الراية القطرية-
أكّد سعادة السيد ايريك شوفالييه سفير فرنسا لدى الدولة أن العلاقات القطرية الفرنسية راسخة وعميقة الجذور وتغطى كافة المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية وكذلك الثقافية والرياضية والتعليمية والصحية.. مؤكدًا بذل أقصى الجهود لتنمية هذه العلاقات بروح ورغبة مخلصة في الشراكة والتعاون. وقال في حوار مع الراية إنّ قطر وفرنسا تعملان معًا لمكافحة الإرهاب الذي يشكل تهديدًا للمنطقة والعالم، مشددًا على أنه لا تغيير في إجراءات استخراج تأشيرة شينجن للسفر إلى فرنسا.
وأضاف أن السلطات في بلاده اتخذت، عقب تفجيرات باريس الأخيرة، إجراءات صارمة لتفادي أي أعمال عنف ضد أي طائفة.. مؤكدًا أنه لا علاقة للإرهاب بالإسلام. وقال إن التغيير الوحيد في إجراءات السفر يكمن في تشديد الرقابة على منافذ الدخول والطرق والمطارات.
وأعرب عن اعتزاز بلاده بزيارة معالي الشيخ عبدالله بن ناصر بن خليفة آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية إلى باريس وإصراره على القيام بها في موعدها رغم أحداث باريس، مؤكدًا أن الزيارة حظيت بأكبر قدر من التقدير على أعلى المستويات في فرنسا.
وأكّد توافق الرؤى بين قطر وفرنسا فيما يتعلق بالمسألة السورية وضرورة الحل السياسي وأنه لا يمكن أن يكون بشار الأسد جزءًا من الحل المستقبلي في سوريا.. وإلى تفاصيل الحوار :
بداية كيف استقبلت أنباء الاعتداءات الإرهابية في باريس؟.
بصفة رسمية أعرب عن إدانتي العميقة لهذه الأعمال الإرهابية التي لم ترتكب فقط ضد باريس ولكن ضد العالم بأسره ولكن يجب أن تستمر الحياة وستبقى باريس مدينة النور والحرية والعيش المشترك وستبقى مضيافة تستقبل كل محبيها وزائريها من جميع أنحاء العالم.. وبصفة شخصية أنا مواطن باريسي، وقد انتابني شعور بالغ بالحزن عند رؤيتي باريس تتعرض لهذه الهجمات ولكني على يقين أن فرنسا سوف تبقى وتستمر.
وكيف قرأتم موقف قطر من الاعتداءات على باريس؟.
الموقف القطري كان واضحًا للغاية بإدانة هذه الاعتداءات، وبالتأكيد على العمل سويًا لمكافحة الإرهاب الذي يعد تهديدًا عالميًا ويلقي بثقله على الجميع وضد الجميع والسبيل الوحيد لمواجهته هو التعاون والعمل المشترك.
زيارة رئيس الوزراء لفرنسا بعد فترة وجيزة من الاعتداءات.. ما دلالات هذه الزيارة؟.
كنا سعداء للغاية، فعلى الرغم من الأحداث، أصر معالي الشيخ عبدالله بن ناصر على القيام بزيارته المقررة سلفًا إلى فرنسا، وهو ما عبر عنه فخامة رئيس الجمهورية ومعالي رئيس وزراء فرنسا، ونعتز بهذه الزيارة كونها الأولى لمعاليه خارج الوطن العربي منذ توليه منصبه كرئيس للوزراء، وقد حظيت هذه الزيارة بأكبر قدر من التقدير على أعلى المستويات، وقدّم معاليه واجب العزاء مباشرة إلى السلطات الفرنسية، وتزامن ذلك مع رسائل العزاء والمساندة التي أرسلها حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى وجميع المسؤولين القطريين إلى السلطات الفرنسية.
ما حقيقة ما يثار عن تعقيدات في الحصول على تأشيرة شينجن والسفر إلى فرنسا عقب أحداث باريس؟.
يجب أن تكون الأمور واضحة حول هذه النقطة، فرنسا ستبقى دائمًا دولة مضيافة ترحب بزوارها، ونظام الحصول على التأشيرة لم يتغير مطلقًا ومن لديهم تأشيرة شينجن، ستظل سارية المفعول، ومن يرغبون في الحصول على تأشيرة يستطيعون التقدم بطلباتهم وهناك دائمًا فرصة كبيرة للحصول عليها، والأمر الوحيد الذي طرأ بعد الاعتداءات الإرهابية هو تشديد الرقابة على منافذ الدخول والطرق والسكك الحديدية والمطارات وفيما عدا ذلك لم يتغير أي شيء.. وأقول لجميع القطريين والمقيمين في قطر ممن يرغبون في زيارة بلادنا إن فرنسا ستظل بلدًا مضيافًا يرحب بهم بسعادة وسرور كبيرين.
