الولي أحمد - الخليج أونلاين-
لم تسفر المحادثات النووية بين إيران والولايات المتحدة في الدوحة، التي استمرت (الثلاثاء والأربعاء 28 - 29 يونيو 2022) عن أي اختراق يصب في صالح إعادة إحياء الاتفاق النووي، حسبما أكدت واشنطن والاتحاد الأوروبي ومصادر رسمية إيرانية، في حين رأى آخرون أن المحادثات لم تنته، وأن الساعات القادمة حبلى بالتطورات.
وبعيداً عن تضارب هذه الآراء، فإن مجرد انعقاد محادثات بهذا المستوى في دولة خليجية، وفي ظرف عالمي كالذي يمر به العالم، علاوة على طبيعة الحدث نفسه، يعد استثنائياً في تاريخ المنطقة.
كما من شأنه أيضاً أن ينبئ عن الكثير من التغيرات البنيوية، سواء كان ذلك في شكل تحالفات عسكرية، أو اصطفاف سياسي بين دول المنطقة.
وتبرز أهمية المحادثات القطرية في ظل انهيار المحادثات المرتبطة بالاتفاق النووي بين إيران ومجموعة الـ"5+1"، ومن بينها الولايات المتحدة الأمريكية.
وقد وصلت الأطراف المعنية إلى اتفاق سابق في عام 2015، قبل أن تنسحب واشنطن من الاتفاقية مع وصول الرئيس السابق دونالد ترامب إلى سدة الرئاسة الأمريكية، في 2016.
توقيت حاسم
ويعربُ محللون تحدث معهم "الخليج أونلاين" عن تفاؤلهم بنتائج إيجابية بالمحادثات القطرية، معللين ذلك برصيد الدوحة من المحادثات الدولية التي تهدف إلى الوصول إلى حلول دبلوماسية، إذ سبق أن استضافت أمريكا وحركة طالبان الأفغانية، وقد أفضت تلك المحادثات إلى انسحاب واشنطن من أفغانستان بعد سنوات من احتلالها.
دلالات التوقيت، بحسب ما قال علي فتح الله نجاد، الزميل والباحث في معهد عصام فارس للسياسات العامة والشؤون الدولية، التابع للجامعة الأمريكية في بيروت، فإن "محادثات الدوحة تجري في توقيت حاسم للغاية"، آخذاً في الاعتبار عدداً من المعطيات.
وحول تلك المعطيات يوضح في حديثه مع "الخليج أونلاين" أنه توجد 3 معطيات؛ الأول "توقف العملية الدبلوماسية التي تهدف إلى استعادة خطة العمل الشاملة المشتركة لمدة تناهز 3 أشهر، والمعطى الثاني تصاعد التوترات الإقليمية والدولية التأثير بشكل ملحوظ بين المعنيين بالاتفاقية".
أما المعطى الثالث، بحسب علي فتح الله نجاد، فيتمثل في أن "محادثات الدوحة تمت قبل زيارة مرتقبة للرئيس الأمريكي جو بايدن، ما يثير التساؤلات عن مستقبل خطة العمل الشاملة المشتركة بين واشنطن وطهران".
دلالة اختيار الدوحة
وحول اختيار الدوحة وآفاق المحادثات، يقول الباحث العُماني في شؤون الخليج والشرق الأوسط والأكاديمي في جامعة واسيدا اليابانية، عبد الله باعبود: إن "اختيار الدوحة يكمن في الأدوار المشهودة لدولة قطر في حل الأزمات الدولية، وتأكيد نجاعة الدبلوماسية القطرية".
ويتابع باعبود في تصريح خاص لـ"الخليج أونلاين": "أعتقد أن هناك إدراكاً لدى كل من الطرفين؛ الأمريكي والإيراني، أن أزمة الملف النووي حان الوقت لحلها بالنسبة للبلدين من أجل تجاوز هذه المعضلة والتوجه إلى مسائل أخرى أكثر إلحاحاً؛ فهناك آفاق عديدة ومهمة لنجاح هذه المفاوضات، منها التقلبات العالمية التي أصبحت ملحة، بحيث إن الكل يسعى للخروج من هذا النفق".
ويوضح أن "إيران بحاجة إلى رفع العقوبات، والولايات المتحدة بدورها بحاجة إلى التركيز على ملفات أخرى؛ مثل أزمة أوكرانيا ومستقبل إمدادات الطاقة".
وأوضح باعبود أن "التوصل إلى اتفاق في دولة خليجية وجارة سيعطي مصداقية كبيرة لهذه المحادثات".
ويطرح بعداً آخر جديراً بالانتباه، إذ يقول: "إن احتضان دولة خليجية هو نوع من الإشراك لدول مجلس التعاون في المحادثات المستقبلية مع إيران؛ إذ إن الاتفاق الأول كان من المقرر أن يتم دون مشاورة دول الخليج".
وأشار إلى أن "وجود المفاوضات في دولة خليجية وعلى أرض خليجية وبمشاركة خليجية يعطي بعداً آخر للاتفاق يكمل الفراغات ويجيب على التساؤلات المطروحة حول انعكاس الاتفاق النووي الإيراني على دول الخليج".
ما المتوقع؟
المتوقع من المحادثات القطرية في سياق آخر، يقول محجوب الزويري، مدير مركز دراسات الخليج في جامعة قطر: إن "الهدف من محادثات الدوحة هو نقاش ومعالجة القضايا السياسية التي لم يتفق عليها بين واشنطن وطهران، مثل إزالة الحرس الثوري من قائمة الإرهاب الأمريكية، وكذلك دور إيران الإقليمي وتعهداتها بأداء أدوار إيجابية في المنطقة".
كما تريد طهران -وفق الزويري- "استعادة أجزاء من عوائدها المالية المحتجزة في الولايات المتحدة والدول الأخرى"، فيما ترغب واشنطن بـ"استرجاع نحو 6 معتقلين أمريكيين في إيران".
ويعتبر الزويري أن "كل هذه الملفات ذات طابع سياسي، ولم يحصل حولها اتفاق سابقاً؛ بسبب تشبث كل من الطرفين بمواقف محددة إزاء كل قضية".
علاوة على قدرة محادثات الدوحة على تفكيك هذه الملفات، فإن محادثات الدوحة باعتقاد الزويري "تشكلت فصلاً جديداً في عملية التفاوض ما بين إيران والغرب من جهة، وإغلاق ملف مفاوضات فيينا من جهة أخرى، إذ إن ما ينتج عن محادثات الدوحة سينقل إلى مفاوضات فيينا من أجل إعلان الاتفاق النهائي".
ويرى الباحث في الشأن الإيراني أن "التصريحات لا تزال متضاربة حول المتوقع من محادثات الدوحة، إذ إن الجانب الأوروبي ممثلاً في جوزيف بوريل يقول إن المحادثات التي تجري في الدوحة ستكون منفصلة عن مفاوضات أوسع نطاقاً بوساطة الاتحاد الأوروبي في فيينا".
وأشار في ذات الوقت إلى أن "تصريحات المسؤولين الإيرانيين بأن محادثات الدوحة سيتم بعدها الانتقال إلى فيينا للانتهاء من الاتفاق في شكله النهائي".
وحول هذا يضيف الزويري: "هناك عدم توافق على ما يبدو بين الأطراف حول النتائج المتوقعة من محادثات الدوحة، ما يوجه التوقعات نحو سيناريوهات مغلقة؛ إما إتمام اتفاق فيينا وإعلانه في الدوحة، أو العودة مرة أخرى إلى فيينا واستكمال الاتفاق وإرجاعه".