طه العاني - الخليج أونلاين-
في ظل التحديات الاقتصادية العالمية المتزايدة، تسعى دولة قطر بخُطا ثابتة لتحقيق تطلعاتها الاقتصادية الطموحة بحلول عام 2031.
ووضعت الدولة الخليجية رؤيتها الوطنية "2030"، كإطار استراتيجي يهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد المفرط على قطاع الطاقة، حيث تستثمر في قطاعات مثل السياحة، والخدمات المالية، والتعليم، والرعاية الصحية، والتكنولوجيا، وذلك لتقليل اعتمادها على النفط والغاز.
كما تعمل قطر على جذب الاستثمارات الأجنبية، من خلال تحسين بيئة الأعمال وتقديم حوافز للمستثمرين، مما يعزز النمو في قطاعات متعددة.
مضاعفة الاقتصاد
وتعمل دولة قطرعلى مضاعفة حجم اقتصادها بحلول عام 2031 من خلال استراتيجيات متكاملة تشمل التوسع في إنتاج الغاز الطبيعي المسال، وتعزيز القطاعات غير النفطية.
وبحسب تقرير "ستاندرد تشارترد" الصادر في 20 أغسطس 2024، فإن قطر تسير بثبات نحو تحقيق انتعاش اقتصادي كبير، حيث يتوقع أن يشهد اقتصادها نمواً ملحوظاً ليصل إلى ضعفه بحلول عام 2031.
ويرجع ذلك إلى نجاح قطر في إعادة إيراداتها الحكومية إلى مستويات ما قبل أزمة انخفاض أسعار النفط في عام 2014، بفضل موقعها الاستراتيجي في سوق الطاقة العالمية وجهودها المستمرة لتنويع اقتصادها الوطني.
كما تضطلع قطر بدور أساسي في سوق الغاز الطبيعي المسال، حيث تحتل المرتبة السادسة عالمياً في الإنتاج والثالثة في حجم الاحتياطيات، وأسهمت زيادة الطلب العالمي على الطاقة في دعم هذا الانتعاش الاقتصادي القوي.
ويُعتبر قطاع الغاز الطبيعي المسال العمودَ الفقري للاقتصاد القطري، حيث يسهم بشكل كبير في الإيرادات الحكومية، إذ يمثل نحو 70% من إجمالي الإيرادات و80% من عائدات التصدير.
ومن المتوقع أن يزيد إنتاج الغاز بنسبة 85% بحلول عام 2025، ويؤدي إلى مضاعفة الإنتاج الحالي البالغ 77 مليون طن سنوياً بحلول نهاية عام 2030.
نمو سريع
وتشير توقعات "ستاندرد تشارترد" للربع الثاني من عام 2024 إلى أن قطر تستعد لدخول مرحلة جديدة من النمو الاقتصادي، مدعومة بما يُعرف بـ"طفرة الغاز الكبيرة"، حيث تؤكد الدراسات أن احتياطيات الغاز في قطر كافية للحفاظ على مستوى الإنتاج الحالي لمدة لا تقل عن 140 عاماً.
يقول الأكاديمي والخبير الاقتصادي الدكتور عبد الرحيم الهور، إن الاقتصاد القطري ينمو بسرعة فائقة؛ لكونه "اقتصاداً ريعياً ومختلطاً في الوقت نفسه، مضيفاً لـ"الخليج أونلاين":
الاقتصاد القطري بنى قاعدة اقتصادية ضخمة، سواء على المستوى القانوني والتشريعي، أو على مستوى البنية التحتية من مطارات وموانئ وشبكة طرق.
المستوى الكبير لشبكات المصارف والبنوك والمؤسسات المالية، دفع بشدة إلى انتعاش ونمو الاقتصاد القطري بشكل كبير.
النمو المطرد في حجم الاقتصاد القطري يواجه بمجموعة من التحديات، سواء كانت التحديات على المستوى المحلي وقدرة الدولة على استيعاب النمو المتسارع، أو مرتبطة بالاقتصاد العالمي؛ لأنه كان الأساس في الانفتاح للاقتصاد القطري، وارتباطه بالإقليم والعالم وطبعاً من خلال تصدير الطاقة.
الاقتصاد غير النفطي
أسهم الاقتصاد غير النفطي في قطر بدور رئيس في تحقيق هذا التقدم الاقتصادي، حيث يشكل حالياً ما يقارب ثلثي الناتج المحلي الإجمالي، وفقاً لتقرير البنك الاقتصادي.
وشهدت قطاعات مثل العقارات والبناء، والخدمات المالية، والتجارة، والتصنيع، والخدمات اللوجستية، والسياحة نمواً ملحوظاً، مما ساعد على إيجاد مصادر دخل جديدة وتوفير فرص عمل واعدة، وقد كان لهذا النمو المتسارع دعم كبير من الاستثمارات الضخمة في البنية التحتية.
كما أسهمت الاستثمارات الكبيرة في الصناعات التحويلية في تعزيز القيمة الاستراتيجية لقطاع الهيدروكربونات، خاصة في مجالي التصنيع والبتروكيماويات.
وشهد قطاعا البناء والعقارات نمواً ملحوظاً، مدفوعاً بمشاريع البنية التحتية الكبرى المرتبطة باستضافة قطر لبطولة كأس العالم 2022، ورؤية قطر الوطنية 2030.
وبحسب الرئيس التنفيذي ورئيس الخدمات المصرفية للشركات والاستثمار في بنك "ستاندرد تشارترد" في قطر، مهند مكحل، فإن "عودة الإيرادات الحكومية القطرية إلى مستويات ما قبل عام 2014 يعد إنجازاً اقتصادياً بارزاً، يعكس نجاح الاستراتيجية الاقتصادية الشاملة التي تنتهجها الدولة".
كما أشار إلى أن هذا التحول "لم يتحقق بمحض الصدفة، بل جاء نتيجة لجهود متواصلة في تنويع مصادر الدخل الوطني، مدعومة بارتفاع أسعار الهيدروكربونات عالمياً، وزيادة الطلب على الغاز الطبيعي المسال، إضافة إلى الاستثمارات الاستراتيجية المكثفة في قطاعات الصناعة والسياحة والخدمات المالية".
وأضاف مكحل: "يمثل هذا التحول إنجازاً بارزاً يشهد على قدرة الاقتصاد القطري على التكيّف بمرونة مع التحديات المتزايدة التي تواجهها الأسواق العالمية، لا سيما في ظل التقلبات الحادة في أسعار النفط والظروف الجيوسياسية غير المستقرة".