لوفيغارو-
قالت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية إنّ دولة قطر، “التي تتحاور مع إسرائيل منذ ثلاثة عقود” مع إيوائها في الوقت نفسه الجناح السياسي لحركة حماس، فرضت نفسها باعتبارها الوسيط المثالي الذي لا مفر منه ولا غنى عنه للتفاوض على إطلاق سراح الإسرائيليين بعد أسرهم في السابع من أكتوبر/تشرين الأول على يد حركة حماس الفلسطينية في غزة.
وتابعت “على عكس عملية احتجاز الرهائن الكلاسيكية، فإن البحث عن وسطاء للتواصل مع محتجزيهم لم تكن ضرورية هذه المرة، حيث كان هناك إجماع على الدوحة، حيث اتصل القادة الإسرائيليون والأمريكيون – بما في ذلك رؤساء وكالة الاستخبارات المركزية والموساد وكذلك الفرنسيون- على الفور بأمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، لمحاولة حل مشكلة الرهائن هذه، والتي كانت غير عادية من حيث عددهم والدعاية حولهم. وكان من الواضح أن قطر هي من يفترض أن تكون أول من يعلن عن الاتفاق على إطلاق سراح الرهائن في غزة”.
ففي هذه القضية بدت القيمة المضافة القطرية متعددة، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى علاقتها الفريدة مع حركة حماس، التي تدعمها سياسياً ومالياً وإعلامياً، تضيف “لوفيغارو”، مشيرة إلى أن خالد مشعل، الذي كان لفترة طويلة رئيساً للمكتب السياسي لحماس خارج فلسطين، بدأ حياته المهنية كمدرس في الدوحة وأصبح صديقاً شخصياً للأمير السابق الشيخ حمد. وفي الأسابيع الأخيرة، كان مشعل في قطر إلى جانب إسماعيل هنية، الزعيم السياسي الحالي لحركة حماس.
وتابعت “لوفيغارو” القول إن الدعم القطري لمنظمة تصنفها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على أنها “إرهابية”، وكانت تعارض بشدة عملية السلام مع إسرائيل التي انطلقت في التسعينيات، كان على حساب السلطة الفلسطينية، المدعومة من المجتمع الدولي. وقد أكسبها هذا الموقف “المتمرد” انتقادات من الدول الأوروبية على وجه الخصوص، لكن ذلك لم يمنع قطر بأي حال من الأحوال من الاستمرار في دعمها السياسي والمادي لحماس.
فبعد العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة في عامي 2014 و2021، ساعدت الأموال القطرية – 30 مليون دولار تُدفع شهريًا لإدارة حماس في غزة – في منع انهيار هذا السجن في الهواء الطلق، حيث يعيش 2.4 مليون فلسطيني. وقد فعلت الدوحة ذلك بموافقة إسرائيل والولايات المتحدة، وتلك هي عقيدة دبلوماسيتها التصالحية: نادراً ما تتصرف قطر دون موافقة حليفتها الأمريكية، سواء باستضافة حركة طالبان، أو الجناح السياسي لحركة حماس، بحسب “لوفيغارو” دائماً.
وتواصل الصحيفة الفرنسية القول إن الدعم القطري لحماس موجود أيضًا إعلاميًا من خلال قناة الجزيرة، التي تنقل مواقف الحركة على نطاق واسع.. ففي مايو/أيار 2022، أخبر مسؤول عسكري كبير في حماس، علانية، قناة الجزيرة بمعلومات قيّمة حول المساعدة التي قدمها لهم حزب الله والحرس الثوري الإيراني خلال الحرب الإسرائيلية في مايو/أيار ويونيو/حزيران عام 2021، تُشير “لوفيغارو”.
والبعد الآخر للقيمة المضافة القطرية – توضح “لوفيغارو” دائماً، يتمثل في قدرة الدوحة على إقامة علاقة غير رسمية مع إسرائيل […] فقد تم تأسيس علاقة ثلاثية قطرية- أمريكية- إسرائيلية والتي تظهر فائدتها اليوم أيضاً من خلال مفاوضات “الرهائن” الحالية. وكان هذا العمل الدبلوماسي قد دفع رئيس الوزراء الإسرائيلي شيمون بيريز إلى افتتاح “مكتب المصالح التجارية” الإسرائيلي في الدوحة عام 1996، قبل أن يتم إغلاق هذا المكتب عام 2008، أثناء العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة ضد حماس. ومنذ ذلك الحين، تكرر تل أبيب بانتظام إدانتها للدعم القطري لحماس.
وتأتي القيمة المضافة القطرية النهائية – بحسب “لوفيغارو”- من خبرة الدوحة الطويلة في تأمين إطلاق سراح الرهائن الأجانب، وقد تم استخدام هذا بشكل ملحوظ في العراق، ولا سيما لتحرير حوالي 15 أميراً من العائلة الحاكمة الذين تم أسرهم في الصحراء أثناء صيد الحبارى، ولكن أيضاً خلال الحرب السورية. ويشدد الدبلوماسيون القطريون أن ذلك يندرج في إطار تقديم خدمات لدول صديقة أو مهمة.
وتنقل “لوفيغارو” عن رئيس وزراء فرنسي سابق لم تذكر اسمه، قوله: “لقد قدّم لنا القطريون الكثير من الخدمات.. فعلوا ذلك مرة أخرى في الأشهر الأخيرة من خلال إقناع جارتهم الإيرانية بالإفراج عن عامل إنساني بلجيكي محتجز في طهران”.