إبراهيم عبدالرزاق آل إبراهيم- الشرق القطرية-
الأقوام السالفون كانوا يتعاطون ويمارسون الفساد في مجتمعاتهم والمجاهرة به، ففساد قوم إبراهيم -عليه السلام- عبادة الأصنام، وفساد قوم لوط -عليه السلام- ارتكاب الفاحشة وانتكاس الفطرة عندهم، وفساد قوم هود عاد الطغيان في البلاد والإكثار من الفساد، وفساد قوم شعيب -عليه السلام- مدين نقصان المكيال والميزان، وفساد فرعون الطغيان وادعاء الربوبية والإلوهية.
فجرثومة بل جراثيم الفساد في هذا العصر قد تنوعت وتعددت وتزينت في مكان واحد وفي بلد ما، وهناك وللأسف أفراد وشركات وعصابات تدير هذا الفساد، فهناك الفساد الاقتصادي، والفساد التجاري، والفساد الاجتماعي، والفساد المالي، والفساد الإداري، والفساد الأخلاقي، والفساد التعليمي، والفساد السياحي، والفساد الرياضي وفساد في المنصب والتكسب غير المشروع من خلاله، وفساد في الفضائيات، وفساد في الدعايات والإعلانات، وفساد في مواقع التواصل الاجتماعي، وفساد في الفكر، وفساد في البر والبحر، وفساد في الأجواء خمور تقدم على متن الطائرات وهي معلّقة بين السماء والأرض، وفساد في المناقصات، وفساد في المشاريع قبل وبعد، وفساد في التأمين، وفساد في الضمائر، وفساد في النظر، وفساد في اللسان، وفساد في السمع، وفساد في الركون إلى الظالم ومحاباته ومجاراته في أعماله المشينة والدفاع عنه وتثبيت حكمه وعصابته ضد شعب بأكمله لا يريده أبداً.
وكذلك ترك النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الإصلاح فساد، واحتضان وتسهيل شؤون أهل البدع والأهواء والإجرام ومن يكيد للأمة ليل نهار وسجن أهل الصلاح والإصلاح والخير فساد، وإهلاك الحرث والنسل فساد، والتعدي على الممتلكات العامة فساد، والتلاعب بالمال العام فساد، وتدمير مقدرات المجتمع فساد، وإهدار في الماء والكهرباء فساد، وغسيل الأموال فساد، وتقريب البطانة السيئة فساد، والإسراف والتبذير فساد، وخيانة الأوطان فساد، ونشر الإشاعات فساد، والتزوير والرشوة والتحايل والاحتيال فساد، وتشريد شعب وقتل أبنائه وانتهاك حرماته فساد، وضرب شعب بالصواريخ وإسقاط البراميل المتفجرة عليه فساد، وترويع الآمنين ونشر الخوف والجوع والفقر والقتل فساد، وتمكين أقلية فاسدة على أكثرية مسلمة من الشعب فساد وأي فساد!، والاستبداد السياسي فساد، ومحاصرة شعب لعدة سنوات وإغلاق المعابر عن أهله ليقضي أبسط حاجاته ومصالحه الإنسانية فساد، والاعتداء على الأقصى وقدسيته المباركة وعلى المرابطين فساد من عدو محتل غاشم غادر لدود فاقد لكل معنى إنساني وفاسد في كل شيء فساد.
فمحاربة ومكافحة الفساد والتقليل من مخاطره والحد من انتشاره بكافة أشكاله وأطيافه ضرورة إنسانية لحياة آمنة مستقرة للفرد والمجتمع والأمة وللبشرية جمعاء، وقبل ذلك فريضة شرعية دينية، ومسؤولية جماعية كل حسب استطاعته وقدرته ومكانته كما تحارب الجرثومة إذا دخلت الجسم، وإذا أهملت وتركت بدون علاج انظر ماذا يحدث للجسم؟.