كنت مع بعض الأصدقاء في أحد المجالس، وكان الحديث يدور حول المخالفات المرورية وقيمتها، وهو موضوع تجده مطروحاً باستمرار في المجالس. وفي أثناء النقاش، قال أحد الأصدقاء: إن الهدف الرئيسي من المخالفات المرورية هو زيادة دخل إدارة المرور، وليس ضبط القانون وضمان أمان السائقين ومستخدمي الطريق! فسألته: هل هذا الذي تقوله حقيقة أم رأي؟ فلم يعرف معنى السؤال، فسألته إن كانت هذه المعلومة هي حقيقة استقاها من مصادرها الصحيحة، أم مجرد رأي لأحد الذين تراكمت عليهم المخالفات؟ فتضايق الصديق من السؤال واعتبره إهانة له وتسفيه لرأيه!
من أهم مهارات التفكير الناقد والمنطقي هو التمييز بين الحقيقة والرأي.
فالحقيقة هي أمور حدثت بالفعل، وتحتوي على أرقام ومعلومات واضحة ودقيقة ولها مصادر موثقة. بينما الرأي فهو عبارة عن تفسير، أو تنبؤ، ويختلف باختلاف الأشخاص.
فعندما نقول إن الشمس أكبر من القمر، فهذه حقيقة، ولكن عندما نقول أن عصير الفراولة أطيب من عصير الموز، فهذا رأي، وقد يختلف عليه الناس.
ونتيجة الخلط وعدم التمييز بين الحقيقة والرأي قد تكون كبيرة ومؤثرة في حياتنا وقراراتنا، فكم من طالب رفض دراسة الهندسة لأنه سمع أنها صعبة جداً، وكم من شخص رفض شراء سيارة معينة لأنهم أخبروه أنها تتعطل كثيراً، وكم من مدير في جهة حكومية قرر شراء أنظمة بدلاً من أخرى لأن الأنظمة الأخرى سيئة (بالرغم من عدم تجربتها).
لكل شخص آراء في أمور كثيرة في الحياة، فالسؤال هنا كيف تكون هذا الرأي لديه؟ هل هو نتيجة الخبرة والتجربة؟ أم نتيجة انطباعات شخصية ليس لها أي أساس علمي ولا تجربة عملية؟
خالد العماري - الشرق القطرية-