دول » قطر

بتحصين الأمن السيبراني.. قطر تغلق منافذ القرصنة وتستعد للمواجهة

في 2018/03/15

وكالات-

شهدت قطر نقلة نوعية على المستوى الدفاعي والأمني، لتحصن نفسها وتعقد عشرات الاتفاقيات مع دول كبرى، تحقق من خلالها توسعاً استراتيجياً مهماً، ودوراً فعالاً عربياً وغربياً، وخصوصاً في مجال الفضاء الإلكتروني.

محمد الخاطر، الرئيس التنفيذي لشركة برزان القابضة المملوكة للقوات المسلحة القطرية، كشف عن اتفاق مع شركة "ريسيم" الأمريكية، المعروفة في مجال الدفاع السيبراني، لتأسيس أكاديمية قطرية سيبرانية، والتي ستدرب فرقاً محلية بعمليات الدفاع السيبراني والقرصنة الإلكترونية.

شركة "برزان" أعلنت عن أكثر من 20 شراكة مع كبرى الشركات العالمية في مجالي الدفاع والأمن، وقعتها خلال معرض الدوحة الدولي للمعدات البحرية "ديمدكس"، وتحوي مختلف أنواع المعدات العسكرية والأمنية، بجميع القطاعات.

هذه الاتفاقيات الهامّة على مستوى قطر تأتي وسط استمرار للأزمة الخليجية الناتجة عن اختراق وكالة الأنباء القطرية الرسمية، وتسعى من خلالها الدوحة للتحصين والمحافظة على بياناتها ومعلوماتها، حتى لا تقع في فخ الحرب السيبرانية أو التآمر من خلال القرصنة.

- السيبرانية والأزمة الخليجية

وبالعودة إلى ما قبل 9 أشهر من الأزمة الخليجية، والقرصنة الإلكترونية لوكالة الأنباء القطرية الرسمية (قنا)، التي أشعلت أزمة غير مسبوقة، نذكر يوم 24 مايو الماضي، الذي اخترق فيه قراصنة الوكالة، ونشروا تصريحات مفبركة نُسبت إلى أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ووزير خارجيته الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني.

وأعلنت قطر حينها أن الموقع الإلكتروني للوكالة الرسمية اخترِق "من قِبل جهة غير معروفة"، وأنّ المخترقين نشروا عليه تصريحاً مفبركاً نسبوه إلى أمير البلاد.

ولاحقاً، أعلنت "قنا" أن حساب الوكالة على موقع "تويتر" أيضاً تم اختراقه، وأن "أخباراً مفبركة" نُشرت عليه. كما صرّح سيف بن أحمد آل ثاني، مدير مكتب الاتصال الحكومي في قطر، بأن "موقع الوكالة قد تم اختراقه من قِبل جهة غير معروفة إلى الآن".

مدير الوكالة القطرية نفى ما نشره القراصنة، وقال: إن "الأمير تميم لم يُلقِ كلمةً اليوم، ونستغرب استمرار وسائل إعلام بعينها في تناقل التصريحات رغم البيان الواضح بأنها مفبركة!".

لكن إعلام ثلاث دول خليجية؛ هي السعودية والإمارات والبحرين، رفض تصديق البيانات الرسمية القطرية بشأن الحادثة، وأعلن حرباً إعلامية لا هوادة فيها على قطر، وأكد استحالة اختراق موقع "قنا".

تداعيات هذا الاختراق وصلت إلى اتخاذ قرارٍ جماعي غير مسبوق بقطع العلاقات وسحب البعثات الدبلوماسية من الدوحة، وإغلاق المنافذ الحدودية براً وبحراً وجواً، في أزمة لم تشهدها منطقة الخليج منذ عام 1981، وقت تأسيس مجلس التعاون الخليجي، لتشكل الخطوة انتصاراً لـ"الإرهاب الإلكتروني".

وتمكنت حرب السايبر من القطيعة بين الأشقاء لشهور عدة، وعلى الرغم من دخول وساطات عدة بين الدول الأربع فإن القطيعة مستمرة. وخلال هذه الأشهر سعت قطر لتقوية أواصرها ولُحمتها مع دول العالم، وعززت منظومتها العسكرية والدفاعية، ووضعت العديد من الخطط، ووقعت الاتفاقيات التي من شأنها أن تقوي بنيتها وتمكنها من مجابهة أي مخاطر في طريقها.

- إنهاك للاقتصاد

وباتت هجمات القرصنة الإلكترونية (الهاكر)، خلال العقد الأخير، تستنزف اقتصادات دول وشركات عملاقة بشكل فاق تأثيرات الصراعات والحروب في العالم، وحتى الكوارث الطبيعية التي أنهكت الاقتصاد العالمي.

وتزداد تكلفة الهجمات السيبرانية بشكل متسارع، بحيث أصحبت تكلّف العالم سنوياً فاتورة باهظة تزيد على 600 مليار دولار، أو ما يعادل 1% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، ما يهدد بمستقبل مخيف للاقتصاد العالمي.

ولم تعد الحسابات البنكية الشخصية هدفاً لعمليات القرصنة؛ وإنما امتدّت إلى البورصات العالمية.

وتعد منطقة الخليج العربي الأكثر تعرّضاً للهجمات في الشرق الأوسط، وتوجه معظم التهديدات الإلكترونية فيها إلى القطاعات الرئيسية؛ مثل الخدمات المالية، والرعاية الصحية، والنفط، والغاز، والتكنولوجيا، والبناء.

- حماية وضمان

وتعتبر الطريقة الأكثر شيوعاً لضمان أمن المعلومات للشركات هي تثبيت برامج محدّثة لمكافحة الفيروسات والهجمات الإلكترونية على جميع أجهزة الكمبيوتر في الشركة.

ولعل أهم ما يدعو للإسراع في تطوير أمن المعلومات المهارات والأدوات المتطورة جداً التي يمتلكها مرتكبو جرائم الإنترنت، والتي تصل إلى نفس مستوى مهارات أفضل موظفي كبرى شركات التكنولوجيا العالمية.

ومن هذا المنطلق عقدت قطر الشراكة مع الشركة الأمريكية، لتخلق كفاءات عالية، تستطيع ردع الحرب السيبرانية.

وفي ظل تطبيق هذه الأهداف، تتعاون جامعة "تكساس آي آند إم" في قطر، مع مركز الدراسات التنفيذية التابع لجامعة حمد بن خليفة من خلال تقديم برنامج جديد يمنح شهادة في أساسيات الأمن السيبراني.

ويغطي البرنامج مواضيع متعلقة بالمفاهيم الأساسية لأنظمة التشفير الحديثة وكيفية استخدامها لحماية البيانات والاتصالات الخاصة، بالإضافة لطرق جمع وتحليل المعلومات مفتوحة المصدر والمعلومات المتاحة للجمهور، وتقنيات الحوسبة السرّية.

كما سيتم التطرّق لمنهجية تقييم وتصديق مصادر المعلومات المتاحة للعامة، بالإضافة إلى الجوانب الإدارية المرتبطة بالأنشطة التي تتعلّق بمجال الفضاء الإلكتروني.