فالح حسين الهاجري- الشرق القطرية-
اللهم اجعلها سقيا رحمة لا سقيا عذاب، هكذا تم استقبال أولى قطرات الغيث منذ صباح الأمس، فالتحذيرات كانت مستمرة منذ عدة أيام لأخذ الحيطة والحذر، ومع ذلك وقع المحذور! وما يهمني في هذا الموضوع أمران هما:
أولا: بخصوص طلاب وطالبات المدارس يوم أمس، حيث سببت حركة السير يوم أمس درجة كبيرة من الارتباك المروري والزحمة التي صاحبت الأمطار، فكانت مؤشرا على عدم الارتياح لذهاب أبنائهم وبناتهم للمدارس، وفيهم من عاد في منتصف الطريق، ومنهم من اتصلت بهم إدارات المدارس لكي يأتوا ويأخذوا أبناءهم أو بناتهم بعد أقل من ساعه! وجاء بعد طول انتظار تعميم من "الأعلى للتعليم" بأن المدارس تستمر فقط حتى الحصة الرابعة أو الخامسة، مع علمي بأن أكثر الآباء والأمهات أخذوا أبناءهم وبناتهم قبل هذا الموعد بكثير! لماذا لم يتم منح جميع الطلبة إجازة رسمية يومي الأربعاء والخميس، أسوة ببعض الدول المجاورة، هل ننتظر وقوع الكارثة، بعدها نحاول أن نعمل على ترقيع ما يمكن ترقيعه! أحيي وزير التعليم السعودي عزام الدخيل الذي كان الجميع يتابع تحركاته وتغريداته من خلال حسابه على تويتر، وكان يُعلن بنفسه أنه تم تعليق الدراسة في محافظة كذا، وبعدها بدقائق يُعلن أن تم تعليق الدراسة في المنطقة الفلانية، وهو على هذا الحال منذ وقت مبكر حتى تأكد الجميع وكل في منطقته بأنه توجد دراسة أو لا في المكان الذي يقيم فيه وبفترة كافية وقبل أن يناموا، ولكن المجلس الأعلى عندنا ينتظر أن تقع الكارثة بعدها يتم العمل! جميع الجهات الحكومية كانت حاضرة وتدعو لأخذ الحيطة والحذر، إلا المجلس الأعلى كان يسعى لحضور الطلاب إلى مدارسهم ويعودوا بعد دقائق، ولكن مثلما قالت لي إحدى الأخوات مساء أمس وقبل كتابة هذا المقال، أنها وحتى لحظتها لم تسمع عن تعليق الدراسة اليوم الخميس، وأنها أخذت القرار هي وقريباتها بأنهن قررن بأن لا يذهب أولادهن وبناتهن للمدرسة اليوم الخميس، حتى وإن لم يكن هناك إعلان مسبقا من الجهة ذات الاختصاص، فيكفيهن على حد تعبيرهن ما رأوه وعانوه يوم أمس!
ثانيا: بعد الحديث عن فلذات أكبادنا وثروة الوطن الحقيقية، نتوجه إلى موضوع لا يقل أهمية عنهم، وهو موضوع البنية التحتية، والأبنية والصروح الحديثة التي تعتبر من واجهات الوطن الرئيسية، والتي ظللنا نتحدث عنها لفترة طويلة عبر وسائل الإعلام المختلفة، وأهمها مطار حمد الدولي الواجهة الجوية الوحيدة للدولة، التي تم الإنفاق عليها بمبالغ طائلة وكبيرة، وما زلنا نحتفل به وبمراحله التي لم تنته بعد، ومع ذلك كانت الفضيحة الكبرى مع الأسف! هناك دول كثيرة في العالم العربي وخرجه تملك مطارات قديمة جدا ولم نسمع أو نشاهد أن الأمطار تسربت إليها وجعلتها مجمعا للماء في دقائق معدودة! حتى وإن حصلت في مطارات محدودة فعمرها الإفتراضي يسمح بذلك، فقد يمتد عمرها لأكثر من ثلاثة عقود أو أربعة عقود دون صيانة، وليست في مستوى مطار حمد الدولي الذي ما زلنا ننتشي بفرحة افتتاحه حتى الآن؛ ولكن يا فرحة ما تمت، وقس على ذلك غرق الشوارع والسيارات والأرصفة، لدرجة وصلنا فيها أن نسير بمركباتنا دون أن نعي بالمسار الصحيح في الطريق! وأيضا الفنادق الحديثة التي تم إنشاؤها وترميمها وتطويرها، ولا نغفل الأبراج، خاصة الحكومية منها، والتي غرقت أرضياتها، فما بالكم بمواقفها التحتية في القبو الأول والثاني! فلقد تم إغلاقها ومنع النزول إليها، مما سبب أزمة حقيقية للموظفين والموظفات الذين وصلوا متأخرين أيضا ليفاجأوا بعدم استطاعتهم الوقوف في أمكانهم المخصصة لسياراتهم، أو حتى الوصول إلى المدخل الرئيسي للسيارات بسبب الزحمة والاختناقات عند المداخل.
أمور كثيرة لا يتسع المجال لذكرها ولسنا في صدد عدها وحصرها بقدر ما نتحسّر على ما وصلت إليه الأمور في وطننا الحبيب، يجب إتخاذ القرار في وقته ومحاسبة جميع المقصرين على تقصيرهم ليكونوا عبرة في قادم الأيام، إلا أن تضميد الجروح جاءت في وقتها، وذلك في قرار معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية، بإحالة جميع الجهات المعنية والشركات المنفذة للمشاريع التي كشفت عيوبها الأمطار والأحوال الجوية التي تتعرض لها البلاد حالياً إلى التحقيق، ومن ثم إلى النيابة العامة، وهو قرار أعاد إلى مسامعنا خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى حفظه الله ورعاه في مجلس الشورى الموافق للثالث من نوفمبر الماضي في افتتاح دور الانعقاد العادي الرابع والأربعين لمجلس الشورى حين شدد على محاسبة المقصرين وعدم التسامح مع الفساد المالي والإداري"، وما جرى يوم أمس فساد وإفساد وتفريط لحقوق الدولة"، وأكثر ما بث روح الأمل بعد قرار معالي رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني، ما أوضحه مكتب الاتصال الحكومي اليوم أنه تقرر إحالة خمس شركات حتى الآن إلى التحقيق، وسوف يتم محاسبة الجهات المسئولة عن التقصير أو الإهمال سواءً أكانت حكومية أو خاصة، وهذا هو المطلوب فالمتهاونين بحق الدولة سيتهاونون في الحقوق الأخرى.
وأختم بأن يحفظ الله قطر أميرا وحكومة وشعبا من كل مكروه، وأن يرزقنا وإياكم البر والتقوى ومن العمل ما يرضى.