كمال السلامي - الخليج أونلاين-
لعبت قطر دوراً محورياً في الوساطة بين طرفي النزاع بغزة، ونجحت أواخر نوفمبر الماضي، في التوصل إلى هدنة مؤقتة جرى خلالها تبادل الإفراج عن أكثر من 340 أسيراً ومحتجزاً من الجانبين، بينهم 81 إسرائيلياً.
لكن وعلى الرغم من الاختراق الذي حققته قطر منذ الـ7 من أكتوبر، في واحدة من أعقد الأزمات التي عصفت بالمنطقة، وأكثر الحروب دموية في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي، فإنها لم تسلم من إساءة واتهامات بعض المسؤولين الأمريكيين والإسرائيليين على حد سواء.
اتهامات
ويوم الاثنين الماضي، دعا عضو الكونغرس الديمقراطي ستيني هوير، بلاده إلى إعادة تقييم العلاقات مع قطر، واصفاً إياها بأنها غير بناءة، بسبب ما سماه عدم ممارستها ضغوطاً على حركة حماس، وهو ما رفضته السفارة القطرية، في بيان حمل لهجة حازمة تجاه هذه التصريحات.
وتعرضت قطر لانتقادات من رئيس لجنة الرقابة بمجلس النواب الأمريكي جيمس كومر، وهو ما ردت عليه سفارة الدوحة بواشنطن في 9 أبريل الجاري، بالرفض والاستنكار، وهي الاتهامات ذاتها التي أطلقها عضو لجنة الاستخبارات بمجلس النواب والتز بريس، مطلع نوفمبر الماضي.
وفي أواخر يناير الماضي، قال نتنياهو في تسجيل مسرب، إن قيام قطر بدور الوساطة في مفاوضات الأسرى يمثل إشكالية، معرباً عن خيبة أمله من عدم ممارسة واشنطن ضغوطاً على الدوحة.
رد قطري حازم
ويوم الأربعاء (17 أبريل)، أعلن رئيس وزراء قطر وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن بلاده تعيد تقييم دورها في الوساطة بين "حماس" و"إسرائيل"، بسبب ما سماه "إساءة استخدام هذا الدور من قبل بعض الساسة"، في إشارة إلى اتهامات مسؤولين أمريكيين وإسرائيليين.
الوزير القطري أشار إلى أن هناك حدوداً لدور الوسيط، وأن الوسطاء لا يستطيعون تقديم أشياء، الأطراف نفسها تمتنع عن تقديمها، لافتاً إلى أن المفاوضات تمر بمرحلة دقيقة حالياً.
السفارة القطرية في واشنطن انتقدت تصريحات المشرعين الأمريكيين، مذكرةً بأهمية الدور الذي تؤديه قطر ليس في حرب غزة وحسب، بل في ملفات أخرى، كما ذكّرت بأنها تحتضن قيادات "حماس" بناءً على طلب أمريكي.
وبعد إعلان قطر تقييم دورها في الوساطة، تتجلى عدة سيناريوهات لمصير المفاوضات بشأن وقف إطلاق النار، والإفراج عن الأسرى، نوردها فيما يلي:
الاستمرار في الوساطة
من المتوقع أن يفضي تقييم قطر لدورها في الوساطة، إلى قرارٍ مفاده الاستمرار في الوساطة، رغم الصعوبات، لكن هذا يتطلب توقف المزايدة والاتهامات من قبل بعض المسؤولين الإسرائيليين، والأمريكيين الموالين لها، وكذلك استعداد طرفي النزاع "إسرائيل" و"حماس" لتقديم مزيد من التنازلات في الفترة المقبلة.
انسحاب قطر
السيناريو التالي يتمثل في إعلان قطر تجميد أو الانسحاب من الوساطة الحالية بين "إسرائيل" و"حماس"، وبما يتضمنه هذا السيناريو من تبعات كارثية ليس فقط على الفلسطينيين والإسرائيليين، بل للولايات المتحدة والغرب، فقطر هي الدولة الوحيدة التي تملك علاقات تؤهلها للعب دور إيجابي في الوساطة بين الطرفين، ومما قد يدفع قطر إلى الانسحاب، الضغوطات المتزايدة عليها لإجبار حركة "حماس"، على تقديم تنازلات من جانب واحد، وهو ما يطرحه بعض الساسة الأمريكيين والإسرائيليين.
انخراط وسطاء جُدد
وعند الحديث عن التعقيدات في مشهد الوساطة الراهن، والضغوطات التي تتعرض لها قطر، يحضر خيار دخول مزيد من الوسطاء، أو حلول بعضهم محل بعض الوسطاء الحاليين، وهنا يحضر اسم تركيا، لكن بالنظر إلى طبيعة العلاقة المتوترة بين أنقرة وتل أبيب، يتضح أن الوساطة التركية قد لا تكون مقبولة لدى "إسرائيل"، كما أن تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بخصوص "حماس"، عادةً ما تتسبب في انزعاج كبير بالأوساط الإسرائيلية.
انفراد مصري
أحد تلك السيناريوهات، انفراد مصر، وبالتنسيق مع الولايات المتحدة، بالوساطة بين "حماس" و"إسرائيل" بهدف التوصل لاتفاق يفضي إلى وقف إطلاق النار والإفراج عن الأسرى والمحتجزين، وعلى الرغم من امتلاك مصر علاقات إيجابية وقنوات مفتوحة مع طرفي النزاع، فإن هذه الخبرة في مجال الوساطات قد لا تكون كافية لتحقيق اختراق بملف الوساطة في غزة.
السيناريو الأقرب
ومن وجهة نظر الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني وسام عفيفة، فإن الولايات المتحدة الأمريكية ستحرص على بقاء الدور القطري، مع توجه "لتوسيع قائمة الوسطاء"، خصوصاً من الأطراف التي لها علاقة وقبول لدى "حماس".
وحول الدور التركي، يتلمس "عفيفة" عدة مؤشرات على دور تركي متوقع، إلى جانب الدور القطري، لافتاً إلى تصريحات سابقة لجيك سوليفان حول التواصل مع القيادة التركية ليكون لها دور في التواصل مع "حماس" بخصوص الصفقة.
ونوّه إلى زيارة وزير خارجية تركيا هاكان فيدان لقطر، ولقائه رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية، في الدوحة، وكذلك اللقاء المرتقب بين هنية والرئيس التركي، لافتاً إلى أن ذلك يشير إلى وجود إضافة للدور القطري في الوساطة.
واختتم حديثه بالقول: "الأتراك أنفسهم سوف يستفيدون من الدور القطري، والخبرة والنقاط التي وصلوا إليها، ومن ثم لن يغيب الدور القطري، ربما يتحرك أو ينزاح في جانب معين، لكن لن يغيب، وبالتالي التوجه نحو التوسيع وليس التقليص".