د. محمد صالح المسفر- الشرق القطرية-
قبل كل قول، يؤكد الكاتب مرة أخرى، رفضه لكل الأعمال القتالية / الإرهابية، التي يقوم بها عرب أو مسلمون، في أوطانهم، أو خارج حدود أوطانهم، ضد أهداف مدنية، سواء كانت تلك الأهداف بشرية أو مؤسسات، ويعتبرها من الأعمال التي تلحق الأضرار بالأمة العربية والإسلامية، وديننا الإسلامي لا يقر تلك الأعمال ولا يأمر بها.
في الثالث عشر من شهر نوفمبر الحالي حدثت تفجيرات في العاصمة الفرنسية باريس نسبت إلى تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" راح ضحية تلك التفجيرات أكثر من 200 إنسان بين قتيل وجريح وضجت الدنيا بذلك العمل الإرهابي المشين، وتسابق الناس في إدانة ذلك العمل الإجرامي الرهيب الذي ذهب ضحيته مدنيون أبرياء لا ذنب لهم فيما يجري على الساحة الدولية.
تسابقت الحكومات العربية في إدانة وشجب واستنكار ذلك الحدث، وراح الناس على دين ملوكهم بمختلف ثقافاتهم واتجاهاتهم الفكرية والسياسية والعقدية يدينون ويستنكرون تلك الجريمة، والحق أنها جريمة. كل تلك الإدانات والاحتجاجات من العالم العربي وعلى كل الصعد لم ترو غليل الشعوب الغربية ولا حتى حكوماتها، بل راح جمهور عريض منهم يمعن في العداء والتعدي على كل من يعتقد أنه مسلم أو عربي في دار الغرب. المسلمون في فرنسا يشكلون 8% من السكان يتعرضون بشكل يومي لاعتداءات جسدية وروحانية وأخلاقية، إشارات النازية ترسم على مساجدهم ومدارسهم، أفراد يتعرضون للاعتداءات، مثلا: سيدة مسلمة في مدينة مرسيليا وأمام جمهور من المارة تعرضت للضرب وسط الشارع ومزقت ملابسها بآلة حادة، والمعتدون عليها برروا عدوانهم بأنها امرأة إرهابية.
ويذكر المركز الوطني لمناهضة الخوف من الإسلام أن 32 حادثة معادية للمسلمين والإسلام حدثت في أسبوع واحد، وأن المركز يتلقى ما يزيد على خمس شكاوى من مواطنين فرنسيين مسلمين من أصول شرقية بشكل أسبوعي وحتى أن بعضهم أعرضوا عن إرسال أبنائهم إلى المدارس خشية عليهم من الاعتداءات، سيدة أخرى تعرضت للدفع بها أمام أحد القطارات، لكن إرادة الله أنجتها من الموت. في معظم المدن الأوروبية يتعرض العرب والمسلمون للملاحقة ودهم المنازل وترويع الأسر تحت ذريعة البحث عن مطلوبين متهمين بالإرهاب أو تمويل الإرهابيين أو التستر عليهم وأصبحت حياة الناس في ضنك لا يعرفون ماذا يفعلون. إن ذلك هو الإرهاب بكل ما تعني الكلمة، في هذا الإطار تتسابق الأحزاب السياسية في المجتمع الأوروبي في إمعان النيل من العرب والمسلمين، المهاجرين منهم والمواطنين، من أصول عربية بهدف الدعاية لانتخابات برلمانية أو رئاسية قادمة في كل دولة على حدة، فالأحزاب اليمينية المتطرفة هي ضد الهجرة الأجنبية إلى دولهم وأحزاب أخرى لا تمانع في الهجرة المنظمة ومن هنا يشتد التنافس بين هذه الأحزاب ليحقق كل منهم هدفه، والضحية هم العرب والمسلمون والذين لا يشكلون خطورة على المجتمعات الغربية لأنهم في كل الحالات أقلية.
