دول » قطر

هل يستطيع «ترامب» حقا حل الأزمة الخليجية؟

في 2018/03/20

سيغورد نيوباور وجورجيو كافييرو - جلف ستيتس أناليتيكس-

منذ اندلاع الأزمة في قطر، نشرت العديد من المقالات حول دول الحصار، المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين ومصر، وكانت هناك العديد من المقالات ذات الخطاب القاسي ضد الدوحة كما أصدرت بعض دول الحصار تشريعات تجرم التعاطف مع قطر.

وقد ساهم ذلك كله إلى جانب رفض قطر القوي تعديل سياستها الخارجية تحت الضغوط في تعميق الخلاف الدبلوماسي داخل «مجلس التعاون الخليجي»، ومع الاقتراب من ذكرى مرور عام على خطاب الرئيس «دونالد ترامب» التاريخي في القمة العربية الإسلامية الأمريكية في الرياض يوم 21 مايو/أيار، فإن الجهود الأمريكية لحل أزمة قطر لا تزال جارية.

ومن وجهة نظر الولايات المتحدة، فإن دول «مجلس التعاون الخليجي» ليست فقط شريكا استراتيجيا، ولكن أيضا منظمة ذات إمكانات كبيرة لتعزيز التعاون الاقتصادي والأمني، وقطر هي موطن قاعدة العديد الجوية المقر المتقدم للقيادة المركزية للولايات المتحدة التي تقود حملة التحالف ضد تنظيم «الدولة الإسلامية» في العراق وسوريا وتحتفظ بخط مباشر مقابل الوجود الروسي في سوريا.

وتستضيف البحرين وغيرها من أعضاء دول الخليج الأخرى الأسطول الخامس التابع للبحرية الأمريكية والذي يعتبر من الأسس الحاسمة الأخرى لحملة واشنطن ضد تنظيم «الدولة الإسلامية»، فضلا عن دوره في الصراعات في أفغانستان واليمن وهذا كله يؤكد سبب أهمية حل أزمة قطر لتقدم المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، ومما لا شك فيه أن استمرار هذا الخلاف يمكن أن يكون له عواقب جيوسياسية كبيرة على أجندة واشنطن في الخليج والشرق الأوسط، بما في ذلك المشاركة التركية والإيرانية والروسية في الشؤون الإقليمية.

ورغم هذه الاعتبارات جميعا وعلى الرغم من الإجماع الناشئ في واشنطن على أن الأزمة أدت إلى نكسة استراتيجية للأطراف المتصارعة، بما في ذلك بالنسبة للولايات المتحدة، فإن نافذة الفرصة لحل الأزمة تضيق مع مرور الوقت.

كيف اندلعت الأزمة؟

تفجرت أزمة دول «مجلس التعاون الخليجي» في 24 مايو/أيار، بعد 3 أيام من خطاب «ترامب» في الرياض، عندما تمت قرصنة وكالة الأنباء القطرية الرسمية (قنا) وبث بيان زائف نسب للأمير الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني» جاء فيه أن «حماس» هي الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني، وأن «حزب الله» اللبناني هو حركة مقاومة (على الرغم من تصنيف الدوحة للمجموعة المدعومة من إيران كمنظمة إرهابية)، وأن العلاقات القطرية الإسرائيلية جيدة، وأن الدوحة لها علاقات قوية مع إيران مع وصفها بأنها «قوة إسلامية».

وذكر البيان المفبرك أيضا أن قطر سحبت سفراءها من مصر وجميع دول «مجلس التعاون الخليجي» الأخرى (باستثناء عمان) وأن علاقات قطر مع إدارة «ترامب» كانت تمر بمشاكل، ومنذ ذلك الحين، نسب مسؤولون أمريكيون هذا الاختراق إلى الإمارات، وهو ما تنفيه أبوظبي.

ويمكن أن تعزى هذه الأزمة مباشرة إلى مشاكل دول الحصار القديمة مع السياسة الخارجية لدولة قطر ودور شبكة وقناة «الجزيرة»، التي قدمت، على الأقل في الفترة من 1996 إلى 2013، أجندة الدوحة للسياسة الخارجية؛ وقد استخدمت الإمارة الشبكة كأداة سياسية لتسليط الضوء على أداء الحكومات العربية في قضايا حساسة مثل دور الإسلام السياسي، والفساد، ودعم الدول العربية لغزو واحتلال العراق بقيادة الولايات المتحدة وبريطانيا، والافتقار إلى الديمقراطية وشملت هذه التغطية العالم العربي، بما في ذلك دول «مجلس التعاون الخليجي».

