تفاجأ عدد من المواطنين القطريين بمنعهم من السفر إلى خارج البلاد عبر مطار حمد الدولي أو منفذ ابوسمرة، وذلك بسبب وضع اسمائهم على قائمة أمر بالمنع من السفر من القضاء المدني استناداً إلى ما ورد في قانون المرافعات المدنية والتجارية من قواعد نص عليها الباب الثالث من الكتاب الثالث في المواد 405، 406، 407 من القانون الذي نظم اجراءات منع المدين من السفر. وقال قانونيون ان هناك مواطنين تم منعهم من السفر بسبب ديون أو غرامات لا تتعدى 1000 ريال، مؤكدين ان المحاكم اصدرت في الماضي قرارا يطالب به القضاة بعدم الاسراف في قرارات المنع من السفر.
واضافوا خلال استطلاع رأي لـ«الوطن» ان عدم استخدام المحاكم لوسائل تكنولوجية حديثة يتسبب في احراج المواطنين لانه كان من الأولى أن يقوم بابلاغ المواطن فور صدور مثل تلك القرارات ضده قبل ان يتكلف تذاكر سفر وحجوزات ويتم إحراجه في المطار أمام افراد اسرهم بسبب ديون بسيطة أو غرامات لا تتجاوز سعر تذكرة السفر حتى.
واوضحوا انه لا يوجد مواطن يريد الفرار من البلاد لان جميع مواطني دول العالم يريدون المجيء إلى قطر ولذلك لن يوجد مواطن يريد الفرار منها أو يهرب امواله للخارج، مطالبين بتواجد مكتب للنيابة العامة في المطار حتى يحل مثل تلك المشاكل سريعا.
هذا وينص قانون المرافعات في المادة 405 للدائن أن يطلب من قاضي التنفيذ أن يأمر بمنع مدينه من السفر، إذا قامت أسباب جدية يخشى منها فرار المدين من الخصومة أو تهريب أمواله، ويجوز للمدين التظلم من الأمر وطلب إلغائه إذا أودع خزانة المحكمة قيمة الدين، أو قدم به ضماناً كافياً، أو وجدت أسباب قوية تدعو لإلغائه.
كما نصت المادة 406 بأنه يطلب الأمر بالمنع من السفر بعريضة مسببة، ويتبع في استصداره والتظلم منه القواعد والإجراءات المنصوص عليها في الباب التاسع من الكتاب الأول من هذا القانون، كما نصت المادة 407، بانه لا يخل صدور الأمر بالمنع من السفر بسلطة الإدارة في إنهاء إقامة المدين غير القطري أو أمره بمغادرة البلاد أو إبعاده، إذا اقتضى ذلك الصالح العام.
أمر معيب
فى البداية قال الدكتور يوسف الزمان الخبير القانوني والمحامي أن المنع من سفر يأتي بطلب المدين في الديون المدنية والتجارية وغيرها من الديون المترتبة في ذمة الشخص لمصلحة الدائنين ولجوء البعض من هؤلاء إلى الطلب من قاضي التنفيذ أن يأمر بمنع مدينيهم من السفر، اذا قامت أسباب جدية يخشى منها فرار المدين من الخصومة أو تهريب.
واضاف في اعتقادي الخاص أنه لم يثبت حتى الآن أن مواطناً قطرياً واحداً يفكر في الهروب من البلاد أو يقوم على تهريب أمواله للخارج بقصد الفرار من خصومة مدنية أو تجارية.
وأكد ان هناك عشرات من أوامر المنع من السفر تصدر على مواطنين قطريين يفاجؤون في المطار بأن مسؤول الجوازات يبلغهم بوجود أسمائهم على قائمة الممنوعين من السفر وأنه ممنوع من السفر، ويضطر هذا المواطن للعودة بعد أن يكون قد استعد للسفر وصرف الوقت والاموال على شراء تذاكر السفر وعمل حجوزات الفنادق أو المستشفيات ان كان سفره للعلاج. واضاف ان جميع الاجراءات تتخذ دون علم المواطن الممنوع من السفر، إلى أن يستقر اسمه على قائمة الممنوعين من السفر، وعند سفره سواء من المطار أو نقطة الحدود يتم تبليغه بأمر المنع من السفر وهذا أمر معيب والسبب في ذلك أن عدم استخدام المحاكم للاجهزة الحديثة وابلاغ المواطن بما يتخذ ضده من اجراءات سبب المشكلة من البداية.
مكتب للنيابة في المطار
من جانبه دعا المحامي محمد ماجد الهاجري إلى إعادة النظر في ضوابط المنع من السفر على المواطنين لما يشكله ذلك الإجراء من خطورة على سمعة ومصالح المواطنين، لافتا إلى ضرورة أن تكون هناك مبررات قوية للمنع من السفر مثل أن يكون ارتكب جريمة كبرى، وأن تستند على حكم نهائي بات، وليس حكما صادرا من محكمة أول درجة.
وأكد ان اصدار قرار المنع من السفر فور صدور حكم اول درجة خاطئ ومسألة خطيرة جدا، ويجب أن يراعيها قانون المرافعات المدنية والتجارية في تعديل ضروري، فمسألة منع السفر وجدت إذا كان المحكوم عليه قد يبادر إلى تهريب أمواله أو يهرب إلى خارج البلاد، وهذه المسألة نادرة الحدوث بالنسبة للمواطنين، ولم أر مواطنا قطريا قد اتخذ هذا المسلك.
