دول » قطر

تساؤلات يثيرها اعتراف عبد الله بن علي.. من كان يكتب باسمه؟

في 2018/01/20

الخليج أونلاين-

مفاجأة ثانية فجّرها الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني، عن قصة احتجازه في أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، إذ كشف عن "خفايا محاولة انتحاره"، ودور ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، في ذلك.

صحيفة "الشرق" القطرية نشرت تسجيلات صوتية لعبد الله آل ثاني، قالت فيها إنه قام "بتسجيل هذه الاعترافات في 15 يناير، وذلك بعد يوم من بث فيديو تحدث عن احتجازه من قبل محمد بن زايد، وهو ما يعني أنه قام بتسجيلها في أبوظبي".

وذكر الشيخ عبد الله أن الأزمة الخليجية قائمة على رغبة ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي الحصول على ثروة قطر، داعياً القطريين إلى المحافظة على السلطة في بلادهم، وعدم تخريب بلادهم من أجل الأموال.

وكشف أنه "تعرّض لضغوط شديدة وتهديد مستمرّ للرضوخ لمؤامرة بن زايد وبن سلمان، إلا أنه رفض"، واصفاً الأمير محمد بن سلمان بأنه "شخص مخادع".

لكن رغم هذه التسجيلات الأخيرة له، فإن هناك تساؤلات عدة؛ أبرزها سبب توجهه إلى السعودية في أغسطس الماضي، هل كان بمبادرة منه لأسباب شخصية، أم تم توجيه دعوة له ثم احتجازه؟ كما جرى مع مسؤولين عرب آخرين كسعد الحريري وأحمد شفيق، الأمر الذي يعني أنه كان ضحية لمؤامرة وخديعة من دول الحصار، بحسب بعض السيناريوهات.

وخلال الفترة التي أعقبت حصار قطر، حظي الشيخ عبد الله بن علي باهتمام السلطات السعودية، التي حاولت إقحامه بالأزمة، في حين نفت الدوحة أن يكون وسيطها لأي حوار.

ولفترة، حاول الإعلام السعودي والإماراتي الترويج للرجل على أنه الشخص الذي يمكنه إنهاء الأزمة، وهو ما اعتبر محاولة لتصديره كمتحدث باسم قطر، علماً أنه لا يحمل أي منصب يذكر ولم يكن معروفاً.

وتراجع الاهتمام السعودي بالشيخ القطري خلال الفترة الأخيرة بعدما أبدى القطريون، وفي أكثر من مناسبة، تمسّكهم بقيادتهم والوقوف وراء أميرهم في مواجهة محاولات الإطاحة به.

- الحساب الملغوم

عبد الله آل ثاني كان بعيداً عن الأضواء حتى افتعال الأزمة الخليجية من جانب السعودية والإمارات، حيث ظهر للمرة الأولى في أغسطس الماضي، في صورة جمعته مع الملك السعودي وولي عهده، وقُدّم من جانب الإعلام السعودي على أنه جاء ليتوسّط من أجل السماح بدخول الحجاج القطريين، ليستجيب له الملك سلمان، وفق بيان صدر لاحقاً "نزولاً عند رغبته".

اللافت أيضاً أنه بعد هذا اللقاء السريع بأيام أُطلق حسابٌ على تويتر باسمه، الأمر الذي جعل الكثيرين يشكّكون بتبعيّة ذلك الحساب للشيخ عبد الله آل ثاني، وفي إدارته له، وما زاد من هذه الشكوك التسجيلات التي أصدرها الشيخ عبد الله وأظهرت احتجازه وعدم امتلاكه لحريته.

ومن خلال هذا الحساب "الملغوم"، إن جاز التعبير، نُشر بيان منسوب للشيخ عبد الله، بتاريخ 17 سبتمبر، دعا فيه من وصفهم بالحكماء والعقلاء من أبناء الأسرة الحاكمة في قطر إلى اجتماع أخوي عائلي ووطني نتباحث فيه حول ما يخص الأزمة، دون أن يعقد أو يستجيب له أحد.

وفي اليوم التالي، 18 سبتمبر، بثت قناة "العربية" مقابلة صوتية مع الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني، قال فيها أن هناك استجابة وترحيب عدد من الأسرة بالبيان، إلا أن هذا الترحيب المفترض لم يعقد أي اجتماع، كما كانت لهجته يظهر عليها علامات "التردّد والرجفان"، كما تجنّب أي إساءة في مقابلته تجاه الحكومة القطرية، مكتفياً بالتمنيات بأن تحل الأزمة الخليجية سريعاً.

