متابعات-
أكد الدكتور حمد عبد العزيز الكواري، وزير الدولة ورئيس مكتبة قطر الوطنية، على ضرورة تحليل ومتابعة ما يجرى في فرنسا في سياق التحولات التي تشهدها دول العالم، وانعكاس الأمر على دول في أفريقيا والشرق الأوسط تحديداً بعد صعود اليمين المتطرف والحالة التي خلقها، وقدرة الشعب على وضع حد لذلك.
وحلل وزير الدولة القطري، المشهد السياسي الفرنسي، وهو من المطلعين على أوضاع فرنسا عن قرب بحكم عمله السابق سفيراً ومرشحاً لمنصب اليونيسكو الواقع مقرها في باريس، وعيشه فيها سنوات عدة ودراسته لبعض الوقت في جامعاتها، وهو يحمل 3 أوسمة من قياداتها. وقال الكواري في تحليل نشره على حسابه الرسمي بموقع “إكس”، إنه “من الضروري وضع الأزمة الفرنسية في سياقها والتي، على الرغم من مميزاتها الخاصة، تندرج ضمن أزمة الديمقراطية العالمية، وقد مسّت هذه الأزمة بطرق مختلفة جميع القارات، بما في ذلك الولايات المتحدة”.
وقال الكواري في تقييمه لتجربة الانتخابات الفرنسية التي أثارت الكثير من الإشكالات والتساؤلات، “إنها مرحلة جديرة بالمتابعة ولها تبعاتها”. وأشار في هذا السياق أنه من الطبيعي أن يكون ملماً بأوضاعها ومتابعاً لشؤونها وعارفاً بتأثيرات متغيراتها السياسية على أوروبا والعالم، فرغم انقياد فرنسا إلى الأمركة، خاصة مع ماكرون، فإنها ما تزال قوّة أوروبية بامتياز.
وأضاف أنه لا يمكن تجاوز أهمية فرنسا كدولة محورية ومؤثرة في العالم سياسياً واقتصادياً وثقافياً، رغم تراجعها الكبير، فهي الدولة الرئيسية الأكبر والأكثر تأثيراً في الاتحاد الأوروبي، وهي الدولة الزعيمة لدول (الفرانكفونية) الـ55 ومعظمها من غرب أفريقيا وشمالها. ويؤكد المسؤول القطري في تحليل نتائج الانتخابات الفرنسية على أهمية عامل وجود قوة عاملة مهاجرة عربية وأفريقية كبيرة لها الدور الرئيسي وعليها الاعتماد الذي كان ولا يزال في بناء فرنسا.
وركز رئيس مكتبة قطر الوطنية على ضرورة متابعة تطورات فرنسا، وانتخاباتها وقراءتها القراءة الصحيحة، لمعرفة تأثيرها على مستقبل فرنسا والاتحاد الأوروبي والدول المتأثرة بالنفوذ الفرنسي ومن ضمنها لبنان. واعتبر أن التاريخ سيحكم على مدى تسرع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ودعوته للانتخابات الأخيرة، فهي خلقت وضعاً جديداً صعب المراس، بل أنتجت ما يسمّى الآن بـ”البرلمان المعلّق”، بعد شيوع الخوف لأيام من تفوّق اليمين المتطرّف، وانتصار مشبع بمشاعر اليقظة للجبهة الشعبية اليسارية.
ويعود المسؤول القطري في تحليله لنتائج الانتخابات الفرنسية وتوقعاته لمستقبلها، إلى التاريخ، مشيراً إلى أنه لم يكن موضوع التعايش السياسي حالة فريدة، فسبق أن تشكلت حكومة مختلفة عن توجه الرئيس السياسي في عهد الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران، وتعايشه مع حكومة يرأسها اليمين المعتدل ممثلا بالرئيس الراحل جاك شيراك. وحدث أيضا العكس في عهد الرئيس شيراك.
ويتوقع الوزير القطري أنه في الوضع الراهن، ليس هناك أغلبية لتشكيل الحكومة في فرنسا، والتحالف متعذر، وإن حدث، فهي وصفة لعدم الاستقرار، في عالم مضطرب سياسياً واقتصادياً، وفي وقت يتطلب قرارات مصيرية، مشيراً إلى أنه “ليس من صالح أحد عدم استقرار فرنسا القوة الإقليمية المؤثرة”.
ويؤكد الدكتور الكواري في تقييمه لنتائج الانتخابات الفرنسية أن الظرف الحالي، “مرحلة جديرة بالمتابعة ولها تبعاتها، وأيا كانت نتائج هذا المسار، فإن التجربة الفرنسية تقدم دروساً في قدرة الشعوب على تغيير الأوضاع حين تستشعر الخوف من زحف العنصريين واليمينيين الذين يربكون توازن أوروبا مثلما يربكون المشهد الفكري الغربي والعالمي”.
ويرى أنه “ليس أشقّ على الشعوب من أن تتنفّس هواء السياسات اليمينية بعد عقود من النضالات من أجل التعايش وقبول التنوع والحرص على الحقوق الفردية للإنسان”.