دول » قطر

هل تتمكن قطر من إذابة الجليد بين السعودية وتركيا؟

في 2021/01/12

الخليج أونلاين-

سجلت العلاقات الرسمية بين المملكة العربية السعودية وتركيا، مؤشرات عديدة توحي بتقارب قد يزيح الخلافات المتراكمة منذ سنوات بين البلدين، لكن عامل ثالث يتمثل بوساطة بين الطرفين، قد يساعد أكثر في إنهاء تلك الخلافات ويعيد العلاقات إلى ما كانت عليه سابقاً.

ومع إعلان المصالحة الخليجية وعودة العلاقات بين دول مجلس التعاون الخليجية، وتحديداً بين السعودية وقطر، وجدت الأخيرة نفسها قادرة على التدخل في حل الخلافات بين الرياض وأنقره، ما استدعاها لإعلان الاستعداد الكامل للتوسط لحل الأزمة بينهما.

وتربط بين البلدين علاقة تنافس إقليمي واضحة، تعود جذورها لسنوات طويلة، كما أن الدولتين تقدمان نموذجين مختلفين للدولة والإدارة، وتتنافسان في السنوات الأخيرة على دور الريادة في العالم الإسلامي على صعيد الخطاب، وداخل منظمة التعاون الإسلامي.

وساطة قطرية

بعد 6 أيام من إعلان إنهاء الأزمة الخليجية في قمة الخليج الـ41 في العُلا السعودية، وعودة العلاقات القطرية والسعودية، أعلنت الدوحة، على لسان مطلق القحطاني، المبعوث الخاص لوزير الخارجية القطري لمكافحة الإرهاب والوساطة في تسوية المنازعات، استعداد بلاده للوساطة بين تركيا والسعودية .

وأضاف في ندوة "سياسة وتجربة دولة قطر في الوساطة وحل النزاعات" بالدوحة في 11 يناير 2021: "إذا رأت هاتان الدولتان أن يكون لدولة قطر دور في هذه الوساطة ففي الإمكان القيام بهذا".

وتابع: "من مصلحة الجميع أن تكون هناك علاقات ودية بين هذه الدول، خاصة بين دول أساسية ورئيسية؛ مثل المملكة العربية السعودية وتركيا وإيران".

وقال القحطاني خلال الندوة: إن "قطر لعبت دوراً دبلوماسياً كبيراً بين الولايات المتحدة وتركيا لتهدئة التوترات التي حصلت بينهما".

وبع اندلاع أزمة غير مسبوقة في تاريخ مجلس التعاون الخليجي، صيف 2017، بدأت بفرض حظر جوي وبري وبحري على قطر بزعم دعمها للإرهاب، وهو ما نفته الأخيرة جملة وتفصيلاً، واعتبرته محاولة للنيل من قرارها المستقل وسيادتها الوطنية، ازداد التوتر بين السعودية وتركيا بعد وقوف الأخيرة إلى جانب الدوحة.

لا يزال مبكراً

المحلل السياسي محمود علوش، يقول إن الخطاب السياسي المُتبادل بين السعودية وتركيا في الآونة الأخيرة يُشير إلى رغبة الطرفين في إعادة تطبيع العلاقات".

لكنه يرى في حديثه لـ"الخليج أونلاين"، أن المضي في هذا المسار "يحتاج إلى إذابة الجليد بين القيادتين التركية والسعودية أولاً، وهذا الأمر يتطلب دخول طرف ثالث على الخط لتسهيل العملية".

ويؤكد أن قطر "لديها دور رائد في مجال الوساطة بين الأطراف المتنازعة وبإمكانها القيام مستقبلاً بالوساطة بين تركيا والسعودية"، إلا أن ذلك في الوقت الراهن، وفقاً لعلوش "لا يزال من المبكّر الحديث عن إمكانية ذلك لأن لعب مثل هذا الدور يتطلب علاقات جيدة للدوحة مع الطرفين وهو ما لم يتوفر بعد مع السعودية".

وتابع: "المصالحة الخليجية أعادت العلاقات بين قطر ودول الخليج الأخرى لكنها لم تتطرق إلى الأسباب الجوهرية للأزمة، كما أنها جاءت بفعل تحولات إقليمية ودولية وضغط أمريكي وليست بقناعة ذاتية بحتة. هذا الأمر يُثير تساؤلات حول طبيعة العلاقة الجديدة بين الدوحة والرياض".

ويشير إلى أن لدى الدوحة "مصلحة في حل الخلاف السعودي التركي؛ لأن ذلك يُساعدها في إعادة ترميم الثقة بشكل أكبر مع السعودية، لكنّ لعب دور الوساطة يتوقف بالدرجة الأولى على موافقة السعوديين".

كسر الجليد

ويبدوا أن انتهاء الأزمة الخليجية، ربما يمثل عاملاً جديداً نحو إنهاء التوتر بين تركيا والسعودية، خصوصاً وأن إذابة الجليد بين البلدين قد بدأ مؤخراً باتصال بين الملك السعودي سلمان بن عبدالعزيز والرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، قبل يوم من قمة العشرين التي استضافتها السعودية في نوفمبر الماضي، في تطورٍ جاءت أهميته من كونه الوحيد الذي يجريه سلمان بن عبد العزيز مع رئيس دولة مشاركة في القمة.

