خالد عبد الرحيم السيد- الشرق القطرية-
تم الاعتراف للمرة الأولى رسميا بالسياحة الثقافية في عام 1963 من قبل المجلس الاقتصادي الاجتماعي في الأمم المتحدة، وفي عام 1966 أعلنت منظمة اليونسكو "أن السياحة الثقافية تسهم في تدعيم مسيرة السلام".
وتشكل السياحة التي تعتمد على الثقافة صناعة هامة في الكثير من الدول، ليس فقط من ناحية التأثير المباشر على الدخل القومي للدولة؛ بل في التقارب بين الشعوب والتعرف على حضارات وثقافات أخرى وعادات وتقاليد وتراث وفنون، وتعتمد السياحة الثقافية على زيارة السياح للمواقع الأثرية والمعالم التاريخية والمتاحف، والتعرف على الصناعات التقليدية وحضور الفعاليات الثقافية، ومع تطور مفهوم السياحة الثقافية وجدت منتجات جديدة كالمدن والقرى الثقافية والتراثية التي تجذب أعدادا كبيرة من السياح. وشهدت السنوات الأخيرة ازدهارا ملحوظا في تطور صناعة السياحة الثقافية في الوطن العربي، حيث تمتلك الدول العربية مقومات سياحية مهمة كالمواقع التراثية والأثرية والدينية والطبيعية المتميزة على مستوى العالم. وساهمت الاستثمارات الهائلة في البنية التحتية في دعم هذه الصناعة، مما يؤكد قناعة الدول العربية بأن السياحة مصدر دخل، في حال ازدهارها ونموها.
إلا أن هناك مشكلة حقيقية تعيق تطوير السياحة في الدول العربية، والسياحة الثقافية بشكل خاص، تكمن في تأثر السياحة بالتوجهات السياسية والأمن السياحي والقدرات البشرية الملائمة، وضيق القوانين والتشريعات التي تسهم في تشجيع السياحة الثقافية. فقد يمنع مثقف عربي من حضور ندوة ثقافية أو مهرجان ثقافي في دولة عربية بسبب توجهاته السياسية والفكرية، أو بسبب مقال نشره أو كتاب قام بتأليفه، وقد يخاف السائح على سلامته وعرضه وماله وراحته، بسبب سوء المعاملة التي قد يواجهها خلال زيارته، وهنا تكمن المشكلة الحقيقية في تطوير السياحة الثقافية.
والمشكلة الأخرى التي يواجهها بعض الدول الخليجية - بسبب التركيبة السكانية وعدد المواطنين ـ استلام أجانب غير عرب مهام إدارة وترويج السياحة الثقافية، والصدمة الكبرى، عندما يتحدث أجنبي عن تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا في بعض المهرجانات الثقافية!
لذلك لا بد من فصل السياسة عن السياحة، وكذلك تطوير القوانين والتشريعات التي تشجع على تطوير السياحة الثقافية. أيضاً لابد من تهيئة القدرات البشرية الوطنية لتلعب الدور الرئيسي في ترويج السياحة الثقافية، وفتح مجال الاستثمار فيها لضمان ازدهارها ونموها.