ووصف بعض المحللين بشكل خاطئ أزمة الخليج بأنها صراع بين العلمانية التي يقدمها نموذج الإمارات، والإسلام السياسي الذي تجسده جماعة «الإخوان المسلمون»، التي طالما دعمتها الدوحة.

ومع ذلك، فإن هذا التحليل مبالغة في التبسيط بالنظر إلى حقيقة مفادها أن معظم الإسلاميين الذين دعمتهم قطر في أعقاب الربيع العربي فشلوا في ترسيخ مواقعهم في الحكومات العربية، باستثناء الفرع التونسي لجماعة «الإخوان المسلمون»، والواقع أن استعادة النظام السوري لنفوذه وإطاحة الجيش المصري بـ«محمد مرسي» قبل 5 سنوات تقريبا كانت بمثابة انتكاسات رئيسية لجدول أعمال السياسة الخارجية في الدوحة.

وبجانب هذا فإن المغامرات في سوريا ومصر مع الخلاف الخليجي في عام 2014، علمت الأمير «تميم» درسا مهما مفاده أن الحفاظ على بعض نفوذ قطر الإقليمي الصعب، يتطلب تعزيز العلاقات مع المملكة العربية السعودية، وقد انعكس هذا القرار على التغطية الصامتة لـ«الجزيرة» لشئون المملكة العربية السعودية وأعضاء «مجلس التعاون الخليجي» الآخرين.

في الواقع، منذ صعود الأمير «تميم» إلى السلطة في عام 2013 حتى نشوب أزمة قطر في عام 2017 ، كانت سياسة الدوحة الخارجية تتسم بالتوافق مع الأجندة الإقليمية للمملكة العربية السعودية حيث شهد قراره الأولي المشاركة في التحالف الذي تقوده السعودية ضد المتمردين «الحوثيين» في اليمن كما انضمت قطر إلى التحالف العسكري الإسلامي الذي تقوده السعودية لمحاربة الإرهاب، الذي لا تزال قطر تنتمي إليه، نظريا على الأقل.

ومع ذلك، فإن الدول المحاصرة لقطر تؤكد أن الأزمة تتعلق أيضا بفشل قطر في الوفاء بالتزامات اتفاقيات الرياض لعامي 2013 و 2014، وتزعم أن السياسة الخارجية للدوحة أدت إلى تفاقم عدم الاستقرار الإقليمي، لا سيما خلال فترة ما بعد الربيع العربي، من خلال دعم الإسلاميين.

من وجهة نظر هذه الدول، فإن الأزمة تدور حول دور الإسلام السياسي، خاصة جماعة «الإخوان المسلمون»، وقد جادل الباحث الشهير في شؤون الشرق الأوسط «حسين إيبيش» مؤخرا بأنه في حين يرفض «مجلس التعاون» بالإجماع التنظيمات «المتشددة»، فإن هذا لا ينطبق من وجهة نظر الدوحة على شبكة الجماعات المرتبطة بجماعة «الإخوان» حيث تسعى هذه الجماعات للوصول إلى الحكم في البلدان القائمة وليس إلغاءه بشكل كامل.

وأضاف «إيبيش»: «يجادل القطريون بأن هذه ليست مجرد أحزاب سياسية مشروعة، بل هي بديل لا غنى عنه للتطرف، لأنه من دون جماعات إسلامية معتدلة مثل جماعة الإخوان، فمن المرجح أن ينجذب المحافظون الدينيون إلى فلك المتطرفين العنيفين».

ولكن في ضوء السياسة الخارجية القطرية في أعقاب الخلاف الدبلوماسي لدول «مجلس التعاون الخليجي» في عام 2014، إلى جانب التسريب المحرج لرسائل البريد الإلكتروني المخترق لسفير الإمارات في واشنطن «يوسف العتيبة» كان من الواضح أن نزاع الخليج الحالي لا يدور حول دور الإسلام السياسي الذي جادل كثير من النقاد على أنه سبب الخلاف.

وعلى الرغم من الفوارق الفلسفية بين دول الحصار وقطر حول جماعة «الإخوان المسلمون» والحركات الإسلامية الإقليمية؛ فإن الخلاف الدبلوماسي لدول «مجلس التعاون الخليجي» يفسر جزئيا من قبل بعض المراقبين الغربيين على أنه عداء شخصي طويل الأمد بين ولي عهد أبوظبي «محمد بن زايد»، الحاكم الفعلي لدولة الإمارات، وأسرة «آل ثاني» في قطر.

