جاءت الزيارة الرسمية التي قام بها الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي إلى الدوحة، والتي استغرقت ثلاثة أيام، بداية من يوم الثلاثاء 16مايو ولغاية الخميس 19 مايو الجاري، تلبية لدعوة من حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في إطار تمتين العلاقات الثنائية التونسية - القطرية في المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية والثقافية. كما أنها أتت في إطار تصور جديد لعلاقات تونس مع دول مجلس التعاون الخليجي بشكل عام، ومع دولة قطر بشكل خاص.
وكان وزير الشؤون الخارجية التونسي، خميس الجهيناوي، وصف الزيارة بـ«التاريخية»، مؤكدًا أن دولة قطر كانت من أولى الدول الداعمة للثورة التونسية، و«لها مكانة خاصة لدى تونس، حيث أسهمت بشكل كبير في دعم مسار التنمية وعملية الانتقال الديمقراطي، ومواجهة الإرهاب، التي تتطلب إمكانات كبيرة، إذ لا يمكن أن تجابهه دولة بمفردها»، مثنيا على ما تقدمه قطر لتونس «في سبيل مجابهة التحدي الكبير، ألا وهو البطالة، حيث يقدر عدد العاطلين من العمل في تونس بأكثر من 600 ألف عاطل، من بينهم 242 ألفا من حاملي الشهادات العليا، وذلك من خلال مشاريع الاستثمار المتنوعة التي أحدثتها في تونس بعد الثورة».
وأثنى سعادة سفير دولة قطر بتونس السيد عبدالله بن ناصر الحميدي على تطور العلاقات التونسية القطرية، إذ ترتبط دولة قطر بعلاقات وثيقة ومتميزة مع تونس في العديد من المجالات السياسية والاقتصادية، والتي انطلقت حتى قبل سنة 1974 تاريخ إنشاء أول سفارة لدولة قطر بتونس. فالعلاقات بين تونس ودولة قطر هي علاقات عريقة جذورها ثابتة ترعاها أخوة متجذرة بين الشعبين على كل المستويات وتشمل كافة المجالات وما يمتنها أكثر فأكثر هو توافر إرادة فعلية لدى القيادتين القطرية والتونسية على مزيد دعمها بما يكفل لها تحقيق الأهداف المشتركة المنشودة سواء على الصعيد الاقتصادي أو الثقافي أو السياسي.
وتحظى الشراكة الاقتصادية بين تونس وقطر بأهمية كبيرة، لاسيَّما أن قطر تُعَدُّ المستثمر الثاني عالميًا في تونس بحجم استثمارات بلغ 2.1 مليار دينار، أي ما يعادل مليار دولار عام 2014، كما توفر المشاريع القطرية في تونس قرابة 900 موطن عمل. وهنالك سعي لتمتينها أكثر بعد أن افتتحت الوكالة التونسية للنهوض بالاستثمار الخارجي مكتبا لها في دولة قطر كنقطة اتصال لجذب المستثمرين القطريين إلى تونس. كما أن قطر بصدد تنفيذ أكثر من مشروع في تونس منها منتجع تـوزر الصحراوي باستثمارات تناهز 80 مليون دولار، وبناء ميناء ترفيهي «مارينا» في مدينة المهدية، ومشروع استثماري بسبخة «بن غياضة» بالمهدية، وتحويل محطة القطارات في مدينة سوسة إلى مدينة ترفيهية متكاملة باستثمارات تقدّر بنحو مليار دولار، ومشروع لتكرير زيوت المحركات في تونس باستثمارات بنحو 20 مليون دولار. ومن دون نسيان الدور الكبير الذي يلعبه صندوق الصداقة القطري في تمويل المشاريع الصغرى والمتوسطة، وقد حقق الصندوق نجاحات كبيرة في تأهيل الشبان التونسيين الراغبين في بعث مشاريع خاصة حيث خلق خمسة آلاف فرصة عمل مباشرة و14 ألف فرصة بشكل غير مباشر، كما أن تمويلاته مكنت من إنشاء ألف شركة جديدة. فقد بلغ مجمل استثمارات الصندوق منذ إنشائه قبل قرابة الثلاث سنوات نحو 80 مليون دولار، وهو يطمح إلى تحقيق خمسين ألف فرصة عمل جديدة. ولقطر مشاريع وشراكات أخرى عديدة في مجالات الفلاحة والاتصالات والسياحة وغيرها. كما أن اليد العاملة التونسية محل تبجيل في قطر وهي حاليا تقارب 20 ألف شخص وهنالك رغبة قوية لدى أمير قطر لإيصالها إلى 35 ألف شخص.
ويجمع الخبراء أن زيارة الرئيس التونسي اكتست طابعًا اقتصاديًا، لاسيَّما أن الباجي قائد السبسي كان مرفوقًا بوفد كبير من رجال الأعمال التونسيين، وجمعته لقاءات مع غرفة الأعمال القطرية.و يشار في هذا السياق إلى أن التبادل التجاري بين البلدين شهد ارتفاعا ملحوظا، إذ حققت الثلاثة الأشهر الأولى من سنة 2016ما يوازي 70% من حجم التبادل خلال سنة 2015 بأكملها. وتمثل الاسمنت، ومواد البناء، والأدوات الكهربائية، أبرز الصادرات التونسية إلى قطر، فيما تصدر قطر مواد بترولية أولية إلى تونس.
وتمثل زيارة الباجي إلى قطر، خطوة مهمة في تطوير العلاقات بين تونس والدوحة، في مختلف المجالات.
توفيق المديني - الشرق القطرية-