في 2017/01/28
حتى نتمكن من الحكم على أداء المجلس بأنه سيئ أم جيد، يجب علينا أولاً أن نضع معياراً ومسطرة لقياس هذا الأداء. فإن كان الانجاز تبعاً لهذه المسطرة جيداً، حكمنا عليه بأنه مجلس انجاز، وإلا فهو غير ذلك مهما حاول النواب تلميع صورته.
من المبكر الحكم على المجلس الحالي بأنه مجلس إنجاز مقارنة بمجالس سابقة، كونه جديداً ولم يمارس اعماله الا منذ شهر ونصف الشهر تقريباً. لذلك وبدلاً من إلقاء الكلام هكذا بلا دليل، يجدر بالمجلس أن يلتفت إلى المعيار الذي يجب أن يستخدمه ليقيس على أساسه الإنجاز. فأول وأهم معيار لقياس كفاءة المجلس قدرته على مقارعة الفساد والحد منه أو القضاء عليه. تعلمون أننا هذه الأيام نعيش أجواء مؤشرات الفساد التي أعلن عنها رئيس جمعية الشفافية الكويتية الدكتور فهد الراشد والمستويات المتدنية التي حققتها الكويت بالنسبة لهذا المعيار، والشيء نفسه كشفت عنه منظمة الشفافية الدولية في تقريرها الأخير، حيث تراجعت الكويت 20 مركزاً في العام السابق مقارنة بالعام الذي قبله (2015). لذلك يجب أن يأخذ المجلس في الاعتبار هذه المقاييس والمؤشرات كي يُثبت أنه أنجز على هذا السلم وقدّم للمجتمع شيئا ذا قيمة.
كذلك يمكننا أن نقيس انجاز مجلس الأمة، بالنسبة لمعيار التعليم والاختبارات الدولية التي تشارك بها الكويت. فبحسب رئيس لجنة الميزانيات السيد عدنان عبدالصمد، فإن الكويت صرفت ما يزيد على 15 مليار دينار على هذا القطاع، مقابل مخرجات تعليم سيئة ليست بالمستوى المطلوب. وأشارت النائبة صفاء الهاشم، التي تصف المجلس بأنه «مجلس نمور»، إلى الموضوع نفسه، وذكرت أنه يوجد ما يزيد على 8000 متعثر في البعثات الخارجية وقاصرين عن استكمال دراستهم.
ولمناسبة هذه المصاريف الضخمة، تعلق إحدى الصحف بأننا نصرف ميزانيات تعادل ما تصرفه الإمارات وفنلندا، لكن بمخرجات تعليم تنافس زيمبابوي! فلو كان المجلس بالفعل يحمل نَفَساً إصلاحياً ويطمح للإنجاز، فعليه تغيير هذا الواقع المأسوي ويبدأ بوضع تشريعات تعالج هذا التدهور الخطير في البنية التحتية للعنصر البشري الكويتي وينطلق بمحاسبة المسؤولين ومراجعة المناهج ومحاربة الدكاكين والشهادات المزورة ووضع لجان مهنية أكاديمية لضبط جودة التعليم. وعلى ما أعتقد لو أن المجلس صرف جُل وقته وقضى مدته الدستورية بالكامل لتنظيف التعليم، لما كان في ذلك حسرة ولا خسارة! فالأمر يستحق هذا المستوى من التعب لما له من آثار مدمرة فيما لو تُركت الامور على ما هي عليه.
وايضاً الإصلاح الاقتصادي يعتبر من القضايا البديهية التي يجب أن يلتفت إليها المجلس. لا يكفي المجلس أن يقدم تشريعات «شعبوية» كتلك المقدمة من البعض والتي جُل همها نغنغة المواطن ورسم الابتسامة على محياه! فقبل هذه الخطوة توجد خطوات متعددة منها، الحد من الإسراف وحالات التعدي على المال العام بحجج متنوعة، واسترداد أموال الدولة المستحقة على الأفراد والشركات، إلى جانب تشريعات لتنشيط دور القطاع الخاص بالاقتصاد. فمثلاً، ماذا سيفعل هذا المجلس حيال تصريح وكيل وزارة الكهرباء بوشهري بأن الكويت ستحرق مليون برميل للكهرباء في 2035 في حال استمر الاستهلاك على ما هو عليه!
عموماً لا نريد من النواب سوى ترك البهرجة والتفرغ للإنجاز الحقيقي، وإلا فقد قال أعضاء مجلس 2013 بمجلسهم ما لم يقله مالك بالخمر مع أنه لم يكن سوى الجيب الجانبي للحكومة!
د. حسن عباس- الراي الكويتية-