من وجهة نظر الدوحة، فإن هدف دولة الإمارات ودول الكتلة الأخرى هو استخدام الأزمة للعودة إلى النظام الجيوسياسي لما قبل عام 1995 في شبه «الجزيرة» العربية، حيث كانت قطر أقل استقلالا بكثير وكانت بلدا ثريا تحت إرادة المملكة العربية السعودية.

إخفاقات استراتيجية

ولكن عدم قدرة دول الحصار على تأمين مكاسب استراتيجية في مواجهة قطر، سواء كان ذلك بهدف فرض تغيير النظام، أو تجريده من الوجود العسكري الأمريكي، أو إغلاق قناة «الجزيرة» أو إرغام شركة الخطوط الجوية القطرية على الإفلاس في الوقت الذي نظموا فيه حملات العلاقات ضد الدوحة في واشنطن، لا يعني أن قطر لم تعاني من الحصار، ومع ذلك فقد خلصت النتيجة الأخيرة لصندوق النقد الدولي إلى أن التأثير الاقتصادي والمالي المباشر للصدع الدبلوماسي بين قطر و دول الحصار يتلاشى.

وبالنظر إلى كون حرب العلاقات العامة ضد الدوحة قد قادها سفير الإمارات في الولايات المتحدة، فمما لا شك فيه أن مقاومة الإمارات للجهود الدبلوماسية الأمريكية لحل الأزمة لم تمر دون أن يلاحظها أحد في واشنطن.

ويتساءل صانعو السياسات بشكل متزايد عما إذا كانت أبوظبي هي بالفعل شريك إقليمي رئيسي لواشنطن، خاصة أنها بسعيها لإطالة أمد النزاع مع الدوحة تفضل على ما يبدو التضحية بمصالح الأمن القومي الأمريكي التي تركز على وحدة دول «مجلس التعاون الخليجي».

وقد تعقدت الأمور بالنسبة لأبوظبي بعد سلسلة حديثة من التقارير الإعلامية الأمريكية التي تربط بين العديد من رجال الأعمال والناشطين السياسيين الأمريكيين، الذين سعوا لإقناع إدارة «ترامب» بالتصديق رسميا على موقف أبوظبي من الأزمة، وقد تم ربط ذلك بتحقيق «مولر» في تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية عام 2016، وتركز تحقيقات «مولر» حول إذا ما إذا كان «جورج نادر»، وهو مواطن أمريكي يعمل كمستشار لـ«محمد بن زايد»، قد قام بتوجيه أموال من الإمارات إلى جهود «ترامب» السياسية.

ويمكن لديناميكيات السياسة الأمريكية التي لا يمكن التنبؤ بها أن يكون لها تأثيرات طويلة المدى على العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات، حيث قد تجد أبوظبي نفسها في مرمى البيئة السياسية الحزبية الأمريكية، وقد أحرجت هذه الديناميكيات أصدقاء الإمارات في واشنطن حتى عندما كان لديهم تحفظات جادة حول السياسة الخارجية المثيرة للجدل في الدوحة خلال عهد الأمير «حمد».

وعلى الرغم من أن الأزمة قد أضرت بالسعودية بدرجة أقل من الإمارات في واشنطن، إلا أن صناع القرار السياسي قلقون بشكل خاص من اتجاه المملكة في عهد ولي العهد «محمد بن سلمان»، وهو الحاكم الفعلي للسعودية، وبينما رحبت واشنطن بإصلاحاته الاجتماعية والسعي إلى تحول اقتصادي بعيدا عن الاعتماد على النفط، يخشى المراقبون من تسييس المعركة ضد الفساد إلى جانب حملة القمع ضد المعارضة.

وعلى الرغم من أن البحرين جزء من دول الحصار، إلا أنها تعتبر في واشنطن تابعة للسعودية، الأمر الذي يؤكد على أن صانعي السياسة الأمريكيين لا يعتبرون المنامة طرفا أساسيا في الصراع، وكان هذا واضحا في تصريحات ملك البحرين هذا الشهر عندما قال لمبعوثي «ترامب» أن الحل لأزمة الخليج يكمن في الرياض.

