دول » قطر

«الإمارات».. بوابة المرتزقة في الخليج العربي

في 2018/03/29

العربي الجديد-

باتت الإمارات، منجم ذهب، لشركات المرتزقة الغربية حول العالم، خاصة بعد أن سرحت هذه الشركات مرتزقتها عقب الانسحاب الأمريكي من العراق، ومن ثم انطلاق شرارة الربيع العربي.

بدأ التواجد الضخم لشركات المرتزقة الأجنبية في الخليج العربي، عبر بوابة الإمارات، حسب وثائق «ويكليكس» في 2007، نتيجة عدم ثقة حكام هذا البلد بشعبه، وخوفهم من أن تكون الانتماءات الإسلامية للمواطنين، سلبية على حكمهم.

وحسب الوثائق، فإن ولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي للإمارات الشيخ «محمد بن زايد»، سبق له أن قال: «من بين 60 إلى 80% من القوات المسلحة الإماراتية، البالغ عددها 60 ألف جندي سيستجيبون لأول نداء من أحد مشايخ مكة، ولو علم الإماراتيون ما أفكر به لرجموني بالحجارة»، قبل أن يسمح بعمل هذه الشركات.

البداية

البداية، كما ترويها صحيفة «العربي الجديد»، كانت عندما لجأ مؤسس شركة «بلاك ووتر» ذات السجل السيئ والحافل بالجرائم في العراق «إيريك برينس»، إلى دولة الإمارات وأقام فيها، هربا من ملاحقات قانونية ضده في الولايات المتحدة، وأسس بالتعاون مع «بن زايد»، شركة قتالية جديدة اسمها «ريفلكس ريسبونسز» أو «R2»، بتمويل إماراتي كامل بلغت قيمته 529 مليون دولار.

بدأت الشركة الناشئة، التي تشكل قوامها من ضباط وجنود مرتزقة سبق لهم أن خدموا في العراق وأفغانستان، في حماية المنشآت الإماراتية، وعلى رأسها حقول النفط، بالإضافة إلى حماية القصور الرئاسية والإدارات الحكومية وناطحات السحاب في أبوظبي ودبي.

واستقدمت الإمارات عبر هذه الشركة المئات من الجنود الكولومبيين والأفارقة والأوروبيين، وأسكنتهم في معسكر الشيخ زايد في قلب الصحراء، ودربتهم على أيدي ضباط بريطانيين وأمريكيين متقاعدين، بينما استمرت «بلاك ووتر»، التي تحول اسمها إلى «إكس سيرفيسز»، ثم إلى «أكاديمي»، بالتعاون مع الحكومة الإماراتية أيضاَ.

الثورات

وشكلت ثورات الربيع العربي، نقلة نوعية لشركات المرتزقة، حيث تعاونت الإمارات مع شركة «Saracen International Ltd» الأفريقية، للعمل على حماية بعثاتها في الصومال وأفريقيا، تحت شعار «حماية السواحل الصومالية من القرصنة».

كما قامت بتكليفها بحماية الموانئ الأفريقية التي تسيطر عليها شركة «موانئ دبي»، والقيام بمهمات قتالية غامضة لصالح الإمارات في ليبيا ومصر، حيث تولى رئيس شركة «بلاك ووتر» مهمة التوسط بين «بن زايد» وبين هذه الشركة الأفريقية المجهولة.

اليمن وقطر

وجاءت حرب «عاصفة الحزم»، التي أعلنتها السعودية مع الإمارات ضد ميليشيات الحوثي المسلحة والرئيس الراحل «علي عبدالله صالح»، لتزيد من تواجد الشركات الأمنية في المنطقة، حيث عمل مستشارو شركات المرتزقة، وعلى رأسها «بلاك ووتر»، في اليمن، كخبراء عسكريين، وجنود شاركوا في المعارك الضارية على الحدود اليمنية السعودية، وفي مناطق وعرة مثل صعدة ونجران.

كما ظهرت تقارير عن مقتل عدد من هؤلاء المرتزقة في مدن يمنية، مثل تعز، وهو ما أدى إلى انسحاب جزء كبير منهم، ورفضهم خوض هذه الحرب الدموية.

