الراية القطرية-
قال سعادة السيد فيليب هاموند وزير خارجية المملكة المتحدة إن بلاده ملتزمة بضمان أمن الخليج ودعم دول مجلس التعاون الخليجي، كما أن بلاده لديها التزام تام بالاستراتيجية الأمنية لمنطقة الخليج والتي ستتبلور فعليًا خلال الأشهر القليلة القادمة.
وأكد الوزير البريطاني في حديث خاص لوكالة الأنباء القطرية /قنا/ أمس في ختام زيارته إلى الدوحة، أن الوضع في سوريا والتدخل العسكري الروسي ومباحثات فيينا المزمع انطلاقها اليوم كانت محور لقائه مع حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، مشيرًا إلى أنه أطلع سمو الأمير المفدى على آخر التحضيرات بشأن تلك المباحثات والأفكار المطروحة للنقاش، ومدى إمكانية إقناع الطرف الإيراني بتغيير موقفه حتى يتسنى تحقيق اتفاق ينهي الأزمة هناك، كما استعرض مع سموه الوضع في اليمن، مؤكدًا أن "كلاً من قطر والمملكة المتحدة تتشاركان القلق ذاته حيال تدهور الأوضاع الإنسانية هناك والتي تحظى باهتمام قطري كبير".
وقال وزير الخارجية البريطاني: إن اللقاء تطرّق كذلك إلى مسار العملية السياسية في ليبيا والتي وصلت إلى نقطة وصفها بأنها "مخيّبة للآمال"، حيث بات الاتفاق السياسي هناك أمرًا "معقدًا".
وبشأن نتائج مباحثاته مع المسؤولين في المملكة العربية السعودية قال السيد هاموند: "إن هناك علاقات ثنائية مشتركة وقوية تجمع بين بلاده والسعودية في جميع المجالات، كما أن هناك العديد من القضايا لمناقشتها".
وأشار إلى أنه ناقش مع سعادة وزير الخارجية السعودي "آخر المستجدات بشأن اجتماع فيينا الخاص بالوضع في سوريا في ظل الدور الكبير الذي تلعبه السعودية لحل هذه الأزمة"، كما تطرّقت مباحثاته للوضع الاستراتيجي في منطقة الخليج والملف اليمني.. وقال إنه التقى الملك سلمان بن عبد العزيز عاهل المملكة العربية السعودية واستعرضا مجمل القضايا الاستراتيجية بالمنطقة والعلاقات الثنائية بين البلدين والوضع الإقليمي الراهن.
وحول رؤية بلاده للوضع الحالي في سوريا بعد التدخل العسكري الروسي، أكد "أن الوضع في سوريا لا يزال "كارثيًا" حيث يعاني المدنيون في المقام الأول، ويضطر الكثير منهم للنزوح خارج البلد الأمر الذي يفاقم من أزمة اللاجئين التي نحاول معالجتها".
ووصف التدخل الروسي بأنه قد "عقد الوضع أكثر" ويشكّل تهديدًا لقوى المعارضة ويعمل على تقسيمها، لافتًا إلى أن المملكة المتحدة تسعى لمواصلة دعمها للمعارضة المعتدلة لضمان استمرار قوة هذه المعارضة على الأرض، ولكي لا تتم إزاحتها من قبل روسيا تحت اسم محاربة تنظيم داعش.
وقال: "إن كل ما يفعله الروس في الواقع هو محاربة المعارضة المعتدلة لبشار الأسد، وإن 85% من الهجمات الجوية الروسية استهدفت مواقع لا تمت بصلة لداعش وهذه حقيقة لا يمكن لروسيا أن تنفيها".
وفيما يتعلق بقدرة المعارضة السورية المعتدلة على ملء الفراغ السياسي الحاصل في سوريا قال وزير الخارجية البريطاني: "إن بشار الأسد يجب أن يرحل، فالمعارضة المعتدلة لن تعقد معه أي اتفاق تسوية".
وأضاف: "إن المعارضة السورية في الوقت الحالي تقاتل على جبهتين وهما داعش والنظام السوري، وإن ما يتوجب علينا القيام به هو ضمان حل سياسي ينهي هذه الحرب حتى تتكاتف جهود جميع القوات من أجل القضاء على داعش، لكن من أجل بلوغ هذه النقطة علينا أن نتوصّل إلى اتفاق سياسي يمهّد لمرحلة انتقالية في سوريا بعيدًا عن نظام بشار الأسد".