ويمكن قول الشيء نفسه عن مصر، التي أصبحت في بيئة ما بعد الربيع العربي معتمدة على الرياض وأبوظبي لتمويل حكومتها واستثمارات القطاع الخاص، وقد اتحدت مصر والإمارات في معارضتهما لجماعة «الإخوان»، التي كانت مدعومة من قطر في عهد «مرسي» وقد انضمت مصر إلى دول الحصار بطلب من الإمارات.

البحث عن حل

وبالنظر إلى هذه الديناميكيات المقترنة بأزمة بدأت كلعبة صفرية، كانت لدى واشنطن من البداية خيارات محدودة فيما يتعلق الأمر بحل المواجهة، ولو انحازت واشنطن بشكل تام لدول الحصار التي تعتبر قطر الأزمة معهم تهديدا وجوديا لبقائها، لكانت قد دعت روسيا على الأرجح إلى تأسيس وجود عسكري في حالة قيام الولايات المتحدة بإجلاء وجودها العسكري من القاعدة الجوية في العديد.

ومن المرجح ألا يترك ذلك للدوحة خيارا آخر سوى الاقتراب من طهران، الأمر الذي لم يكن سيزيد من إحباط إدارة «ترامب» وحسب، بل وأيضا المؤسسة الدبلوماسية والدفاعية في واشنطن؛ وعلى الرغم من دعوة «العتيبة» إلى إزالة الوجود العسكري الأمريكي من قطر في مقال نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» في يونيو/حزيران، إلا أن اقتراحه لم يكن واقعيا أبدا بالنظر إلى حقيقة أنه كان سيعطل العمليات العسكرية الأمريكية في أفغانستان والعراق وسوريا.

ومن ناحية أخرى، إذا سعت واشنطن إلى حل الأزمة على الفور دون توفير آلية لحفظ ماء الوجه للدول الأربع التي تعتبر شركاء لواشنطن فإن هذا سيؤدي إلى إضعاف العلاقة الاستراتيجية الأمريكية السعودية التي دامت 80 عاما.

كما أن هناك نتيجة أخرى غير مرغوبة لمثل هذا النهج، وهي أن قيام واشنطن بإبعاد أبوظبي عن الولايات المتحدة سيدفع الإماراتيين إلى الاقتراب من روسيا وقوى أخرى دون أدنى شك، وبالتالي لم يكن أمام إدارة «ترامب» أي خيار سوى اتباع استراتيجية دبلوماسية لحل الأزمة داخل دول «مجلس التعاون الخليجي» عبر دعم جهود أمير الكويت للوساطة، وكانت الفكرة وراء وساطة الكويت هي إتاحة الفرصة للجميع وتمكين أعضاء «مجلس التعاون الخليجي» من فرصة حل الأزمة «داخل البيت» دون وساطة غربية أو روسية أو تركية.

لكن بسبب النجاح المحدود للوساطة الكويتية، عدا عن منع التصعيد العسكري الذي أشار له أمير الكويت خلال مؤتمر صحفي مشترك مع «ترامب» في البيت الأبيض، تسعى واشنطن إلى الانخراط في دبلوماسية مكوكية لتضييق الخلافات قبيل زيارة «محمد بن سلمان» للبيت الأبيض في 19 مارس/آذار. كما دعا «ترامب» ولي عهد أبوظبي لزيارة البيت الأبيض في 27 مارس/آذار، وبعد 10 أيام، من المتوقع أن يقوم الأمير «تميم» بزيارة البيت الأبيض أيضا.

وفي أعقاب الاجتماعات الثنائية الثلاثة المتتالية بين الولايات المتحدة وقطر والسعودية والإمارات، يخطط البيت الأبيض لاستضافة قمة كامب ديفيد لقيادة «مجلس التعاون الخليجي» من أجل وضع نهاية للأزمة بشكل رسمي.

وكجزء من استراتيجية واشنطن لحل الأزمة من خلال السعي إلى تضييق الفجوات الحالية، أرسلت وزارة الخارجية الأمريكية نائب مساعد وزير الخارجية لشؤون الخليج العربي في مكتب الشرق الأدنى «تيموثي لانديركينج» والجنرال (متقاعد) «أنتوني زيني» إلى المنطقة، ومن المرجح أن يواصل هؤلاء المسؤولون الأمريكيون العودة إلى المنطقة استعدادا لزيارتي «بن زايد» و «تميم» للمساعدة في إعداد الأسس لكامب ديفيد وتوضيح القضايا المختلفة.