ولم يكتف الإماراتيون باستغلال علاقتهم الحسنة مع الشركات الأمنية، التي ثبت تورطها في جرائم حرب حول العالم في العراق وأفريقيا، بل استطاعوا إقناع جنود شركة «بلاك ووتر» بخطة لغزو قطر، وإسقاط نظامها بالقوة، على غرار ما يحدث في جمهوريات الموز.

لكن سلسلة من الظروف أدت إلى طي هذه الخطة وإعادة خططها إلى الأدراج المغلقة.

السعودية على الخطى

ومع صعود نجمه كولي العهد وكحاكم فعلي في السعودية عقب إطاحته بابن عمه ولي العهد السابق «محمد بن نايف»، وفرض الإقامة الجبرية عليه، استعان الأمير «محمد بن سلمان»، نجل الملك «سلمان بن عبدالعزيز»، بالشركات الأمنية لفرض حكمه، ولإسقاط ما تبقى من رموز الأسرة الحاكمة الأقوياء، وعلى رأسهم «متعب بن عبدالله آل سعود»، نجل العاهل السعودي الراحل، ووزير الحرس الوطني سابقا، أحد أكبر الأجهزة الأمنية في البلاد، والتي يتكون قوامها من 100 ألف مقاتل قبلي.

وساهم مرتزقة «بلاك ووتر» الذين قدمهم «بن زايد» لـ«بن سلمان»، في اعتقال أفراد الأسرة الحاكمة أثناء حملة الاعتقالات الشهيرة في فندق «الريتز كارلتون».

ووضع المرتزقة التابعون لشركة «بلاك ووتر» في مبان منفصلة عن تلك التي يقيم فيها الجنود السعوديون، حيث كان «بن سلمان» يخشى اختلاطهم، كما أن حملة الاعتقالات لم تكن لتتم من دونهم، بسبب وجود روابط أسرية وقبلية بين الجنود السعوديين وبين المعتقلين من الأسرة الحاكمة أو خارجها، ما يؤدي إلى فقدان ميزة مهمة لأجهزة «بن سلمان» الأمنية في مواجهتها للأسرة الحاكمة، وهي السرية والسرعة.

إدارة السجون

ويدير المرتزقة التابعون للشركات الأمنية الخاصة السجون في الإمارات والسعودية، كما يقومون بعمليات تعذيب المعارضين من سياسيين ومثقفين ورجال الأعمال، والمشتبه فيهم بتهم الإرهاب الذين تحتجزهم السلطات. ويتقاضى هؤلاء المرتزقة رواتب تترواح بين 1500 و3 آلاف دولار، وهي رواتب تُعد متواضعة، بالنسبة للدول النفطية الغنية التي تدفعها.

ولا يقتصر وجود الشركات الأمنية الأجنبية في دول الخليج، على الحروب وحملات الاعتقال والتعذيب، بل يمتد إلى دورها في حماية الأبراج والمصارف والأعمال المتواجدة فيها، مع عدم وجود قانون يمنعها من العمل، حيث تعمل هناك شركة «جي فور أس» (G4S) للخدمات الأمنية، رغم سمعتها السيئة في التعامل مع عدد من الملفات حول العالم، أبرزها قيامها بإدارة السجون الإسرائيلية، ونقاط التفتيش حول المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، بالإضافة إلى فضائحها المتكررة بالتعامل مع المهاجرين في بريطانيا.

وتعاقدت مؤخرا السلطات السعودية مع شركة «جي فور أس»، للخدمات الأمنية لحماية الأراضي المقدسة في مكة والمدينة، كما أن الشركات والمصارف تقوم بالتعاقد مع هذه الشركة لحماية منشآتها في كافة المدن في المملكة.

كما تعمل هذه الشركة على نطاق واسع في الكويت والإمارات، حيث تقوم بحماية مطار الكويت، كما تقوم بحماية أغلبية المصارف والمجمعات الكويتية، وتمتلك عقودا ضخمة مع الشركات الكويتية الخاصة والحكومية، وسبق لنواب في البرلمان الكويتي ونشطاء المجتمع المدني، أن قدموا وثيقة طالبوا فيها سلطات بلادهم بإيقاف التعامل مع هذه الشركة.