واتفق الجانبان، (20 نوفمبر 2020)، على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة لتطوير العلاقات الثنائية وإزالة المشاكل.

ويعد ذلك الاتصال خطوة متقدمة، جاء بعد إرسال السعودية لمساعدات مستعجلة إلى تركيا بعد حدوث زلزال إزمير الذي خلف عشرات القتلى ومئات الجرحى وخسائر مادية.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية "واس"، في 6 نوفمبر 2020، أن "مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية سيقوم بتقديم هذه المساعدات انطلاقاً من حرص العاهل السعودي على الوقوف إلى جانب الشعب التركي".

وما هو أبرز من التطورين السابقين، لقاء ودي جمع وزيري خارجية السعودية، فيصل بن فرحان آل سعود، وتركيا مولود جاويش أوغلو، في 27 نوفمبر 2020، الأمر الذي أعطى صورة أكثر وضوحاً لوجهة نظر الطرفين، ولاسيما مع إشارة الأخير إلى أن بلاده تولي أهمية لعلاقاتها مع السعودية، معتبراً أن "الشراكة القوية بين تركيا والسعودية ليست لصالح البلدين فحسب، بل للمنطقة بأكملها".

وسيط مباشر أو مساعد

ويقول المحلل السياسي التركي رضوان فراس أوغلو، إن قطر لديها الإمكانيات لتقوم بمصالحة بين السعودية وتركيا، كما قامت الكويت بمصالحة مهمة وأكبر أزمة في المنطقة عبر حلها للأزمة الخليجية.

ويتحدث لـ"الخليج أونلاين"، عن علاقات قطر "الطيبة والنفوذ الجيد في تركيا"، مشيراً إلى أن ذلك ربما يساعد في المضي نحو تحسين العلاقات بين أنقرة والرياض.

وفي حال لم تكن قطر هي الوسيط المباشر بين البلدين، يعتقد فراس أوغلو أن الدوحة ربما في تلك الحالة ستكون جزءاً من الوسطاء ضمن وساطة أخرى قد تكون بين السعودية وتركيا، "ربما تكون وساطة كويتية".

وأشار إلى ما تملكه قطر "من صيت كبير في الوساطات الدولية"، مشيراً إلى أن ذلك يساعدها في أي وساطات قادمة.

وأكد على أهمية العلاقات بين الرياض وأنقرة، قائلاً: "السعودية ربما هي الأكبر في الخليج والمنطقة العربية ولها نفوذ واسع في كثير من المجالات عربياً وإسلامياً وعالمياً مثل النفط وغيره، وأيضاً تركيا تعد أكبر قوة في المنطقة والشرق الأوسط ولها استراتيجيات مهمة".

وتابع: "في حال ترابط هذه الاستراتيجيتن قد تصبح قطر صاحبة الربط بينهما ويكون لها الفضل في توحيد أكبر قوتين في المنطقة".

صراع كبير

حرصت الرياض خلال السنوات الماضية على عدم تبني موقف رسمي معلن ضد تركيا؛ لكن تدهور العلاقات بدأت بشكل واضح في الحملات الإعلامية الموجهة ضد تركيا في وسائل الإعلام القريبة منها، وفي "المقاطعة غير الرسمية" للبضائع التركية.

بدأ التوتر بوقوف أنقرة إلى جانب الدوحة عقب أزمة الخليج، قبل أن يصعد بشكل أكبر مع اغتيال جمال خاشقجي في أكتوبر 2018، وصولاً إلى شن السعودية حملة غير رسمية واسعة على مقاطعة البضائع التركية.

وفي فبراير 2020، اتهم وزير الدولة للشؤون الخارجية السعودي، عادل الجبير، تركيا بتمويل ورعاية "المليشيات المتطرفة" في الصومال وليبيا وسوريا، كما تحركت الرياض لحجب جميع المواقع التركية في المملكة، ورداً على ذلك، أعلنت أنقرة أنها ستحجب جميع المواقع السعودية والإماراتية في البلاد.

في مقابل ذلك شن الرئيس التركي والمسؤولين الأتراك هجوماً ضد السعودية، بسبب بعض المواقف منها "صفقة القرن"، إضافة إلى الحرب في اليمن وعلى خلفية مقتل خاشقجي.

ويقول النائب التركي عن حزب العدالة والتنمية حسن توران، في حديث سابق لـ"الخليج أونلاين"، إن "موقع تركيا الجيوسياسي ومهمتها في الماضي والمستقبل، هي جسر بين الشرق والغرب، ولا توجد هنا مفاهيم مثل العداء الأبدي أو الصداقة الأبدية. القرب التاريخي، والروابط التاريخية، والروابط الثقافية والدينية لا تقل أهمية عن السياسة الحقيقية".

ويتابع: "نرغب في توسيع نقاطنا المشتركة مع دولنا الإسلامية،... يمكن أن تكون هناك توترات وتقلبات شديدة بين البلدان من وقت لآخر، مقارنة بالدول الأخرى التي مرت بأزمة شهدنا استمرار العلاقات الدبلوماسية لتركيا؛ لأنه إلى جانب المشاكل التي تسبب الأزمة، تستمر العلاقات التجارية والاستيراد والتصدير وغيرها بين شعبي البلدين، ويجب أن تستمر".