دول » قطر

في سوق الغاز العالمي.. قطر تُرسخ مكانتها بين عمالقة الطاقة

في 2024/12/11

متابعات

في ظل تزايد الطلب العالمي على الغاز الطبيعي المسال، تحتدم المنافسة بين الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال على مستوى العالم، ومحاولة كل منها زيادة حصتها السوقية في تجارة الغاز الطبيعي المسال عالمياً.

قطر استطاعت خلال ربع قرن من الزمان أن تضع نفسها بين اللاعبين الكبار في سوق الغاز الطبيعي المسال عالمياً، بل حافظت لسنوات على الصدارة، قبل أن تعتلي الولايات المتحدة للمرة الأولى قمة الدول المصدرة للغاز الطبيعي في العام 2023.

بحسب توقعات وكالة الطاقة الدولية فإن الطلب العالمي على الغاز الطبيعي سيستمر بالنمو بنحو 2.5% سنوياً، بحيث سيصل إلى قرابة 5.36 تريليونات متر مكعب بحلول 2050، بنسبة نمو 34%، مقارنة 4.015 تريليونات متر مكعب في العام 2022.

لا خوف من المنافسة

وعود الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب برفع سقف صادرات الولايات المتحدة الأمريكية من الغاز الطبيعي المسال، أثار بعض المخاوف لدى الدول المصدرة للغاز الطبيعي المسال حول شكل خريطة سوق الغاز الطبيعي العالمية.

وزير شؤون الطاقة القطري سعد شريدة الكعبي يقول: "لا نشعر بقلق كبير حيال تعهدات الرئيس الأمريكي المنتخب برفع سقف الصادرات الغاز الطبيعي المسال، ستظل الحاجة للغاز في السوق العالمي قائمة، والمنافسة الإضافية مرحب بها".

ويضيف الوزير القطري في تصريحات: "إنتاج الغاز الطبيعي هو مشاريع مدفوعة من قبل الشركات الخاصة التي تنظر في الجدوى التجارية، مما سيُخضع الأمر للعرض والطلب وآفاق هذه الشركات على المدى الطويل".

وبحسب أحدث إحصائيات الربع الثالث من 2024، جاءت دولة قطر في المرتبة الثانية بين الدول المصدرة للغاز الطبيعي بنحو 20.38 مليون طن، فيما احتفظت الولايات المتحدة بلقب أكبر مصدر للغاز المسال عالمياً، مع ارتفاع صادراتها إلى 21.11 مليون طن، في حين جاءت أستراليا بالمركز الثالث بصادرات 19.86 مليون طن، في الربع الثالث من 2024.

وتعتزم دولة قطر زيادة سعتها الإنتاجية من الغاز الطبيعي المسال بما يفوق 63%، لتبلغ 126 مليون طن سنوياً في النصف الثاني من العقد الحالي، من خلال تطوير شرق حقل الشمال، المقرر أن يدخل طور الإنتاج في 2026، وجنوب حقل الشمال الذي سيكون جاهزاً لتسليم أول شحنة في 2027.

طلب متزايد

يؤكد خبراء مختصون بشؤون الطاقة أن سوق الغاز الطبيعي العالمي يتغير عادة ضمن معادلة العرض والطلب ومدى قدرة الدول المنتجة على تلبية حاجة الدول المستهلكة، مشيرين إلى أنه بالرغم من التوقعات برفع سقف صادرات أمريكا، فإن هناك طلباً متزايداً على الغاز الطبيعي.

ويؤكد الدكتور حامد أحمد المرواني الخبير الاقتصادي أن دخول الولايات المتحدة الأمريكية في سوق الغاز الطبيعي يؤثر على الدول المصدرة، لا سيما أنها أصبحت تتصدر قائمة الدول المصدرة للغاز منذ ما يقارب العامين.

