متابعات
في ظل العلاقات القديمة المتجددة والمتنامية بين الكويت والهند، تأتي مساعي البلدين لدفعها بقوة أكبر، بحسب ما أكده رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، خلال زيارته الأخيرة إلى البلد الخليجي، وهي أول زيارة من نوعها منذ أكثر من أربعة عقود.
مودي أعرب عن تطلع بلاده إلى الارتقاء بالعلاقات الثنائية مع الكويت إلى مستوى شراكة استراتيجية، وهو ما تحقق خلال زيارته، مبيناً أن رؤيتي البلدين لتحقيق النهضة التنموية تحملان كثيراً من المشتركات.
كما يشير إلى العلاقات التاريخية التي تربط البلدين، لافتاً إلى أن التجارة كانت وراء تطور هذه العلاقة، بحسب وكالة الأنباء الكويتية (كونا).
تتطلع نيودلهي -وفق مودي- إلى رفع مستوى علاقاتها مع الكويت في مختلف المجالات، وضمن ذلك الدفاع والتجارة والاستثمار والطاقة، وقال: "حققنا الكثير معاً، لكن آفاق شراكتنا لا حدود لها، وأنا متأكد من أن هذه الزيارة ستمنحها زخماً جديداً".
ولفت إلى أن الدولة الخليجية تضم أكثر من مليون مواطن هندي، وأن العديد من الشركات الهندية تنفذ مشاريع في مجال البنية التحتية وتقدم خدمات في مجالات متعددة بالدولة الخليجية، إضافة إلى ضخ الكويت استثمارات كبيرة في الهند.
التعاون بين البلدين في قطاعات الأدوية والصحة والتكنولوجيا والرقمنة والابتكار والمنسوجات سيشهد توسعاً، بحسب مودي.
خلال هذه الزيارة الاستثنائية تم التوقيع على مذكرة تفاهم بين الكويت والهند في مجال الدفاع للفترة 2025-2029، وبرنامج تبادل ثقافي وبرنامج تنفيذي للتعاون في مجال الرياضة، إضافة إلى اتفاقية إطارية لإنشاء التحالف الدولي للطاقة الشمسية.
علاقات تاريخية
تُعد العلاقات بين الكويت والهند نموذجاً للتواصل الاقتصادي والثقافي الذي يمتد لعقود طويلة، والتي تعكس عمق التبادل الحضاري والتجاري بين منطقتين شهدتا تعاوناً مثمراً منذ عصور ما قبل النفط وحتى الوقت الحاضر.
ومنذ كانت التجارة البحرية تربط منطقة الخليج بشبه القارة الهندية؛ شكلت الكويت مركزاً تجارياً هاماً، حيث تبادل التجار الكويتيون والهنود السلع مثل التوابل، واللؤلؤ، والتمور، وساهمت هذه التجارة في بناء علاقات وثيقة قائمة على المنفعة المتبادلة.
مع اكتشاف النفط في الكويت، منتصف القرن العشرين، شهدت العلاقات بين البلدين تحولاً نوعياً، حيث أصبحت الهند شريكاً رئيسياً في قطاع الطاقة، من خلال استيراد النفط الكويتي لتلبية احتياجاتها المتزايدة.
وساهم العمال الهنود في بناء البنية التحتية للكويت، مما عزز الروابط البشرية والاقتصادية، وباتت الهند واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للدولة الخليجية.
وبين البلدين اتفاقيات تعاون في قطاعات مختلفة، ساهمت في تحقيق تطور مستدام يخدم المصالح المشتركة ويعزز مكانة البلدين على الساحة الدولية.
تعاون واتفاقيات وإنجازات
العديد من المؤشرات التي تصدر عن البلدين تؤكد مدى قوة العلاقة بينهما، ويبرز من بينها:
مستوى التبادل التجاري الثنائي 13 مليار دولار.
الكويت تاسع أكبر مورد للنفط إلى الهند بنسبة تصل إلى قرابة 3% من احتياجاتها.
أكثر من مليون هندي في الكويت بينهم كفاءات في تخصصات عدة يستحوذون على 30% من إجمالي العمالة فيها.
صدرت الهند إلى الكويت بضائع بنحو ملياري دولار في 2023.
شملت الصادرات الهندية سيارات ومعدات اتصالات ومواد غذائية مثل الأرز.
الهند أصدرت 6 آلاف تأشيرة سياحية لكويتيين خلال 2024.
عدد كبير من الشركات الهندية تعمل في الكويت ونفذت مشاريع كبرى.
تستثمر الشركات الكويتية في مشروعات بالهند مثل الطرق والطاقة.
إجمالي الاستثمار المباشر الكويتي في الهند يبلغ 10 مليارات دولار حتى مارس 2023.
قدّمت الكويت قروضاً قدرها مليار دولار لثمانية مشاريع بالهند في قطاعات الصناعة والطاقة والزراعة وصيد الأسماك.
في 4 ديسمبر الجاري وقع البلدان مذكرة تفاهم لإنشاء لجنة مشتركة للتعاون الثنائي بين البلدين.
منافع للخليج والهند
على الرغم من تحول العلاقة بين الهند والكويت إلى "شراكة استراتيجية"، فإنها ستعود بالنفع بشكل عام إلى دول الخليج أيضاً؛ لما تمثله الهند من قوة اقتصادية وقدرات بشرية خلاقة في مختلف المجالات.
ذلك ما ذهب إليه الخبير الاقتصادي د. نمر أبو كف في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، ويلفت إلى وجود العديد من المعطيات التي تؤشر على أن العلاقات ما بين دول الخليج والهند ليست علاقة عابرة بل متجذرة، مبيناً:
الهند أكبر دولة في النمو الاقتصادي بالمنطقة، وتملك إمكانيات تجعلها رقماً صعباً في الاقتصاد العالمي.
تملك الهند العديد من الموارد، ولديها قدر تصديرية عالية.
في الهند عدد كبير من الطاقات والخبراء والفنيين والعمالة الهندية الأولى في الخليج.
تملك الهند ميزة القرب من دول الخليج ما يسهل الشحن البحري.
دول الخليج تسعى إلى عدم الاعتماد على الغرب وأمريكا في وارداتها، والهند بديل جيد.
رئيس وزراء الهند أجرى 7 زيارات إلى الخليج خلال السنوات الـ 10 الأخيرة.
كل ما تحتاجه دول الخليج في جميع القطاعات يمكن أن توفره الهند.
الهند تعتمد على دول الخليج في مجالات عديدة أهمها النفط.
الإمارات ثاني أكبر دولة تصدر إلى الهند بعد الصين.
حجم التبادل بين الهند ودول الخليج يلامس 200 مليار دولار.
الهند لديها رغبة كبيرة في تنويع التصدير، والسوق الخليجية كبيرة جداً لاستقبال العمالة والمنتجات الهندية.
الهند تتجه لتكون واحدة من بين أكبر خمسة اقتصادات في العالم، وأعتقد أنها ستحقق ذلك خلال سنوات قريبة.
الهند والصين تتنافسان للاستحواذ بشكل أكبر على الأسواق الخليجية الهامة والجذابة.