترسيخ مكانة الإمارات الاقتصادية، حيث تمكن منذ تأسيسه عام 2007 في بناء وتطوير مؤسسة استثمارية اتحادية تتولى مسؤولية الأصول المخصصة لها من جانب الحكومة الاتحادية، فيما لا يعلم إن كان سيدمج الجهاز ضمن الوزارة أم سيكون جهة مختلفة.
ويرى الخبير الاقتصادي أحمد صدام أن تأسيس وزارة الاستثمار "يمكن أن يأتي ضمن إطار التخصص وتقسيم العمل، أي إلى جانب وزارة الاقتصاد سوف تتخصص وزارة الاستثمار بمفصل مهم يعزز من مكانة الدولة الاقتصادية باتجاه التنويع الاقتصادي واستثمارات الطاقة النظيفة؛ بما يخلق بيئة تنافسية قوية جداً بين دول المنطقة".
وأضاف في حديث لـ"الخليج أونلاين" أن "دور وزارة الاستثمار سيكون داعماً للاستثمار في الصناديق المتخصصة من خلال تعزيز تنافسية الإجراءات والتشريعات، وهذا الاتجاه يشجع حركة المستثمرين باتجاه هذه الصناديق أو المجالات الاستثمارية المباشرة الأخرى".
ويعتقد صدام أن الهدف هو تحفيز البيئة الاستثمارية في الداخل بما يقود إلى جذب مزيد من الاستثمارات إلى اقتصاد الدولة.
واعتبر أن "هذا يعني أن الوزارة ستعمل على ضمان بقاء الإمارات وجهة عالمية للاستثمار، حيث يُقدّر حجم الاستثمارات الأجنبية داخل الاقتصاد الإماراتي بحدود 20 مليار دولار، وتحتل المركز الأول عربياً والـ19 عالمياً في مجال جذب الاستثمارات".
وأشار صدام إلى أن تأسيس هذه الوزارة ينسجم مع خطة الإمارات لعام 2031، التي تهدف إلى رفع معدلات النمو الاقتصادي من خلال تنويع الإنتاج غير النفطي ورفع قيمة التجارة الخارجية الإماراتية.
حوافز واهتمام
وتقدم الإمارات امتيازات لرفع أعداد الشركات التي تؤسس؛ لدعم خطط تنويع مصادر الدخل الوطني، كما ترفع العوائق أمام تدفق الاستثمارات.
وتتيح الدولة الخليجية منذ سنوات طويلة الحوافز للمستثمرين؛ ومن أبرزها الإقامات المختلفة، وحرية التملك والعمل، وتمضي قدماً في جعل بيئتها أكثر تنافسية في جذب الاستثمار الأجنبي، وتتطلع لأن يكون أحد ممكنات الاقتصاد الوطني.
واتخذت الإمارات إجراءات هامة لدعم الاستثمارات وتحسين مناخ الاستثمار وريادة الأعمال، حيث أصبحت أبوظبي من أكثر العواصم في العالم استقطاباً لرؤوس الأموال؛ نظراً للامتيازات والتشريعات والقوانين التي تساعد على جلب المستثمرين الأجانب.
كما أن اسم إمارة دبي قد برز إقليمياً وعالمياً، خلال السنوات الأخيرة، بشكلٍ كبير كوجهة رئيسية للمستثمرين، وأصبحت المدينة واحدة من أشهر مراكز التجارة وريادة الأعمال.
وفي نوفمبر الماضي، أصدر رئيس الإمارات مرسوماً بقانون جديد لتنظيم وتنمية القطاع الصناعي، الذي يهدف إلى توفير السياسات الداعمة وتقديم الحوافز لتمكين القطاع الصناعي، وزيادة الجاذبية الاستثمارية، وتسهيل الإجراءات لتشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي في الأنشطة الصناعية.
ومنذ 2020، لم يعد الأجانب بحاجة إلى مساهم أو وكيل إماراتي عند تأسيس شركة في البلاد؛ وذلك بموجب تعديل لقانون الشركات، حيث كان يتطلب قبل ذلك مساهمة بنسبة معينة من مواطنين إماراتيين أو وكيلاً إماراتياً على حسب نوع الشركة.
أرقام ومعلومات
حلت الإمارات في المركز الأول عالمياً بين الدول التي سجلت أكبر زيادة في عدد مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر منذ جائحة "كورونا"، وفقاً لبيان من صحيفة "فايننشال تايمز" (يونيو 2023).
وحققت الإمارات، في 2022، أعلى رقم في تاريخها لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بقيمة 84 مليار درهم (23 مليار دولار)، بحسب تقرير الاستثمار العالمي 2023 الذي تطلقه منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "الأونكتاد".
ونقل حاكم دبي في تغريدة على "تويتر"، الأربعاء 5 يوليو 2023، أن هذه النتائج تأتي رغم الانخفاض العالمي بنسبة 12% في حركة الاستثمارات الأجنبية حول العالم.
وذكر أن الإمارات استحوذت على ريادة الاستثمارات العالمية الواردة للمنطقة، مضيفاً أن التقرير أشار إلى أن الإمارات هي رابع أكبر متلقٍّ لاستثمارات المشاريع الجديدة في العالم بإجمالي 997 مشروعاً، وذلك بعد الولايات المتحدة وبريطانيا والهند، مسجلة ارتفاعاً بمعدل 80% في المشاريع الجديدة مقارنة بالعام الذي سبقه.
كما تظهر أحدث الأرقام الرسمية أن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة استحوذتا على أكثر من نصف إجمالي الاستثمار الأجنبي المباشر، في النصف الأول من 2022، وكانت الصين والهند واليابان أكبر الشركاء التجاريين للإمارات في 2021، وفقاً للبيانات التي نشرتها "بلومبيرغ" الأمريكية، في يناير الماضي.
وكانت دبي كشفت خلال إطلاق خطتها الاقتصادية، في يناير 2023، عن طموحات لتحقيق زيادة تراكمية قدرها 650 مليار درهم (177 مليار دولار) في الاستثمار الأجنبي المباشر حتى عام 2033.