دول » قطر

انقلاب «كوشنر» على قطر.. يدخل حسابات المحقق «مولر»

في 2018/02/23

ذا انترسبت-

وسع المحقق الخاص بقضية التدخل الروسي المحتمل في الانتخابات الأمريكية، «روبرت مولر»، تحقيقاته حول كبير مستشاري البيت الأبيض «جاريد كوشنر».

إذ تجاوزت تحقيقات «مولر» بشأن «كوشنر» اتصالات الأخير مع الروس إلى نشاطات أخرى سعى من خلالها لتأمين تمويل لعقار متعثر في حي مانهاتن في نيويورك (مملوك لمجموعة شركات كوشنر) عقب فوز «دونالد ترامب» بالرئاسة في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وخاصة طلبات تقدم بها لشركات استثمار في الصين وقطر.

ويقع العقار المذكور في المبنى رقم 666 في الجادة الخامسة بمانهاتن، واشترته مجموعة «كوشنر» في ذروة الفقاعة العقارية بثمن مبالغ فيه آنذاك وناهز 1.8 مليار دولار، لكن العقار يوشك أن يوقع عائلة «كوشنر» برمتها في أزمة إذا لم تجد تمويلا العام الحالي، خاصة مع تراجع سعره بشكل كبير.

كانت محاولات «تشارلز» -والد «جاريد كوشنر»- لتأمين تمويل من قطر قبل وبعد انتخاب «ترامب» وحتى ربيع العام 2017 تم الكشف عنها بواسطة «ذي أنترسبت» لأول مرة في يوليو/تموز الماضي، وأكدها فيما بعد متحدث باسم مجموعة «كوشنر».

ويربط تحقيق «مولر» بين محاولات كوشنر تأمين تمويل لهذا العقار من قطر، والأزمة الخليجية.

ففي مسعى لتجنب فجوة خطيرة في الميزانية العامة للأسرة، تحدثت مجموعة «كوشنر» مع مستثمرين محتملين في جميع أنحاء العالم، لتأمين التمويل المطلوب للعقار المتعثر.

وكما ذكرت ذي أنترسبت»، في يوليو/تموز الماضي، طلب «تشارلز كوشنر» أموالا من رئيس وزراء قطر السابق الشيخ «حمد بن جاسم» -المعروف بلقب «بنك الخليج»- الذي يدير الآن شركة «المرقاب» المالية.

وتعهد رجل الأعمال القطري بتقديم تمويل لـ«تشارلز كوشنر» -الذي يترأس مجموعة «كوشنر» مكان «جاريد »- برأسمال قدره 500 مليون دولار، وتمكنت «كوشنر» من جمع ما تبقى من إعادة التمويل بعدة مليارات من الدولارات من أماكن أخرى. 

إذ تفيد التقارير بأن «تشارلز كوشنر» اتجه إلى مجموعة «أنبانغ» للتأمين في الصين، للحصول على مبلغ إضافي قدره 400 مليون دولار، لكن الشركة القابضة انسحبت من الصفقة في مارس/آذار عام 2017، بعد ادعاءات بتضارب المصالح. 

ونعلم الآن أن «جاريد كوشنر» قام بعد أسابيع قليلة بوضع خطة مع السعودية لتشكيل تحالف مع الإمارات ومصر والبحرين ضد قطر، وكانت خطوة غير متوقعة؛ نظرا إلى أن الأمير القطري تقابل مع «ترامب» في الرياض قبل أسابيع فقط من بدء الحصار؛ حيث لم تُطرح أي قضايا مع قطر حول أي من سياساتها أو علاقاتها.

واعترف «ترامب» علنا ​​بدعم دول الحصار في مواجهتها مع قطر.

وعندما حاول وزير الخارجية «ريكس تيلرسون» موازنة هذا الأمر، زاد «ترامب» من لهجته، وأصدر بيانا عدوانيا إضافيا ضد قطر، قال عنه «تيلرسون» -في وقت لاحق- إنه يشتبه في أنه من فعل «كوشنر» وحليفه الإقليمي «يوسف العتيبة»، سفير الإمارات لدى الولايات المتحدة.

وأفادت شبكة «سى إن إن» بأن لقاء «كوشنر» بمستثمرين أجانب يُعد تضاربا في المصالح بين منصبه مستشارا للرئيس وأعماله الخاصة.

لكن «كوشنر» نفى أنه تصرف بشكل غير لائق في الفترة الانتقالية (بين انتخاب ترمب وتسلمه الرئاسة) في رده على تقرير«سى إن إن»، وقال محاميه «آبي لويل» إنه من خلال تعاون «كوشنر» مع جميع التحقيقات لم يطرح أي سؤال، ولم يطلب منه توفير وثيقة واحدة عن تعاملاته التجارية المتعلق بعقار مانهاتن.