وبشأن استراتيجية بريطانيا للتعامل مع أزمة اللاجئين السوريين قال سعادة السيد فيليب هاموند وزير خارجية المملكة المتحدة لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: "إن الاتحاد الأوروبي أطلق نظامًا من أجل إعادة توزيع اللاجئين السوريين داخل دول منطقة /شنجن/ وبريطانيا ليست عضوًا في هذه المنطقة، كما أن بريطانيا لديها موقف خاص مع الاتحاد الأوروبي حيال قضية المهاجرين وهو "النأي بالنفس" حيال هذه الأزمة.
وأضاف الوزير البريطاني: "لكن بالمقابل أعلنّا أننا سنستقبل 23 ألف لاجئ سوري من المتواجدين في معسكرات الأمم المتحدة في كل من الأردن ولبنان وتركيا، وهذا العدد سيتركز حول غير القادرين على العبور إلى أوروبا وهم كبار السن والمرضى والسيدات الحوامل والأطفال ممن يحتاجون للدعم".
وعن الوضع في العراق وإمكانية تكرار السيناريو الروسي، قال: "إنه لا يتوقع أي تدخل عسكري روسي في العراق لأنه سيكون دون جدوى، فقوات التحالف الدولي تشن غارات جوية فعّالة وليست بحاجة إلى أي دعم إضافي".
واستبعد وزير الخارجية البريطاني أن يكون لدى الروس نية لنشر قوات بريّة بالعراق، منوهًا إلى تصريح رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بأنه لن يسمح بنشر أي قوات غير وطنية في المعركة ضد داعش.
وأضاف: "موقفنا واضح، إذا كان الروس مستعدين للعمل معنا ومع الأطراف الأخرى في محاربة داعش فأهلا بهم، لكن بشرط أن تكون الحرب ضد داعش فقط، وألا تكون غطاءً لغرض آخر مثلما يفعلون في سوريا، حيث يدّعون أنهم يحاربون داعش لكن في الحقيقة يحمون بشار الأسد".
وعلى صعيد الوضع في اليمن أكد وزير الخارجية البريطاني لـ/قنا/ أن قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية حققت نجاحًا عسكريًا في اليمن ونجحت في استعادة العديد من المدن والمحافظات وأجبرت قوات الحوثيين على التراجع، مشيرًا في الوقت ذاته إلى ضرورة البدء في حل سياسي.
واستطرد قائلاً: "لكن المعضلة تكمن في كيفية إزاحة الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح من المعادلة، ثم الجلوس مع الحوثيين على طاولة واحدة لتطبيق قرارات الأمم المتحدة".
وأعرب وزير الخارجية البريطاني عن أمله في الانتقال سريعًا إلى المسار السياسي وحل كافة المشاكل العالقة عبر المفاوضات وتحقيق اتفاق بين جميع الأطراف ينهي الأزمة الإنسانية ويُعيد الحياة في اليمن إلى طبيعتها تجاريًا واقتصاديًا ولوجستيًا، مؤكدًا أنه خلال الأسابيع المقبلة سيشهد المسار السياسي في اليمن بعض التقدّم.
ومن جهة أخرى، قال سعادة السيد فيليب هاموند: إن بلاده ستواصل تفتيش ومراقبة المدارس الدينية غير المرخصة في بريطانيا لتفادي خلق أرضية خصبة للعنف والتطرّف. وإن بريطانيا لن تقبل بوجود أمثال هؤلاء الذين يدّعون بأن المسلمين لا يمكنهم العيش في المجتمع الأوروبي، ولن نسمح بالتفريق بين المسلمين وأصحاب الديانات الأخرى في بريطانيا.
وأضاف، في ختام تصريحه لوكالة الأنباء القطرية /قنا/: "إن بلاده لديها برنامج قوي لمحاربة التطرّف وقوانين مشدّدة وضعت خصيصًا لهذا الغرض لكن ما اكتشفناه خلال السنوات القليلة الماضية أننا نعاني فجوة تتمثل في أننا لا نتعامل مع أشخاص يخرقون قوانينا ولا يمارسون العنف أو يحرّضون عليه لكن بالمقابل يخلقون الظروف التي تساعد على انتعاش التطرّف فصار لزامًا علينا التخلّص من هذه الظروف".