متابعات
يستعد القطريون للمشاركة في استفتاء حول تعديلات دستورية جديدة، لاقت استحساناً شعبياً ملموساً لدى مختلف فئات الشعب القطري، لما اعتبروه خطوة لفتح الباب أمام الكفاءات وأصحاب الخبرة، وتأكيداً على مبدأ المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات.
وأصدر أمير قطر، اليوم (4 نوفمبر 2024)، مرسوماً بدعوة كافة المواطنين ممن أتموا سن الـ18 للمشاركة في استفتاء عام على التعديلات الدستورية، حيث وجد قطريون أهمية كبيرة في المشاركة بالاستفتاء؛ لما يعكس الوعي المُجتمعي بأهمية تلك التعديلات في ترسيخ الوحدة الوطنية والعدالة، وتلاحم الشعب والقيادة لمواصلة مسيرة التنمية والنهضة الشاملة.
وتتصدر التعديلات الحديثة استبدال انتخاب أعضاء مجلس الشورى بتعيينهم، ومنح المجنسين الحق في شغل المناصب العليا في الدولة، كما تتيح لرئيس مجلس الوزراء تفويض بعض صلاحياته إلى عدد من نوابه أو الوزراء، فكيف وجد القطريون ذلك؟
تعديلات جديدة
أحال أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، التعديلات الدستورية خلال افتتاح أعمال الدورة العادية للمجلس منتصف أكتوبر الجاري، بعدما أقر مشروع التعديلات الدستورية مجلس الوزراء، لاتخاذ اللازم بشأنها، ومن ثم طرحها للاستفتاء الشعبي لإقرارها.
ونهاية أكتوبر، أقر مجلس الشورى القطري بالإجماع مشروع التعديلات الدستورية، والتي شملت عدة مواد ما بين تعديل، وإضافة وإلغاء، بعد أسبوعين من طرحها من قبل أمير البلاد الشيخ تميم بن حمد للاستفتاء.
وبحسب ما أعلن المجلس، فإن المواد التي جرى تعديلها هي (1، 7، 13، 74، 77، 80، 81، 83، 86، 103، 104، 114، 117، 160) من الدستور الدائم لدولة قطر، فيما جرى إضافة (75 مكرراً)، وألغيت المواد (78، 79، 82) من الدستور.
وبعدها بيوم أصدر أمير قطر، الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، مرسوماً بدعوة كل المواطنين، ممن أتموا سن الثامنة عشرة، للمشاركة في استفتاء عام على تعديلات دستورية، وعلى أن يبدأ الاستفتاء من الساعة السابعة صباحاً وحتى الساعة السابعة مساء، وأن تعلن نتيجة الاستفتاء خلال 24 ساعة من انتهائه.
وتضمن المرسوم أن تشكل "اللجنة العامة للاستفتاء" برئاسة وزير الداخلية، وعضوية كل من وزير العدل، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء، ووزير الدولة للشؤون الداخلية، وعضو من أعضاء مجلس الشورى يختاره رئيس مجلس الشورى، ووكيل وزارة الداخلية، وقاض يختاره رئيس المجلس الأعلى للقضاء، ومدير إدارة الانتخابات بوزارة الداخلية.
اللُّحمة والترابط المجتمعي
تؤكد المحامية غادة محمد كربون، أن المرسوم الذي أصدره أمير قطر "هو تجسيد حقيقي لمعاني اللحمة والترابط المجتمعي"، مشيرة إلى أنه يمثل "نهجاً فعّالاً لتعزيز المشاركة الفاعلة بين أفراد المجتمع وحثهم على المشاركة وتقديم رؤاهم من أجل النهوض بالدولة".
وأوضحت، في حديثها لـ"الخليج أونلاين"، أن التعديلات الدستورية المطروحة "تحقق المصلحة العليا للبلاد، وترسخ مبدأ العدل وسيادة القانون، وتعزز الوحدة الوطنية، وأن الدعوة للاستفتاء الشعبي تعكس الحرص على المشاركة الشعبية، التي أسس لها الدستور والتزمت بها القيادة الحكيمة منذ إصدار دستور الدولة الدائم".
