د.محمد بن علي الكبيسي- الشرق القطرية-
ورد تقرير من منظمة هيومن رايتس ووتش Human Right Watch بتاريخ 8/11/2015 يفيد بأن الإصلاحات الجديدة في قطر لن تحمي العمال المهاجرين، وطبعاً في هذا هم يقصدون القانون رقم (21) لسنة 2015 بشأن تنظيم دخول وخروج الوافدين وإقامتهم، وأورد التقرير، وبشكل تهكمي، "أن القانون استطاع أن يبدل كلمة "الكفلاء" بعبارة "المستقدمين"، ولكنه (أي القانون) حافظ على الخصائص الاستغلالية الأساسية التي تميّز نظام الكفالة، وأن العمال لا يزالون تحت رحمة أصحاب العمل بنظام الكفالة". وانتقدت المنظمة بشدة ضرورة حصول العمال الوافدين على "تصريح من أصحاب العمل حتى يتمكنوا من تغيير عملهم، أو من مغادرة البلاد". ولقد اعتبرت المنظمة أن "كأس العالم لسنة 2022 سيكون ملطخاً بالانتهاكات". وكما درجت عليه التقارير المسيئة في قلب الحقائق، فلقد ذكر تقريرهم أنه "سيكون لمعظم العقوبات التي ينص عليها القانون الجديد تأثير على العمال، وليس على أصحاب العمل المسيئين". إنه من المعيب على المنظمة أنها لا تعرف قراءة القانون الواضح في النص والمضمون، لدرجة أن المنظمة لا تعرف ما هي "الجهات المختصة"، مع أن القانون ذكرها بالنص في المادة (1). وإنه من المعيب أن تأخذ المنظمة جزءاً من نص إحدى المواد وتترك الجزء الآخر المتمم له من نفس المادة أو مادة أخرى لتعطي تأييداً لما تدعي به. وكل ذلك يؤيد أن للتقرير أهدافاً ومقاصد بعيدة كل البعد عن حقوق الإنسان. وأن هناك استهدافاً واضحاً من قبل المنظمة لدولة قطر.
وحتى يعرف القارئ حقيقة المنظمة، نقول: إنها قد تأسست، في عام 1978، بمسمى "لجنة مراقبة اتفاقيات هلسنكي"، وكانت واحدة من أذرع المخابرات الأمريكية، بمهمة أساسية هي مراقبة مدى امتثال دول الكتلة السوفيتية للأحكام المتعلقة بحقوق الإنسان في الاتفاقية، وسرعان ما تطورت المنظمة ونمت في أنحاء أخرى من العالم، وفي عام 1988، ومع سقوط الكتلة الشرقية، توحدت جميع اللجان فيما يعرف "بهيومن رايتس ووتش"، وما كان مقدرا لها البقاء لولا التمويل الذي يصلها من الملياردير اليهودي جورج سورس. ولهذا كنا متوقعين هذا الهجوم على قطر منذ أن أعلنت إسرائيل أن قطر داعمة للإرهاب الدولي. إن هذه المنظمة معروف عنها عدم الحياد أو الموضوعية، فهي تركز على دول محددة وتغض الطرف عن دول أخرى، وخاصة أمريكا وما ارتكبته من انتهاكات مريعة في العراق وأفغانستان، والعدوان المتواصل على الفلسطينيين من الإسرائيليين.
إن دولة قطر، وقبل الفوز بأحقية تنظيم كأس العالم 2022، قامت بعمل الكثير من الإصلاحات التي تحمي المواطنين وغير المواطنين، ويأتي على رأسها ما خصه الدستور من مواد تتفق مع تعاليم الإسلام ومع مواثيق حقوق الإنسان العالمية. فنجد أن المادة (30) من الدستور تحدد العلاقة بين العمال وأرباب العمل بأن أساسها العدالة الاجتماعية. أما المادة (35) نصت بأن الناس متساوون أمام القانون لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الجنس، أو الأصل، أو اللغة، أو الدين. والمادة (36) تؤكد على أن الحرية الشخصية مكفولة. والمادة (37) أكدت أن لخصوصية الإنسان حرمتها، في حين أن المادة (39) بينت أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته أمام القضاء. وأن حرية العبادة مكفولة للجميع بنص المادة (50). أما المادة (52)، فقد نصت أن كل شخص مقيم في الدولة إقامة مشروعة يتمتع بحماية لشخصه وماله. وفوق كل ذلك فإن دولة قطر، كما نصت عليه المادة (6)، تحترم المواثيق والعهود الدولية، وتعمل على تنفيذ كافة الاتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية التي تكون طرفاً فيها. إن الدستور والقوانين الصادرة في قطر تفوق في كثير من الحالات المعايير التي ينص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أو أية تشريعات حقوقية أخرى، ما عدا ما يتضارب مع تعاليم الشريعة الإسلامية. فالشريعة الإسلامية هي المرجعية التي لا يمكن مخالفتها في قطر، ولا نرضى بالخضوع لأي ابتزاز حتى ولو وقفت جميع المنظمات العالمية المشبوهة خلفها.
وفي الختام، نقول أن التقرير قد تضمن نقاطاً لا يمكن السكوت عنها، وبخاصة ما تضمنه من إساءات غير مقبولة تخرج عن الإطار المهني للتقارير الحقوقية، وهي إساءات تعبر عن مدى الاستهداف المبطن الذي تقوم به المنظمة، وهي إساءات ومغالطات غير مقبولة بتاتاً، نتجت عن حقد دفين لعدد من الدول، وللأسف بعضها من أشقائنا العرب، لأنها لم تستوعب أن قطر ضد إسرائيل المحتلة، وأنها تناصر من أمر رب العالمين بمناصرته، وأنها قد نالت، بتوفيق من رب العالمين، شرف تنظيم بطولة كأس العالم 2022، سيري يا قطر وعين الله ترعاك. ونقول للحاقدين موتوا بغيظكم.