دول » الامارات

زيارة بن زايد للأردن.. أبعاد اقتصادية وسياسية في توقيت حرج

في 2024/10/12

متابعات- 

تتميز العلاقات التي تربط دولة الإمارات العربية المتحدة مع المملكة الأردنية الهاشمية بأنها وثيقة على المستويين الرسمي والشعبي، وتاريخية ومتجذرة ووطيدة، بفضل التعاون والتنسيق البناء والمستمر على المستويات والمجالات كافة.

وترسخت هذه العلاقات على مدى أكثر من خمسة عقود، لتشكل مثالاً استثنائياً للعلاقات الدولية، وهو ما تؤكده الزيارات الثنائية المختلفة والتي كان آخرها زيارة الرئيس الإماراتي إلى عمّان.

ويقول البلدان إنهما يحرصان على مواصلة التنسيق والتشاور بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك وحول التطورات الإقليمية والعالمية، بما يدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة، وهو ما يطرح تساؤلات حول أهمية الزيارة الأخيرة لرئيس الإمارات إلى الأردن.

زيارة مهمة

وسط تصاعد التطورات في المنطقة زار الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان (6 أكتوبر 2024)، العاصمة الأردنية، حيث بحث مع الملك عبد الله الثاني "جوانب التعاون والعمل المشترك، خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية والتنموية، وغيرها من المجالات الحيوية التي تسهم في تحقيق رؤية البلدين وأولويات التنمية والازدهار المستدام اللذين يتطلعان إليهما"، وفق وكالة أنباء الإمارات (وام).

كما استعرضا في اللقاء "مسارات التعاون الإماراتي-الأردني في مجالات الاقتصاد والاستثمار والتنمية المستدامة والأمن الغذائي والطاقة المتجددة وغيرها"، حيث أكد بن زايد والملك عبد الله "اهتمامهما المشترك ببناء شراكات اقتصادية استراتيجية تلبي تطلعات شعبي البلدين إلى التنمية والتقدم، وتعزز آفاق تعاونهما على مختلف المستويات".

وفي ما يتعلق بالأوضاع في منطقة الشرق الأوسط والمستجدات بقطاع غزة ولبنان أكدا "أهمية تعزيز الجهود المبذولة لوقف إطلاق النار في القطاع، وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين وفق قواعد القانون الدولي الإنساني"، فضلاً عن "دفع الجهود المشتركة للاستجابة للأوضاع الإنسانية التي يعيشها سكان القطاع".

وشددا على موقف البلدين الثابت "تجاه وحدة لبنان وسيادته وسلامة أراضيه"، وأكدا "ضرورة تكثيف العمل، من أجل منع اتساع الصراع في منطقة الشرق الأوسط، وتجنيب المنطقة تبعات أزمات جديدة تهدد أمنها واستقرارها"، إضافة إلى "العمل على إيجاد مسار للسلام العادل والشامل والدائم الذي يقوم على أساس حل الدولتين ويضمن تحقيق الاستقرار والأمن للجميع".

الاقتصاد أولوية

وكان أبرز ما في هذه الزيارة تأكيد بن زايد والعاهل الأردني، أهمية اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة التي وقعها البلدان بحضور الزعيمين خلال الزيارة، والتي تأتي نتيجة مسار طويل من العلاقات الاقتصادية المثمرة وقاعدة واسعة من الفرص لتنميتها في المستقبل.

الشراكة الموقعة تهدف بالأساس إلى الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية إلى مستويات جديدة من النمو المتبادل، بجانب توفير المزيد من فرص العمل في الجانبين، وتحسين سلاسل التوريد، وتسريع نمو القطاعات ذات الأولوية.

كما شهد الزعيمان الإماراتي والأردني توقيع اتفاقية التعاون الإداري في المسائل الجمركية بين بلديهما.

وينطلق توقيع الاتفاقية التاريخية من قاعدة صلبة من العلاقات الاقتصادية المزدهرة بين الإمارات والأردن، بعد أن تخطت التجارة الثنائية غير النفطية 4.2 مليارات دولار، فيما تواصل مسارها الصاعد بعدما سجلت 2.7 مليار دولار خلال النصف الأول من 2024 بنمو أكثر من 36.8% مقارنة مع ذات الفترة من 2023.

عمق العلاقات

يرى الكاتب الأردني جهاد المنسي، أن زيارة الرئيس الإماراتي جاءت في إطار "العلاقات القوية التي تربط البلدين والزعيمين"، وأنها "دللت على عمق العلاقات الأردنية الإماراتية، والحرص على توطيدها، بما يخدم مصالحهما ويعزز العمل العربي المشترك".

وحول أهمية هذه الزيارة في الجانب الاقتصادي، يشير إلى أنها خرجت بتوقيع اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين حكومتي البلدين، بهدف الارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، وتوفير فرص العمل.

وأكد لـ"الخليج أونلاين" أن توقيع الاتفاقية كان "نتاج استمرار لمسار طويل من العلاقات الاقتصادية المثمرة، وتوفر قاعدة واسعة من الفرص، لتنميتها في المستقبل".

ويشير إلى أنه "من المؤمل أن تسهم الاتفاقية في تحقيق رؤية البلدين المشتركة تجاه التنمية والازدهار الاقتصادي المستدام وفتح آفاق جديدة للتكامل الاقتصادي بينهما".

ولفت إلى توقيع اتفاقية أخرى تتعلق بـ"التعاون والمساعدة الإدارية المتبادلة في الشؤون الجمركية بين حكومتي البلدين"، فضلاً عن بحث "سبل التعاون الثنائي في الاقتصاد والاستثمار والتنمية المستدامة والأمن الغذائي والطاقة المتجددة".

أما في الجانب السياسي، فيقول إن الزيارة ذات أهمية كبيرة؛ لأنها جاءت "في الوقت الذي تشهد المنطقة التصعيد الأكبر والأشمل من قبل "إسرائيل" ضد دول المنطقة، وخروج تهديدات من قبل حكوميين إسرائيليين وتصريحات ضد دولها".

واعتبر أن الزيارة خرجت بتأكيد ثنائي من البلدين على "ضرورة تكثيف الجهود العربية والدولية لوقف الحرب على غزة ولبنان، وحماية المدنيين، وخفض التصعيد بالمنطقة، والتطرق لموقف البلدين الثابت تجاه وحدة لبنان وسيادته وسلامة أراضيه ووقوفهما مع الشعب اللبناني"، لافتاً إلى أن هذا التأكيد "هو إشارة واضحة ضد التصعيد الإسرائيلي".

التنسيق المشترك

تحرص قيادتا البلدين على مواصلة التنسيق والتشاور بشأن القضايا ذات الاهتمام المشترك، وحول التطورات الإقليمية والعالمية، بما يدعم جهود تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية المستدامة.

ويقول البلدان إنهما يتفقان في الرؤى حول القضايا العربية والإسلامية والإقليمية والدولية كافة، ولا سيما الأداء الدبلوماسي والسياسي في المحافل الإقليمية والدولية.

وترتبط الدولتان أيضاً بعلاقات عسكرية رفيعة المستوى، ترتكز على التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات والكفاءات العسكرية والأمنية، فضلاً عن المشاركة بفعالية في التدريبات العسكرية المشتركة، والمعارض التي تعقد سنوياً في كلا البلدين.

ويعمل الجانبان على تعزيز المشاركة والتنسيق بفعالية في الجهود والتحالفات العسكرية العربية المشتركة، للتصدي لخطر الإرهاب، والدفاع عن القضايا العربية، وفق ما يقوله الإعلام الرسمي في البلدين.