وأشارت إلى أن الهدف الرئيسي لهذه التعديلات "الحفاظ على وحدة الشعب وتعزيز المواطنة المتساوية في الحقوق والواجبات، وتطبيق مبدأ العدل وسيادة القانون، مؤكدة أن التعديلات توافق تطلعات الشعب القطري الحريصين على التلاحم والتكاتف مع قيادتهم".
ودعت المواطنين إلى المشاركة في الاستفتاء؛ "لما له من آثار إيجابية تصب في مصلحة المجتمع القطري".
نقلة نوعية
بدورها تؤكد المحامية منى المطوع أهمية التعديلات الدستورية، التي تُمثل، وفق قولها، "نقلة نوعية في مسيرة الدولة نحو مستقبلٍ أكثر استقراراً وتطوراً"، مشيرة الى أنها "خطوة رشيدة نحو ترسيخ مبادئ المواطنة وتعزيز ارتباط المواطن بدولته، حيث تضمنت استبدال عدد من النصوص وإضافة مواد جديدة، إلى جانب إلغاء بعض المواد التي لم تعد تتماشى مع المرحلة الحالية ورؤية قطر التنموية".
وبينت المطوع أن التعديلات الدستورية الجديدة تسهم بوضوح في تعزيز الوحدة الوطنية، حيث تلبي تطلعات المجتمع وتعزز اللحمة الوطنية، مشيرة في حديثها لـ"الخليج أونلاين" إلى أنه من أبرز التعديلات تعديل المادة (77)، إذ انتقلت آلية اختيار أعضاء مجلس الشورى من نظام الانتخاب الجزئي إلى نظام التعيين الكامل بقرار أميري.
وأضافت: "بذلك، يتم تفعيل مبدأ المساواة بين المواطنين، ويضمن تعيين الكفاءات القطرية من ذوي الخبرة لتحقيق العدالة المجتمعية، وهو ما يُسهم في رفع كفاءة مجلس الشورى والارتقاء بدوره كمؤسسة تُسهم في تحقيق المصالح الوطنية".
وبينت أن التعديلات الدستورية تأتي "كجزء من رؤية واضحة لتمكين مؤسسات الدولة وتحديث النظام الدستوري القطري، كما أنها "خطوة محورية في مسيرة التطور القطري، إذ إنها تعزز مبدأ الشفافية والمواطنة، وتضع أساسات قوية لمستقبل مشترك يقوم على التوافق المجتمعي والعدالة والمساواة".
الوحدة الوطنية
فيما يؤكد رجل الأعمال حسن الحكيم أن التعديلات الدستورية التي أقرها مجلس الشورى "تحقق المساواة بين أفراد المجتمع القطري في المشاركة الوطنية"، مؤكداً أن هذا التوجه "يعزز الوحدة الوطنية وروح المحبة التي تربط القيادة بالشعب".
ويؤكد لـ"الخليج أونلاين" أن التعديلات الدستورية الجديدة "تلبي تطلعات ونبض الشعب القطري، وهي خطوة مهمة وتاريخية في ترسيخ الوحدة الوطنية، وتعزيز سيادة القانون"، لافتاً إلى أن التعديلات "تعزز الشفافية وتُسهم في تحقيق رؤية قطر 2030 وتواكب النظرة المستقبلية لها".
التعديلات الجديدة
وبالنظر إلى المواد الثلاث الملغاة، فكانت كالتالي: (78: إصدار نظام الانتخاب بقانون. تحدد فيه شروط وإجراءات الترشيح والانتخاب)، إضافة إلى (79: تحدد الدوائر الانتخابية التي تقسم إليها الدولة ومناطق كل منها بمرسوم، و82: يعين القانون الجهة القضائية المختصة بالفصل في صحة انتخاب أعضاء مجلس الشورى).