خاتمة

أدت التغييرات الأخيرة في وزارة الخارجية بقيام «ترامب» باستبدال «تليرسون» برئيس وكالة الاستخبارات المركزية «مايك بومبيو»، إلى تكهنات بأن كبير الدبلوماسيين القادمين في واشنطن سيطبق ضغطا أقل على دول الحصار للتخفيف من تصرفاتها وخطابها ضد الدوحة.

ومن المؤكد أنه من السابق لأوانه الاستنتاج بأن عمل «بومبيو» كوزير خارجية سيغير موقف الولايات المتحدة من أزمة قطر بشكل كبير، حيث إن التحالف بين واشنطن والدوحة تم إضفاء الطابع المؤسسي عليه إلى حد كبير. ومع ذلك، فإن هناك احتمالات جيدة أن يقوم على الأقل، بتغيير نبرة وزارة الخارجية تجاه أزمة دول «مجلس التعاون الخليجي».

ومع ذلك، ففي هذه المرحلة، تتجه السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط نحو مواجهة إيران، التي يعترف بها كخصم إقليمي لواشنطن، وإلى جانب (إسرائيل)، فإن أعضاء «مجلس التعاون الخليجي» لهم أهمية مركزية في أجندة إدارة ترامب المناهضة لإيران.

ومما لا شك فيه، أن مجلسا منقسما سيقدم لطهران مزيدا من الفرص للاستفادة من الانقسامات بين أعضاء المجلس، مما سيضعف من قدرة واشنطن والرياض على العمل مع تحالفات قوية للرد على الجمهورية الإسلامية في الوقت الذي تعزز فيه إيران نفوذها في العراق وسوريا واليمن وأجزاء أخرى من العالم الإسلامي.

إن السؤال الرئيسي هو ما إذا كان بإمكان «ترامب» إقناع الأطراف المشاركة في أزمة قطر بالمصالحة وإعادة تركيز الجهود على مواجهة إيران بدعم الإدارة الأمريكية الكامل، ولتحقيق هذه الغاية، يجب على واشنطن تطوير خارطة طريق توفر تدابير لحفظ ماء الوجه لجميع الدول المشاركة في النزاع الخليجي.

ويمكن أن تقترح الولايات المتحدة بروتوكولا على مستوى دول «مجلس التعاون الخليجي» للتعامل مع تمويل الإرهاب بالتعاون مع الوكالات الحكومية الأمريكية والأوروبية لمكافحة الإرهاب. حيث يوافق الجميع يوافق على رصد و الكشف عن تمويل الإرهاب، وفرض العقوبات ضد الممولين.

ويمكن لواشنطن أيضا التفاوض على مذكرة تفاهم حول تمويل عمليات مكافحة الإرهاب مع كل عضو من أعضاء «مجلس التعاون الخليجي»، مماثلة لتلك التي وقعتها مع الدوحة في يوليو/تموز، وينبغي على واشنطن أيضا أن تقترح أن تلتزم جميع دول «مجلس التعاون الخليجي» بالمعايير الدولية للحماية من الجرائم الإلكترونية.

وعلى الرغم من أن الإدارة ليس لديها سجل للدبلوماسية الإبداعية، فقد حان الوقت لـ«ترامب» للاستثمار في استراتيجيات يمكن أن تمكن دول دول الحصار من التراجع عن مواقفها المناهضة لدولة قطر بطريقة غير مذلة، ولتحقيق أغراض دول «مجلس التعاون الخليجي» الست التي دفعت الإمارات العربية لتشكيل المنظمة الإقليمية في عام 1981، فإن حل الخلاف المستمر في الخليج أمر ضروري.

إن الانقسام الدائم في دول «مجلس التعاون الخليجي» سيقوض بلا شك المصالح الحيوية لواشنطن في الشرق الأوسط ويترك الدول العربية الخليجية أكثر عرضة للتهديدات الإقليمية.

ومع جميع الأسباب التي تدعو إلى التشاؤم حيال آفاق حل الأزمة، فمن الصحي أن تواصل واشنطن الجهود الدبلوماسية الرامية إلى حل النزاع الداخلي في «مجلس التعاون الخليجي» حيث إن تحقيق هذا الهدف من شأنه أن يمكن إدارة «ترامب» من تحقيق نصر دبلوماسي كبير في الشرق الأوسط، ومثل هذا الإنجاز الفاصل يمكن أن يساعد «ترامب» ليس فقط في رسم صورته أمام الناخبين الأمريكيين بل كذلك في نظر الأطراف المشاركة في أزمة قطر كشخص قادر على إنهاء المشاكل.