وأشار إلى أنه على الرغم من دخول الولايات المتحدة فإن قطر استطاعت خلال العقود الماضية ترسيخ نفسها كأحد اللاعبين الكبار في سوق الغاز من خلال إبرام عقود طويلة مع الدول المستهلكة للطاقة، مما يمنحها استقراراً على صعيد صادراتها.

المرواني أوضح في حديثه لـ "الخليج أونلاين" أن قطر عملت على البدء بالتوسع الاستراتيجي لمشاريع الغاز بحقل الشمال، بما يمنحها أفضلية في السوق العالمي، علاوة على ذلك يرى أنه في ظل دخول كميات جديدة من الغاز إلى الأسواق العالمية، فإن هناك طلباً متزايداً عليه بصفته طاقة نظيفة تدعم جهود الحفاظ على البيئة.

ويرى أن دولة قطر لديها فرصة لإبرام العقود مع دول أفريقية خلال الفترة المقبلة، إضافة إلى العقود طويلة الأمد التي تم توقيعها مع عديد من الدول الآسيوية خلال السنوات الماضية.

 استحواذ قطري

بدوره قال الكاتب المتخصص بشؤون الطاقة شوقي مهدي إن قطر، الدولة الخليجية الصغيرة، تمكنت خلال السنوات الماضية من تطوير صناعة الغاز وأصبحت تستحوذ على ربع أو ثلث تجارة الغاز الطبيعي المسال عالمياً.

ويرى مهدي في تصريح لـ"الخليج أونلاين" أن "قطر للطاقة" تتميز باستراتيجية بعيدة المدى في سوق الغاز الطبيعي المسال، ويلخص أسباب زيادة قطر في سوق الغاز الطبيعي المسال بما يلي:

-امتلاك قطر لاحتياطات هائلة من الغاز الطبيعي، وذلك من خلال حقل الشمال الذي يضم أكبر احتياطي عالمي من الغاز غير المصاحب، مما يمنحها القدرة على تلبية الطلب العالمي المتنامي على الغاز دون انقطاع لعقود طويلة.

-امتلاك قطر لبنية تحتية تكنولوجية متطورة تضم أسطولاً ضخماً من ناقلات الغاز الطبيعي المسال العملاقة التي تجوب البحار والمحيطات وتقدم طاقة منخفضة الانبعاثات بأسعار تنافسية.

-الطلب العالمي المتزايد على الغاز الطبيعي المسال، خاصة مع الاهتمام العالمي المتزايد بالبحث عن مصادر طاقة أنظف مقارنة بالفحم والنفط، مما يجعل الطلب على الغاز المسال ضرورياً لتحقيق انتقال الطاقة.

-قطر قوة اقتصادية، والمقدرة المالية الضخمة تتجسد في الاستثمار الحكومي الكبير في قطاع الطاقة، كما تمتلك قطر موقعاً جغرافياً استراتيجياً في وسط العالم، مما يتيح لشحناتها الوصول إلى أي منطقة في العالم في وقت قياسي.

منتج مرن

وبحسب رأيه فإن وعود الرئيس الأمريكي برفع سقف الصادرات من الغاز الطبيعي المسال لن تكون ذات تأثير على قطر، حيث تتمتع الدولة الخليجية بميزة "المنتج المرن" الذي يستطيع ضخ استثمارات كبيرة في إنتاج الغاز، مما يسمح لها بالإنتاج بتكلفة منخفضة للغاية مقارنة ببقية المنتجين، ما يسهم في عملية التحول العالمي نحو الغاز الأخضر والبحث عن طاقة نظيفة من خلال خفض الانبعاثات وحجز الكربون وتخزينه.

وختم مهدي حديثه بالقول: "استطاعت الدوحة من خلال توسعة حقل الشمال تنويع شراكاتها مع كبريات شركات الطاقة التي اختارتها لتوسعة الحقل، مما يساعد في تحقيق الفائدة القصوى من التقنيات الحديثة في صناعة الغاز ويعزز الخبرات لدى هؤلاء الشركاء".