لكن اللهجة عبر تويتر تصاعدت بشكل لافت اتجاه الحكومة القطرية، ففي يوم 14 أكتوبر، اتهم الحكومة بتجميد جميع حساباته البنكية، ثم غرّد آخر تغريدة له في الحساب في اليوم نفسه قال فيها: "أتمنّى من قطر أن تطرد صيّادي الفرص وأصدقاء المصالح وأن تعود إلى حضنها الخليجي وأهلها الغيورين عليها فلن ينفعنا أحد سواهم".

- براءة الأهل

نجل الشيخ عبد الله آل ثاني (علي)، لطالما أكّد أن هذا الحساب لا يعود لوالده، بل حتى إنه اتهم صراحة الرياض وأبوظبي بخداع والده ومحاولة تشويه صورته، مؤكداً أن حساب والده على موقع "تويتر" مزيّف.

هذه الفرضية عزّزها وبقوة الظهور الأخير للشيخ عبد الله في تسجيلاته، عند ما قال بأنه محتجر، وإن حياته في خطر، محمّلاً الشيخ محمد بن زايد مسؤوليتها، ولاحقاً عندما قال بأنه تعرّض لضغوط شديدة وتهديد مستمرّ للخضوع لمؤامرة بن زايد وبن سلمان، والتهديد الذي تعرّض له، عندما قال: "لا أستطيع أن أرى الأذى يلحق بأي شخص أحبّه، علشان مجرد شخص آخر يمتلك القوة"، خاصة أن بناته كنَّ برفقته.

وما زال حجم التهديدات ونوع الابتزاز الذي تعرّض له الشيخ عبد الله بن علي من قبل أبوظبي، التي كانت تحتجهزه، لغزاً لم يكشف عنه اعتراف الصوتي، لكنه يشي بشيء كبير قادر أن يجعل شخص كعبد الله آل ثاني يفكر في الانتحار.

كما حمّل علي، نجل الشيخ عبد الله بن علي آل ثاني، مسؤولية سلامة والده لولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، بعد احتجازه في الإمارات، قائلاً: إن "ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، باتت الحلول لديه معدومة هو ومن عاونه على الشر، وأحمّله مسؤولية سلامة والدي".

ولفت (علي) إلى أن "تسجيلات والدي تبيّن نجاسة وخسّة نظام أبوظبي، وعلى رأسه محمد بن زايد".

وأردف في تغريدة أخرى: "وقل جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقاً، ما تشوف شر يابو محمد، وستظل دائماً مصدر فخري واعتزازي، وأما محمد بن زايد فقد عاث في الأرض فساداً، ولا بد له من يوم وسوف يشهد التاريخ على ذلك إن شاء الله، أدعو الله أن يديم نعمة الأمن والأمان وأن يحفظ تميم المجد رجل المواقف المشرّفة".

- لغز الحصار

وكان واحداً من أهم الألغاز في المنطقة التي حلّها الشيخ عبد الله آل ثاني، هو سبب الأزمة الخليجية، والذي حار العالم في معرفته، حيث أكد أن محمد بن زايد ومحمد بن سلمان طامعان في ثروة قطر، وهذا هو سبب اندلاع الأزمة الخليجية.

واللافت هنا أن اقتصاد البلدين يعاني عجزاً كبيراً؛ بسبب انهيار أسعار النفط والحروب التي تشعلها البلدان في اليمن وليبيا، ومحاولة تعويض ذلك من خلال فرض الضرائب على شعوبهما، في حين أن قطر لا يزال اقتصادها قوياً متماسكاً، حتى رغم الحصار الاقتصادي الذي فرض عليها.

فقد أعلن وزير الطاقة والصناعة القطري، محمد بن صالح السادة، في ديسمبر 2017، أن بلاده حققت أعلى معدلات النمو الاقتصادي في منطقة الخليج، بنمو نسبته 2.5%.

وفي تقرير آفاق الاقتصاد العالمي الصادر عن صندوق النقد الدولي، في أكتوبر الماضي، توقع التقرير تسارع نمو الاقتصاد القطري إلى 3.1% في 2018.

أما السعودية فقد سجّلت، خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الماضي، عجزاً في ميزانيتها بلغ 121.5 مليار ريال (نحو 32.4 مليار دولار).

- مصير عبد الله بن علي

أما فيما يتعلق بمصير عبد الله بن علي آل ثاني، فما زال غامضاً، فرغم أن التسجيل الصوتي قال إنه كان يعتزم العودة إلى بلاده، وإن أبوظبي منعته، ما زال حالياً يوجد في دولة الكويت، حيث تلقّى العلاج الطبّي في المستشفى العسكري.

ولم يحسم عبد الله آل ثاني حتى الآن مكان وجهته، إن كان سيتوجه إلى الدوحة أو لندن، التي قالت أبوظبي إنه طلب السفر إليها عندما كشف عن احتجازه، أو البقاء في الكويت، لكن التأكيد بحسب مراقبين أنه لن يعود إلى الرياض، بعد أن كشف أطماعها في الدوحة ووصف ولي عهدها بالمخادع.