لكن هذا لا يعد دليلا على أن «مولر» لا يتخذ أي إجراء، كما أنه من غير المرجح أن يلغي التحقيق في أنشطة مجموعة «كوشنر».

وكما جاء في لائحة الاتهام الصادرة، الأسبوع الماضي، عن 13 مواطنا روسيا متهمين بشن حرب معلوماتية للمساعدة في الترويج لانتخاب «ترامب»، ظهر أن «مولر» يقوم بتحرياته سرا، ويقوم بخطوات مفاجئة. 

ويمكن لـ«مولر» الحصول على مجموعة كبيرة من السجلات دون معرفة «كوشنر».

كما يمكن له دعوة «تشارلز كوشنر» أو غيرهم من المسؤولين في مجموعة «كوشنر» للإدلاء بشهاداتهم أمام هذه الإجراءات السرية الكبرى في هيئة المحلفين.

وكان هذا احتمالا علق عليه «ستيف بانون» في كتاب «النار والغضب» لـ«مايكل وولف».

ولم يكن عمل «كوشنر» في شؤون الشرق الأوسط جيدا بالنسبة للولايات المتحدة أو للبلدان التي حاصرت قطر دبلوماسيا في يونيو/حزيران 2017.

ولتبرير التصعيد ضد قطر، اعتمدت السعودية وحلفاؤها على بيانات مزيفة تم نشرها على موقع تعرض للاختراق (موقع وكالة الأنباء القطرية)، واعتبرته دليلا على دفء علاقة الدوحة مع طهران، عدوها الإقليمي. 

وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن الاختراق تم تنفيذه في الإمارات، نقلا عن مسؤولين في الاستخبارات الأمريكية.

وتحولت قطر -التي عزلها جيرانها- إلى إيران وتركيا من أجل البقاء على قيد الحياة في مواجهة الحصار الجوي والبري والبحري (من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر).

وكان ادعاء السعودية أن قطر «تدعم تمويل الإرهاب» استهزاءً بالولايات المتحدة. 

والآن، يبدو أن الولايات المتحدة أعادت محاذاة نفسها مع الدولة الخليجية المعزولة.

فقبل بضعة أسابيع، أشاد «ترامب» بقطر لجهودها في ملف محاربة الإرهاب، بينما بدأ «تيلرسون» ووزير الدفاع «جيمس ماتيس» حوارا استراتيجيا بين الولايات المتحدة وقطر.

وأصبح «بانون» -القومي اليميني- وأحد المحرضين الرئيسيين المناهضين لقطر، خارج البيت الأبيض.

ورفض «بانون» تقديم أدلة إلى لجنة الاستخبارات في مجلس النواب، التي كانت تحقق في تدخلات روسيا في الانتخابات، حتى لا تتداخل مع شهادته الجارية في التحقيق الجنائي لـ«مولر».

وقيل إن «بانون» التقى «مولر» وكبار موظفي مكتب التحقيقات الفيدرالي عدة مرات الأسبوع الماضي.

ومن المعروف -على نطاق واسع- أن «بانون» يكره «جاريد كوشنر» وابنة «ترامب» «ايفانكا». 

وإذا كان لدى «بانون» أي معلومات من شأنها أن تجرم أسرة «كوشنر» أو «ترامب» -وبعضهم وصفه بـ«الخائن» بسبب حديثه في كتاب «النار والغضب»- فليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأنه سيحتفظ بها لنفسه. وقد يكون ذلك سببا لقلق «ترامب»، ولـ«كوشنر» أيضا.

وفي ضوء فشل الحصار المفروض على قطر، والتحركات الغريبة التي يقوم بها خصومها في الخليج العربي -بما في ذلك الاحتجاز القسري لرئيس الوزراء اللبناني في الرياض- قالت مصادر جيدة إن «ترامب» همش -إلى حد كبير- صهره الذي تسبب في معظم كوارثه الدبلوماسية -بالتعاون سرا- مع ولي العهد السعودي الأمير «محمد بن سلمان».

وكشفت صحيفة «وولف» في حديث لها بأن دائرة «ترامب» الأعمق -بما في ذلك «بانون» وكوشنر»- قد ابتكرت الانقلاب السياسي في أوائل الصيف الماضي في الخليج العربي «للإلهاء» عن تحقيق «مولر» في التواطؤ المزعوم بين حملة «ترامب» وروسيا.

ومنذ يونيو/حزيران الماضي، عمد «بن سلمان» إلى قمع المعارضة الداخلية بوحشية لتوطيد السلطة، مع التشجيع على عزل قطر لفترة طويلة عن السفر والتجارة.

لكن ليس كل شيء ينهار بالنسبة لـ«كوشنر» رغم ذلك.