في 2016/07/15
وحيدة بين الدول العربية والخليجية تفردت الكويت بقانون البصمة الوراثية الذي أقره مجلس الأمة الكويتي، أواخر يونيو/حزيران، وهو ما تبنته السلطات منتصف العام الماضي بسبب التداعيات الأمنية، إلا أن المجتمع الكويتي بدا متخوفاً من مستقبل القرار على استقرار الأسر الكويتية.
تفجير مسجد الصادق في حي الصوابر في الكويت والذي وقع في 26 يونيو/حزيران 2015، أثناء أداء صلاة الجمعة، ونتج عنه مقتل ما لا يقل عن 27 شخصاً، وجرح 227 شخصاً على الأقل، كان سبباً كافياً للسلطات الكويتية لإقرار القانون.
ودخل القانون حيز التنفيذ مطلع يونيو/حزيران 2016، ويلزم كل الموجودين في الكويت، من مواطنين ومقيمين وزائرين، بإجراء فحص الحمض النووي "DNA"؛ لحفظها في قاعدة بيانات لدى وزارة الداخلية.
ويبرر القرار بأنه سيسهم في تسهيل إجراءات جمع الاستدلالات؛ للكشف عن الجرائم وتحديد مرتكبيها وسرعة التعرف على أصحاب الجثث المجهولة وأي حالات أخرى.
وينص قانون جمع البصمات الوراثية على إنشاء قاعدة بيانات بوزارة الداخلية، وحفظ البصمات الناتجة عن العينات الحيوية التي تتضمن الحمض النووي. وسيطبق القانون على مواطني الكويت البالغ عددهم 1.3 مليون شخص، والمقيمين الوافدين الـ2.9 مليون.
القانون ينص أيضاً على معاقبة من يرفض دون عذر إعطاء عينة البصمة الوراثية بالسجن سنة وبغرامة عشرة آلاف دينار كويتي، وبالسجن سبع سنوات لمن يعطي عينة مزورة.
وتعرف البصمة الوراثية بأنها إحدى وسائل التعرف على الشخص عن طريق مقارنة مقاطع من الحمض النووي.
كما تعتبر أهم تقدم للبشرية ضمن مجال البحث الجنائي من أجل محاربة الجريمة. ويحتاج المحققون لتحديدها إلى العثور على دليل بشري في مكان الجريمة؛ مثل: العرق، السائل المنوي، الشعر، اللعاب.
- المجتمع الكويتي يتحسس
يُنتقد القانون من قبل كويتيين؛ بسبب سرعة إقراره خلال فترة زمنية قصيرة جداً لم تسمح بالدراسة الكافية له، واعتبره مراقبون ردة فعل على العمل الإرهابي، تمس في الوقت نفسه خصوصية سكان الدولة ورابطتهم الأسرية من دون توجيه تهم لهم أو وجود جريمة.
المحامي الكويتي عادل عبد الهادي يعتزم تقديم طعن على القانون، ويقول في تصريحات صحفية: "لقد وقع جدل في أنحاء دول العالم كافة حول مدى شرعية استخدام فحص البصمة الوراثية ضد المشتبه بهم في الجرائم، وكان هناك نقاش واسع بهدف الموازنة ما بين خصوصية المشتبه به ودواعي تنفيذ القانون وحفظ أمن الدول، وتوصل النقاش إلى أنه حيث أن فحص البصمة الوراثية ينطوي على تدخل جسدي على المخطط الوراثي للفرد؛ فإنه يعد مثيلاً لتفتيش شخص أو دخول منزله دون وجود إذن أو أمر قضائي مسبق، وفي هذا انتهاك كبير لحقوق الفرد ومبدأ الخصوصية".
ويستشهد عبد الهادي بالولايات المتحدة الأمريكية، في أنها بعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول 2001، ومقتل 5 آلاف شخص، وإسقاط طائرات مدنية، وضرب رموز أمريكا الاقتصادية، "فإن البيت الأبيض والكونغرس وخلال إعداد قانون (PATRIOT ACT) اتفقا، من الناحية الإنسانية والأخلاقية، على عدم طرح موضوع جمع البصمة الوراثية بشكل عشوائي، أو فرضها على المقيمين وزائري الأراضي الأمريكية".
من جهته يقول مدير إدارة المختبرات الجنائية سابقاً، ومؤسس البصمة الوراثية في الكويت، بدر الخليفة: إن "ما أثار مخاوفنا حول القانون عدم صدور لائحته، وربط تنفيذه بالحصول على الجوازات الإلكترونية"، مشدداً على "أهمية أن تكون هناك ضمانات بعدم استخدامه للتعرف على الأنساب"، بحسب صحيفة الراي.
ويتساءل: "هل أقر القانون لأغراض أمنية أم اجتماعية، وهل سيستخدم للتعرف على الأنساب وأغراض الجنسية؟"، مؤكداً أن للبصمة أضراراً كبرى وبالإمكان استخدامها للكشف عن أسرار الأفراد الشخصية.
ويدافع الوكيل المساعد لشؤون الجوازات في الكويت، اللواء مازن الجراح، بتأكيد أن المصلحة العامة والعليا للبلاد تقتضي تطبيق القانون على كل من يعيش على أرض الكويت، و"القانون جاء لحماية الناس ولمصلحتهم، وهو محكوم ببنود لا يمكن تجاوزها، فمثلاً لا يمكن فحص البصمة الوراثية لمعرفة الأب والأم إلا بموافقة النيابة العامة أو بطلب من المحكمة"، بحسب صحيفة القبس.
ويؤكد أن تعليمات النائب الأول لرئيس الوزراء وزير الداخلية، محمد الخالد، تشدد على أن أمن الكويت "خط أحمر"، و"لذلك فإن تطبيق القانون يهدف الى حماية الكويت وسكانها أولاً وأخيراً، وسيكون التطبيق على الكبير والصغير بلا استثناء".
يبدو القانون إذن سائراً على طريق التطبيق وإلزام سكان الدولة، وهو ما يفتح أسئلة حول كيفية وخطوات تنفيذه في مجتمع يعارض مثل تلك الطرق في مكافحة الجريمة؛ ما سيوقع السلطات بين ضغط المخاوف الأمنية وسبل علاجها، وحساسية المواطنين ورفضهم.
وكالات-