في 2025/03/18
كمال صالح - الخليج أونلاين
تواصل دولة الإمارات مساعيها لتثبيت أقدامها في القطاعات الواعدة مستقبلياً، كما هو حال قطاع الذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الرقمي، وأخيراً سوق "البلوكتشين".
أحدث تلك المساعي أثمرت عن توقيع اتفاق وصفقة تاريخية، استحوذت بموجبها شركة "إم جي إكس" الإماراتية الرائدة في مجال الاستثمار في الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة، على حصة أقلية في منصة "بينانس" الأمريكية.
الصفقة تمنح الشركة الإماراتية فرصة كبيرة لتوسيع نشاطها بهذا المجال، كما أنها تسهم في تحويل الإمارات إلى وجهة رائدة في سوق العملات المشفرة، والتي بلغت قيمتها السوقية قرابة 3.79 تريليونات دولار حتى منتصف يناير الماضي.
استثمار تاريخي
منصة "بينانس"، التي تعتبر أكبر منصة تداول للعملات المشفرة في العالم، أعلنت استثمار شركة "إم جي إكس" الإماراتية (13 مارس) بقيمة ملياري دولار، في أول معاملة استثمارية مؤسسية في تاريخ المنصة.
ووفق بيان "بينانس"، فإن هذا هو الاستثمار الأكبر في قطاع العملات المشفرة في العالم، وهو أيضاً أول استثمار في قطاع البلوكتشين والعملات المشفرة في تاريخ الشركة الإماراتية "إم جي إكس".
وبموجب الصفقة، فقد استحوذت "إم جي إكس"، على حصة أقلية في "بينانس"، ضمن استراتيجية الشركة الإماراتية لدعم الإمكانات التحويلية للبلوكتشين، وكذا دفع عجلة الابتكار في التقنيات الناشئة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، واقتصاد الأصول الرقمية.
وتعتبر "بينانس" أكبر منصة تداول عملات مشفرة بالعالم، وتعتبر أكثر المنصات أماناً وتنظيماً وموثوقية، ولديها الآن أكثر من 260 مليون مستخدم مسجّل، بحجم تداول تراكمي يتجاوز 100 تريليون دولار.
وتوظف المنصة العالمية حالياً قرابة 1000 موظف من إجمالي 5 آلاف موظف عالمي في الإمارات، ما يعكس التزام المنصة المتزايد بالاستثمار وتوفير خدماتها بالمنطقة.
وفي المقابل تسعى "إم جي إكس" التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها، إلى تعزيز حضورها في الولايات المتحدة، من خلال عقد صفقات، أو تعيين موظفين بارزين لإدارة شؤونها، كما أنها تساهم في مشروع للذكاء الاصطناعي أعلن عنه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قيمته 100 مليار دولار.
وتأسست شركة "إم جي إكس" الإماراتية في مارس 2024، ويشرف عليها مستشار الأمن الوطني في الإمارات الشيخ طحنون بن زايد، وتهدف لتحقيق أصول بقيمة 100 مليار دولار.
خطوة استراتيجية
ويشكل استثمار "إم جي إكس" في قطاع العملات المشفرة الواعد خطوة استراتيجية تتماشى مع التوجهات العالمية نحو تبني الأصول الرقمية، وفقاً للخبير الاقتصادي الدكتور عامل الشوبكي.
وقال الشوبكي في تصريح لـ"الخليج أونلاين": "استثمار المجموعة الإماراتية مبلغ ملياري دولار في منصة بينانس يعد خطوة استراتيجية تتماشى مع التوجهات العالمية نحو تبني الأصول الرقمية".
ولفت إلى أن هذا الاستثمار يعكس التزام الإمارات بتعزيز مكانتها كمركز عالمي للتكنلوجيا المالية والابتكار، كما أنه يبرز سعيها لتنويع اقتصادها بعيداً عن القطاعات التقليدية.
واستطرد قائلاً: "يعتبر هذا الاستثمار من أكبر الاستثمارات (المؤسسية) في قطاع العملات المشفرة، ويظهر الثقة المتزايدة فيه"، لافتاً إلى أنه يمثل اعترافاً من المؤسسات المالية التقليدية بأهمية العملات الرقيمة، وتقنية "البلوكتشين"، في مستقبل التمويل.