وأضيف إلى الدستور مادة 75 مكررة، وتنص على التالي: "للأمير أن يدعو مجلس العائلة الحاكمة وأهل الحل والعقد ومجلس الشورى، أو أياً منهم، لمناقشة ما يراه من الأمور".
كما أضيفت فقرة إلى المادة 125، وتنص على أنه "يجوز لرئيس مجلس الوزراء تفويض بعض صلاحياته إلى نوابه والوزراء".
تعديلات مهمة
أبرز التعديلات التي طرأت على الدستور القطري تتعلق بالمجنسين، حيث تغير نص المادة 117 من "لا يلي الوزارة إلا من كانت جنسيته الأصلية قطرية"، إلى "لا يلي الوزارة إلا من كانت جنسيته قطرية"، وهو ما يعني أن الحاصلين على الجنسية خلال السنوات والعقود الماضية يحق لهم شغل أي منصب وزاري.
ومن بين التعديلات أيضاً إضافة عبارة: "ونظامها ديمقراطي يقوم على الشورى والعدل وسيادة القانون"، إلى المادة (1)، لتصبح كالتالي: "قطر دولة عربية مستقلة ذات سيادة. دينها الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي لتشريعاتها، ونظامها ديمقراطي يقوم على الشورى والعدل وسيادة القانون، ولغتها الرسمية هي اللغة العربية. وشعب قطر جزء من الأمة العربية".
المادة (7) من الدستور القطري، كانت تنص على التالي: "تقوم السياسة الخارجية للدولة على مبدأ توطيد السلم والأمن الدوليين، عن طريق تشجيع فض المنازعات الدولية بالطرق السلمية، ودعم حق الشعوب في تقرير مصيرها، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والتعاون مع الأمم المحبة للسلام".
وفي التعديل الجديد، تم إضافة عبارة: "وبما يتفق مع دور الدولة في حل تلك المنازعات على المستويين الإقليمي والدولي من خلال الوساطة والحوار، وما يستلزمه ذلك من الحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع الأطراف".
وفي المادة (13) أضيفت عبارة: "أو في الأحوال الأخرى التي يقدرها"، على صلاحية الأمير بتعيين نائب له من العائلة الحاكمة لمباشرة بعض صلاحياته، والتي كانت مقتصرة على شرط: "تعذر نيابة ولي العهد عنه".
وأصبح النص القانوني للمادة بعد تعديلها: "مع مراعاة أحكام المادتين السابقتين، للأمير عند تعذر نيابة ولي العهد عنه، أو في الأحوال الأخرى التي يقدرها، أن يعين بأمر أميري نائباً له من العائلة الحاكمة لمباشرة بعض صلاحياته واختصاصاته. فإن كان من تم تعيينه يشغل منصباً أو يتولى عملاً في أي جهة، فإنه يتوقف عن القيام بمهامه مدة نيابته عن الأمير. ويؤدي نائب الأمير بمجرد تعيينه، أمام الأمير، ذات اليمين التي يؤديها ولي العهد".
مجلس الشورى
وبالتعديلات الجديدة، أصبح مجلس الشورى، الذي يتألف أعضاؤه من 45 على الأقل، معيناً بالكامل من قبل أمير البلاد، بعدما كان 30 عضواً على الأقل يتم انتخابهم.
كما طرأ تعديل على المادة (80)، التي تخص أعضاء مجلس الشورى، لتشمل كل القطريين، بعدما كان المجلس محصوراً بالقطريين المكتسبين للجنسية بـ"الأصول" وليس التجنيس.
المادة (104) لحقتها التعديلات أيضاً، وفي نصها الجديد لم يعد الأمير ملزماً ببيان أسباب حل مجلس الشورى في حال أقدم على ذلك.
وأصبح النص الجديد للمادة: "للأمير، في أحوال الضرورة، ومقتضيات المصلحة العامة، حل مجلس الشورى بمرسوم، وإذا حُل المجلس وجب تعيين المجلس الجديد في موعد لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ الحل. وإلى أن يعين المجلس الجديد يتولى الأمير بمعاونة مجلس الوزراء سلطة التشريع".