وأضاف: مسؤولي المحاكم سابقا اتخذ قرارا: بأنه لا يجوز اتخاذ قرار منع السفر للمواطن القطري إلا في أضيق الحدود جدا، لان هذا المواطن لا يستطيع نقل امواله الثابتة إلى خارج قطر أو يهرب من بلده لانه موطنه ولا يستطيع أن يهرب إلى أمد الدهر، لذلك قام بالتنبيه إلى السادة القضاة النظر في هذه المسألة، لانه لا يجوز المنع من السفر وأيضا التنفيذ إلا بعد صدور حكم نهائي وقاطع.
وقال ان المسالة الثانية التي اتحدث عنها لماذا لا يتم ابلاغ المواطن بمنعه من السفر فور صدور القرار ولماذا يتم احراجه في المطار، قائلا ان السبب في ذلك هو عدم استخدام المحاكم التكنولوجيا للوصول للمواطن وابلاغه بما ورد عليه من قرارات.
ويرى الهاجري إلى ضرورة وجود مكتب للنيابة العامة في المطار وكذلك لمحكمة التنفيذ يكون عملها يتلخص في حل تلك المشاكل وخاصة ان هناك مواطنين تم منعهم من السفر لمبالغ لا تتعدى 5 آلاف ريال، لافتا انه لا يفضل أن يتخذ قاضي التنفيذ إجراء المنع من السفر إلا بعد صدور حكم نهائي قاطع أي بعد انتهاء جميع مراحل الدعوة، وأيضا مسألة منع السفر نرجو إعادة النظر فيها ولا يتم اتخاذها الا اذا ثبت باليقين بأن هذا المواطن قد يقوم بتهريب أمواله أو الهروب.
التكنولوجيا في المحاكم
وفى سياق مواز قال المحامي حمد الكبيسي ان المشكلة ليست في اصدار قرار المنع من السفر ولكن المشكلة في اصدار قرارات وعدم ابلاغ المواطن بها وهذا المتسبب به المحاكم لانه لا يتم استخدام التكنولوجيا ووجود عناوين واضحة للمواطنين كما هو في الدول المجاورة. واوضح أن قرارات المنع من السفر عقوبة نفسية واجتماعية للمواطن طوال فترة سير الدعوى الجنائية في المحاكم، ويرفع المنع بقرار من القاضي إذا كان لا يؤثر على مجرى سير الدعوى أو في حالات إنسانية يقدرها قاضي الموضوع. وأوضح أنّ هذا الإجراء يؤخذ بحق المتهم لضمان عدم هروبه واننا لم نر مواطنا يترك قطر ويهرب، وايضا للحفاظ على أدلة الجريمة، مبيناً أنه يقلل من الوقت الذي تستغرقه الدعوى الجنائية في المداولة. وأضاف أنه يحظر السفر أيضاً على الشاهد إذا كان أساسياً في القضية، وإذا كان غيابه يؤثر على مجرى العدالة. وأكد أن المشرع أعطى المحكوم عليه الحق في التظلم من قاعدة شمول الحكم بالنفاذ المعجل وذلك بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى. ويجوز لمحكمة الاستئناف أن تأمر بوقف النفاذ المعجل إذا رأت أن الحكم مرجح الإلغاء، أو إذا كان يخشى من تنفيذه وقوع ضرر جسيم يتعذر تداركه ويجوز لها إذا أمرت بوقف النفاذ المعجل أن توجب تقديم كفالة، أو أن تأمر بما تراه كفيلاً بصيانة حق المحكوم عليه.
لوم للمواطنين
والتقط المحامي حواس الشمري طرف الحديث ليؤكد انه «قبل أن ألوم الاجهزة الرسمية على اصدار قرارات منع من السفر بحق المواطن بسبب دين قليل أو غرامة فانني ألوم المواطن الذي لابد ان يتابع ما عليه من قرارات مثل المنع من السفر ويتابع جميع القضايا ومشاكله».
وقال إن قضايا المنع من السفر تشكل أمرا خطيرا على المجتمع خاصة على المواطنين من رجال الاعمال والمستثمرين
واوضح أن إجراء منع السفر تصدر بحق المتهمين في قضايا القتل والمخدرات والاختلاس حتى يضمن حق المجتمع في محاكمة عادلة وهذا امر جيد، اما ان يتخذ القرار بسبب دين فهذا ما نريد إعادة النظر فيه. وتحدث الشمري عن عدم اعلان الخصوم بالقرارات، قائلا ان عدم اعلان الخصم قد أضحى مجالا خصبا لتعطيل الفصل في الدعاوى، وأصبح القانون بوضعه الحالي معرقلا لسير الخصومة ويعطي المدعى عليه فرصة لكسب الوقت ولإطالة أمد التقاضي إذ الأمر لا يتوقف عند حد الغياب في الجلسة الأولى وإعادة الإعلان، بل إنه لو حضر في الجلسة التالية يكون له الحق في طلب التأجيل للرد أو لتوكيل محام.