وأشار إلى تزامن هذا الاستثمار مع تبني الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة الرئيس ترامب دعماً واضحاً للعملات المشفرة وصناعتها، وهذا -وفق الشوبكي- يعزز من تبني هذه التقنيات على نطاق واسع.
تعزيز مكانة
ولفت الشوبكي إلى أن هذا الاستثمار الذي قامت به الشركة الإماراتية سيعزز مكانة الإمارات كمركز عالمي للابتكار، في التكنولوجيا المالية.
وتوقّع الخبير الاقتصادي أن يؤدي هذا الاستثمار إلى جذب مزيد من الشركات الناشئة والمستثمرين في مجال التكنولوجيا، مما يسهم في تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على القطاعات التقليدية.
واستطرد قائلاً لـ"الخليج أونلاين": "يشكل هذا الاستثمار إضافة نوعية إلى الاقتصاد غير النفطي، كما يمكن أن يسهم في خلق فرص عمل جديدة، وتطوير البنية التحتية الرقمية في الإمارات".
وأوضح الشوبكي أن التوجهات الإيجابية من قبل الإدارة الأمريكية تجاه العملات المشفرة قد تؤدي إلى مزيد من التعاون الدولي في هذا المجال.
ونوّه بأن استثمار الإمارات في قطاع العملات المشفرة يمثل خطوة مهمة "نحو تبني التقنيات الحديثة، وتعزيز الدولة كمركز رائد في مجال تكنلوجيا المالية والابتكار، مع الاستفادة من التوجهات العالمية الداعمة للعملات المشفرة".
صفقة أخرى
ويوم 13 مارس أيضاً، منحت سلطة دبي للخدمات المالية شركة "ريبل" رخصة لتقديم خدماتها المالية في مجال الدفع بالعملات المشفرة، الخاضعة للتنظيم في الإمارات، ليشكل ذلك إضافة لهذا القطاع الذي ينمو باطراد.
ويعتبر هذا أول ترخيص تحصل عليه شركة "ريبل" في الشرق الأوسط، كما أن هذه الشركة هي أول مزود في مجال خدمات المدفوعات القائمة على تقنية البلوكتشين يحصل على ترخيص من سلطة دبي للخدمات المالية.
وفي 6 مارس الماضي، أطلق بنك الإمارات دبي الوطني خدمة تداول العملات المشفرة عبر منصته الرقمية "ليف بنك"، من خلال شراكة مع شركة "أكوا ناو"، التي توفر حلولاً متقدمة لضمان أمان المعاملات.
ومنتصف أكتوبر 2024، منح مصرف الإمارات المركزي موافقة مبدئية لشركة "AED ستابل كوين" لإصدار عملتها الخاصة "AE Coin"، وبموجب الترخيص ستكون الشركة الكيان الأول في الدولة الذي يصدر عملة رقمية مستقرة بالدرهم الإماراتي.
واستقطبت الإمارات استثمارات بعشرات مليارات الدولارات، خلال عامي 2023 و2024، في قطاع العملات المشفرة، وفقاً لتقارير اقتصادية، بالشراكة بين القطاعين العام والخاص، والمناطق الحرة.
كما عززت منصات عالمية مثل "بيتباندا" و"بينانس" من وجودها في السوق الإمارتية، وهي شراكات تعكس رؤية الإمارات لتكون رائدة عالمياً في مجال العملات المشفرة، التي من المتوقع أن تبدأ الدولة بجني ثمارها ابتداءً من العام الجاري 2025.
ريادة إماراتية
وتعتبر الإمارات من بين أكثر الدول التي تتبنى وتستثمر في العملات المشفرة، وبحسب "هينلي آند بارتنرز" للاستشارات البريطانية، فإن الدولة الخليجية احتلت المرتبة الثالثة بعد سنغافورة وسويسرا في تبني هذه العملات، من حيث وضع القوانين المنظمة والبنية التحتية وتوفير التكنولوجيا في 2023.
وفي مايو 2024، حلّت الإمارات في المرتبة الأولى عالمياً بمعدل ملكية العملات المشفرة، وبنسبة 30% من إجمالي عدد السكان، بحسب تقرير مالكي العملات المشفرة الصادر عن موقع "visual capitalist".
وكان مركز دبي للسلع المتعددة أوضح، في أبريل 2024، أن قيمة معاملات الأصول المشفرة المسجلة في الإمارات بلغت 25 مليار دولار في عام 2022.