دول » الامارات

مخدّرات «داعش» الفكرية!

في 2015/10/02

سامي الريامي- الامارات اليوم-

تأثيرهم في العقول أشدّ بكثير من تأثير الأفيون والهيروين، إنهم يسلبون الشباب التفكير، ويحركونهم كالدُّمى عن بُعد، يُلقنونهم التعليمات لينفذوها حرفياً دون تفكير، إنهم بارعون في غسيل المخ، ووجدوا للأسف بيئة خصبة تُفرّخ لهم الضحايا، وجدوا الجهل بالدين، ووجدوا حماسة شباب لا يمتلك ثقافة ولا وعياً، ووجدوا وسائل اتصال مباشرة، تتيح لهم الدخول والتفرد بالعقول البشرية الصغيرة، لتُحولها إلى براميل متفجرة قاتلة!

تنظيم داعش، ووفقاً لخبراء مهتمين بهذا الشأن، يمتلك نحو 90 ألف صفحة باللغة العربية على «فيس بوك»، و40 ألف صفحة أخرى بلغات مختلفة.

مُرعبٌ ذلك الفيديو، ومُرعبة قصة ذلك المجرم القاتل، الذي لم ينبت شاربه بعد، كيف تمكن «الدواعش» من غسيل مخه، بتلك الدرجة التي أصبح فيها أصم وأعمى وقاسياً ووحشاً بشرياً لا يمتلك ذرة إحساس؟! كيف تم إقناعه هو وأخوه بأن الطريق إلى الله وإلى الجنة وإلى رضا الرسول، عليه الصلاة والسلام، يبدأ بقتل ابن عمه الأعزل؟! وكيف تم إقناعه بأن الضحية شخصٌ كافر؟! وكيف اقتنع بتكفير من عاش معه في بيت واحد، تربيا من منهل واحد، وصليا وصاما مع بعضهما بعضاً؟! كيف يصبح فجأة كافراً يستحق القتل؟! كيف يمكن لإنسان عاقل يمتلك ذرة من عقل أن يصدّق ذلك، وينفذ هذه الجريمة بدمٍ بارد؟! لاشك في أن التخدير بفتاوى غير حقيقية، وبالتلاعب بالدين وآياته، إذا اجتمعا مع الجهل وعدم الوعي، فإن التأثير يفوق في خطورته أشد أنواع المخدرات فتكاً بالعقل!

هذه الحادثة، وغيرها حوادث أخرى ما هي إلا دليل جديد على خطورة اللعبة القذرة التي يلعبها جيش تنظيم داعش الإلكتروني، والتي تتمحور في التحكم بعقول الشباب عن بُعد، والسيطرة عليها تماماً، واستغلال كل التقنيات الحديثة، ووسائل التواصل الاجتماعي، والمواقع والألعاب الإلكترونية للوصول إلى الشباب في أماكن وجودهم، والدخول من خلال هذه الوسائل إلى كل بيت من بيوت الوطن العربي، واستدراج الضحايا بأساليب احترافية ذكية للوصول إلى لحظة الصفر، التي يُسلّم فيها الضحية عقله ونفسه لهؤلاء المجرمين!

تنظيم داعش، ووفقاً لخبراء مهتمين بهذا الشأن، يمتلك نحو 90 ألف صفحة باللغة العربية على «فيس بوك»، و40 ألف صفحة أخرى بلغات مختلفة، متفوقاً بذلك على دول، وهو يستخدم هذه الإمكانات الرقمية لتنفيذ أربع نقاط خطيرة، هي: التجنيد، وجمع التبرعات المالية، وتنسيق التحركات العسكرية، وأخيراً تنفيذ الأنشطة التي تسعى إلى نشر فكر التنظيم بين زوّار مواقع التواصل الاجتماعي!

مجرمو «داعش» يمتلكون خبرة كبيرة في التعامل مع عقول الشباب وغسيلها وإعادة برمجتها، بما يتوافق مع فكر التنظيم، لذا فإن المواجهة معهم هنا في هذا الميدان أهم بكثير من مواجهتهم في ساحات القتال، فهناك يمكن حصر حركتهم، ويمكن قصفهم، لكن في الفضاء الإلكتروني يصعب جداً ذلك.

لا سبيل إلى هزيمة «داعش» إلكترونياً سوى بالتقرب أكثر وأكثر من الشباب ومن الأبناء، ونشر التوعية بينهم، بالإقناع لا بالتهديد والعقاب، والمسؤولية هنا جماعية، لن تنجح إلا بتضافر الجهود بين المؤسسات الأمنية والرياضية والاجتماعية وأولياء الأمور والمدارس، ومن دون هذا التكاتف لن يستطيع أحد إيقاف المخدرات الفكرية التي ينشرها «الدواعش» في الفضاءات الإلكترونية.