الوطن القطرية-
كُتِب على «مزهرية» شجرة أمام مدخل إحدى المكتبات الضخمة في وسط الدوحة: «أنا شجرة ولست طفاية سجائر»، لكن المدخنين لم يأبهوا بتلك الجملة التحذيرية، حتى تصلبت الشجرة وماتت بتأثير أعقاب السجائر التي غمرت تربتها بالسموم؛ موت الشجرة ربما يُلخص «موت» الحياء عند بعض المدخنين الذين باتوا ينفثون سمومهم في مداخل المحلات التجارية والمؤسسات الحكومية دون اكتراث لحرمة، أو تشويه للمنظر العام.
وعلى الرغم من تعالي الأصوات المناهضة لهذا السلوك القبيح على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الحياة اليومية الواقعية؛ فإن الحملات التي تستهدف مكافحة التدخين في قطر ظلت ذات طابع موسمي مرتبط بالمناسبات الخاصة مثل اليوم الرياضي للدولة واليوم العالمي لمكافحة التدخين الذي يصادف 31 مايو من كل سنة.
وفي ظل غياب كامل لتطبيق قانون الرقابة على التبغ ومشتقاته، لم يتوان المدخنون عن فرض «مزاجهم» على الآخرين في أماكن كثيرة، لدرجة أصبحنا نرى فيها مدخنين يتعاطون السجائر في قلب مستشفى حمد.. نعم في قلب مستشفى الدوحة.
مداخل المجمعات التجارية والمؤسسات الحكومية، باتت مرتعاً للمدخنون، وفي هذا تشويه صريح للمظهر العام ومضايقة علنية للآخرين؛ وهو ما يحتم على الجهات المسؤولة التدخل لوقف هذه الظاهرة القبيحة التي لا تمت بصلة للوجه الحضاري لدولة قطر، عبر تفعيل قانون الرقابة على التبغ ومشتاقته، والذي حظر عبر المادة «10»، التدخين في الأماكن العامة المغلقة، بالإضافة إلى أن المادة ذاتها منحت في بند من بنودها وزير الصحة الحق في إضافة أماكن أخرى إلى قائمة الأماكن التي يحظر فيها التدخين، وتصبح الإضافة سارية بعد اعتمادها من مجلس الوزراء، مما يعني أن إضافة مداخل المحلات التجارية والمؤسسات الحكومية إلى قائمة الأماكن التي يحظر فيها التدخين أمر ليس بالعسير، وهو قرار بات مطلوباً عند عدد كبير من المواطنين والمقيمين؛ على أن يشمل ذلك تفعيل القانون وتطبيقه بشدة على كل من يُخالفه، وفرض رقابة مشددة، وتفعيل المادة 14 من ذات القانون، والتي تمنح وزير الصحة الحق في إصدار قرار بالتنسيق مع الوزارات والأجهزة الحكومية الأخرى والهيئات والمؤسسات العامة، بمنح بعض الموظفين الإداريين وموظفي الأمن الذين ترشحهم جهات عملهم صفة مأموري الضبط القضائي لإثبات ما يقع من جرائم، طبقاً لأحكام القانون.
وهو ما ينطبق كذلك على وزير الطاقة والصناعة، الذي باستطاعته منح بعض موظفي قطر للبترول والشركات التابعة لها، صفة مأموري الضبط القضائي، لضبط الجرائم المشار إليها التي تقع في هذه الجهات، وكذلك يجوز بقرار من وزير التربية والتعليم منح بعض موظفي وزارة التربية والتعليم والمدارس التابعة لها، صفة مأموري الضبط القضائي، لضبط الجرائم المشار إليها التي تقع بالوزارة أو المدارس التابعة لها.
إن تطبيق القانون وتفعيله والتعريف هو الخطوة الأولى في دحر هذه الظاهرة التي يعاقب مرتكبها بنص القانون بغرامة لا تقل عن مائتي ريال، ولا تزيد على خمسمائة ريال كل من دخن السجائر أو التبغ أو مشتقاته أو سمح بالتدخين في الأماكن المحظور التدخين فيها.