ابتسام آل سعد- الشرق القطرية-
ركبن الطائرة (يتمخطرن) ويطلقن ضحكات عالية وكأن لا أحد سواهن فيها!.. هن ثلاث فتيات كن على متن إحدى طائرات الخطوط القطرية القادمة من مملكة البحرين في ليل السبت إلى الدوحة، وقفت ألمحهن وقد تشكلت أمامي من سحب الشك أن يكن قطريات فعلاً !. فلا أتصور أن يسمح الأهل لبناتهن بأن يسافرن بمفردهن، وبهذا المنظر المقزز في الماكياج والشعر والعباءات التي لا أعلم فائدتها، وكيف يمكن لما يجب أن يسترنا أن يكون بهذا الشكل الفاضح والألوان المبهرجة التي بتنا حتى في حفلات الزفاف التي نحضرها لا نختار لبسها أبداً، ولا أتخيل في الواقع أننا كمجتمع لا يزال متمسكاً بالقيم والعادات أن يقبل أبٌ فيه أو أخ أن تسافر أخته مع صديقات لها ويقضين (الويك إند) في بلد آخر حتى وإن كانت البحرين القريبة من قطر لمجرد الفسحة واللهو، لكني لمحت (العنابي) في أيديهن وبت واثقة فعلاً بأنهن مواطنات أو مستوطنات بالجنسية واسمحوا لي على هذا الوصف، لكني صدمت في رؤية هؤلاء وعلى متن رحلة ليلية متأخرة وهن بهذا الشكل الذي "نرفزني" جداً، ووجدت نفسي أشارك المسافرين الآخرين غضبهم واستياءهم مما يرونه من استهتار واضح وتربية مفقودة، لا سيما وأن سيارة مع (دريول) بمفرده كان بانتظارهن ليركبن بنفس الصخب الذي مارسنه طوال الرحلة ويرحلن إلى جهة غير معلومة!، فهل يعقل أن يكون هناك آباء بيننا يسمحن لبناتهن أن يكن بهذه الصورة اللافتة المثيرة للنقد، وهل يعد ذلك من الحرية التي باتت على لسان من أصبح ينقد بشكل واضح وصريح النقاب ومن تبحث عن عمل غير مختلط مع الرجال؟!، وقد استغربت منذ فترة حينما بادر أحد الكتّاب إلى الكتابة عن موقف حدث له مع إحدى الطبيبات المنتقبات التي سارعت حين دخل دون استئذان مكتبها للبس نقابها فاعتبر هذا الكاتب موقفها وكأنه غريب!، نعم وأقولها بدءاً من نفسي شخصياً، أننا لا نريد لمثل هذا الكاتب وتلك العقول أن تستقر بيننا، بل وتسمح صفحات جرائدنا أن تنشر مثل هذه الأفكار التي تساعد في داخلها على هدم لا نرضاه ولا نسترضي وجوده، منذ متى كانت حريتنا أن نسافر وحدنا بهذه الصورة المخجلة أو أن نطلق ضحكاتنا ليصل مداها إلى ما يثير حولنا الشبهات وتتحملق فينا العيون وتحلق العقول بما سمحنا لها أن تحلق له؟!، منذ متى كنا فتيات نسمح لألسنة كثيرة أن تطالنا بالسوء ونحن اللائي لا نسمح حتى لخيال هذه العقول أن تفكر بنا بسوء؟!.. كيف يمكن أن نسمح لصغيرات بأن يضحكن مع هذا ويواعدن ذاك ويكن بهذه الصورة ولا يمكن لأي أحد أن يقول لهن كفى؟!.. إن كان هذا شكل المجتمع الجديد الذي يحاول فرضه علينا بعض المتحولين فكرياً وما أكثرهم للأسف بيننا، فنحن أدعى لأن نقول لهم.. لا يا سادة، فالتميز الذي بات يجعل كل مجتمع خليجي مميزاً ومختلفاً عن غيره هو قيمة المحافظة على دينه وعاداته وتقاليده فإن تشابهنا ذهب التميز وزال الاختلاف، ولذا فإن المملكة العربية السعودية وما تحمله من قيمة دينية كبرى من خلال تواجد بيت الله فيها يجعلها ملزمة أكثر من غيرها في المحافظة على الحشمة والأخلاق؛ لأن ذلك يمثل ضغطاً دينياً عليها رغم اقتناعي بأن كل ما أنزله الله في هذا يجب أن يعمم على كل الدول العربية والإسلامية التي تدين بالوحدانية وبسنة رسولنا الكريم، لكن في هذا الوقت الذي تكالبت علينا فيه الحضارة بشقها الأخلاقي المعوج واعتبرناه نحن تحضراً أصبح ما يمكن أن يميز المجتمع العربي وبالذات الخليجي هو بقيمة محافظته على تحفظه وحشمة بناته وأدب رجاله، وإلا فإن الجميع يصبح متشابهاً لا خلاف فيه ولا اختلاف ويضيع ما نريده من تميز لنا!.. لذا نناشد كل غيور على أهله وبناته أن يرى فيهن ما كان يرى الرسول الكريم في بناته وأهل بيته من درر مكنونة يجب أن تحفظ لا ترمى وفي الواقع إن مثل هذه المشاهد التي بتنا نراها، فإن الكثير من الفتيات مثلهن مثل الذي يرمى بالشارع ويكون مصيره إما لحاويات القمامة لإعدامه أو انتشاله منها وفي الحالتين القيمة معدومة!
فاصلة أخيرة:
ليس كل متبرجة عائبة وليس كل متحجبة ملتزمة، لكن الدين في الاعتدال هو الذي يأتي بالحجاب والأخلاق والتربية هو الالتزام الذي نريده.