سؤال يجب توجيهه إلى كل مفكري الغرب وقادتهم، لماذا تقتلوننا نحن العرب، وتدمرون بيوتنا ومزارعنا وتسرقون متاحفنا وتزرعون الرعب في قلوب أطفالنا وتلاحقون وترهبون إخواننا المهاجرين إليكم وأنتم تعرفون العدو الواجب اجتثاثه وبأقل تكلفة بشرية ومالية، نذكركم كم، أن مفتي الجمهورية السورية السيد أحمد حسون هدد أوروبا وأمريكا بعمليات انتحارية ينفذها أشخاص متواجدون بالفعل في أوروبا، إبراهيم الجعفري وزير خارجية العراق قال: إن أجهزة المخابرات العراقية أبلغت فرنسا وأمريكا وإيران بأعمال إرهابية ستحدث في تلك الدول وحدثت خاصة في فرنسا الأكثر تشددا ضد نظام بشار الأسد وإيران وحزب الله، أليس هذا مؤشر على تورط هذين النظامين في أعمال إرهابية خارج الحدود وداخلها.
أسألكم، كم قتلتم ودمرتم وأهنتم من الشعب العراقي العظيم من أجل إحلال الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان فماذا كانت النتيجة؟ كم تقتلون اليوم في سوريا الحبيبة وأنتم تعلمون من هو الإرهابي الأكبر الذي استعمل كل أنواع أسلحة الدمار ضد شعبه وهجرهم وشتتهم وأباد أكثر من 300 ألف إنسان وأنتم تشهدون، وإسرائيل؟ كم قتلت وتقتل من الشعب الفلسطيني وبأسلحتكم وطائراتكم وتريدوننا أن نخضع ونسكت وأنتم تستبيحون أرضنا وعرضنا وثرواتنا وتهينون حكامنا؟ أذكركم بما يقوله الصادقون منكم: يقول السياسي الألماني المعروف لديكم الأستاذ (يورجن تودنهوفر): "يجب ألا ينسى الغرب كله أنه مارس القتل لعقود طويلة من الزمن في الشرق الأوسط، وعذب وقتل ملايين من المسلمين من النساء والأطفال والشيوخ"، ويقول: الغرب لا يريد الاعتراف بأن ما زرعه من حروب في الشرق الأوسط يحصده بعنف ارتد إليه في عقر أوروبا، ويؤكد السياسي الألماني آنف الذكر: "المسلمون ليسوا من ذبح أربعة ملايين من البشر في الحروب الصليبية، وليسوا من قتل خمسين مليون إنسان أثناء الاستعمار، وليسوا من قتل سبعين مليونا في الحرب العالمية الثانية، وليسوا من قتل ستة ملايين يهودي، ولكن هذه حصيلة عدوان العالم الغربي".
نذكر كل قادة أوروبا ومفكريها، أن تنظيم القاعدة تأسس إبان كنا معكم في حرب أفغانستان ضد الشيوعية، ولما التفتم علينا في عدوانكم الظالم على العراق جد من جاهد معكم ضد الشيوعية أن يحارب ضد ظلمكم وطغيانكم وجبروتكم بما حل بالعراق، والدولة الإسلامية ــ داعش ــ تأسست نتيجة لما فعلتم بالعراق وتنصيبكم حكومة طائفية فاشية شعوبية حاقدة بقيادة حزب الدعوة الظالم الملعون، وموقفكم المهادن من النظام القائم في دمشق بقيادة بشار الأسد الذي لم يكتف بالبراميل المتفجرة ضد شعبه التي يلقيها طيرانه الحربي عشوائيا على السكان الآمنين، بل استخدم الأسلحة المحرمة دوليا وأنتم تعلمون.
آخر القول: تقتلوننا بكل أسلحتكم في أوطاننا، وترعبون وتلاحقون إخواننا الذين جذبتهم ديمقراطيتكم إلى أوطانكم، وأرعبتم شعبكم بإغلاق خطوط المواصلات البرية، وأعلنتم الطوارئ، وأغلقتم المتاجر في عواصمكم، وحاصرتم أحياء يسكن فيها عرب ومسلمون مع جيرانهم الغربيين، إنه إرهاب مزدوج، وإذا أردتم الحل فأجهزوا على أركان الإرهاب في بغداد ودمشق وبيروت.