لكن هناك قلقًا من استهداف العرب والمسلمين في فرنسا
هذا الموضوع على قدر كبير من الأهمية وعلينا أن ندرك أن أحد أهداف الإرهابيين هو بث الفرقة ليس فقط بين الدول ولكن أيضًا بين الأطياف المختلفة داخل المجتمع الواحد، ونعلم جيدًا أن المسلمين هم أيضًا ضحايا للإرهاب وسقط منهم قتلى وجرحى في أحداث باريس الأخيرة إلى جانب العديد من الضحايا من كافة الديانات والأطياف، وأكد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء ووزير الداخلية في فرنسا على هذا الأمر، ووضعوا إجراءات لتفادي أي أعمال ضد أي طائفة وبصفة خاصة ضد المسلمين وكما ذكرت نحن ندرك تمامًا أن هذه الأعمال الإرهابية لا تمت للإسلام بأي صلة.
وكيف ترون اهتمام قطر بقضايا الأمن الداخلي؟.
قطر تبذل جهودًا كبيرة في هذا الصدد ومعالي رئيس الوزراء الذي يشغل أيضًا منصب وزير الداخلية يقوم بعمل استثنائي، ولدينا الكثير مما يمكن أن نقوم به سويًا في مجال الأمن. وأنتهز هذه الفرصة وأتوجه بالشكر الخالص للسلطات القطرية لا سيما إلى معالي رئيس مجلس الوزراء لاتخاذهم إجراءات تعزز أمن الجالية الفرنسية في قطر في أعقاب الاعتداءات التي وقعت في باريس.
وماذا عن معرض "مليبول باريس2015" لأنظمة الأمن الداخلي وهل هناك ضرورة لانعقاده في موعده عقب الاعتداءات الإرهابية ؟.
هذا المعرض على درجة كبيرة من الأهمية لأنه يعرض أحدث ما أنتجته الشركات العالمية في مجال الأمن الداخلي وكان من المهم إقامته في موعده، وقد حضر ممثلو 140 دولة من المختصين بالمجال الأمني وكان هناك 115 وفدًا رسميًا من 77 دولة بمن فيهم ممثلون على مستوى عال من وزارة الداخلية القطرية وممثلو قوات الأمن الداخلي "لخويا".
قد يتساءل البعض عن اهتمام مليبول بتعزيز الأمن، ووقوع اعتداءات باريس الإرهابية قد يعني وجود خطأ ما أو ثغرات خطيرة.. ما تعليقكم؟.
لا توجد أخطاء، وبذل أقصى جهد في مجال الأمن أمر ضروري وهو ما يهتم به معرض مليبول، لكن هذا لا يضمن انعدام الخطر بصورة كاملة فلا يوجد في حياتنا انعدام كامل للمخاطر، وبما أن هناك تهديدا قائما ومستمرا، تزداد أهمية معرض مليبول لتفادي تكرار وقوع مثل هذه الأعمال الإرهابية، ومواجهتها.
وماذا عن الأزمة السورية ومكافحة الإرهاب؟.
نعمل مع قطر على مكافحة الإرهاب وكان أحد الموضوعات التي تم بحثها خلال الزيارة الأخيرة لمعالي رئيس الوزراء إلى فرنسا، ومن ناحية أخرى نعلم أن بعض الأزمات تلعب دورًا في تصاعد الإرهاب مثل الأزمة السورية، ونتفق مع القطريين أن بقاء نظام بشار الأسد يعقد مكافحة الإرهاب أكثر، وندرك تمامًا أنه يجب علينا جميعًا محاربة داعش الذي يشكل تهديدا مستمرا للمنطقة وللعالم. وندعم التوصل إلى حل سياسي، وهذا الحل السياسي يمر عبر مرحلة انتقالية، ومن المؤكد أن بشار الأسد لا يمكن أن يكون جزءا من الحل المستقبلي في سوريا.
استضافت قطر قمة المناخ عام 2012 وباريس العام الجاري.. ما درجة التنسيق بين البلدين في قضايا التغير المناخي؟.
لدينا حوار فاعل مع قطر بصدد هذا الموضوع الذي لا يقل خطورة وأهمية عن مكافحة الإرهاب، فالتغير المناخي تحد عالمي ليس فقط لإنقاذ الأرض ولكن إنقاذ الإنسانية بأسرها، وحوارنا مع قطر يتعلق بالابتكار والأبحاث والتكنولوجيا، وفاعلية الطاقة.
لكن تغير المناخ يستدعي تقليل انبعاثات الكربون وتقليل الاعتماد على النفط والغاز..كيف ترون مساعي قطر في هذا الاتجاه؟.
نعلم أن قطر لديها اقتصاد يعتمد بقدر كبير في الوقت الراهن على الهيدروكربونات (المحروقات) ولكن رؤية قطر 2030 تتمحور حول أهمية وضرورة تنويع الاقتصاد، وقد اكتشفت برنامج مثير للاهتمام بجامعة قطر عن استخدام الطحالب لامتصاص انبعاثات الكربون وإنتاج مواد حيوية وأيضا تصنيع أدوية أو مكملات غذائية للحيوانات، وذلك خلال ندوة عن التغير المناخي أقامتها السفارة بالتعاون مع جامعة قطر. وجدت أن هذا البحث الذي يقوم عليه باحثون قطريون بالتعاون مع باحثين من جنسيات أخرى، بمن فيهم الفرنسيون، يساعد على الوصول إلى نتائج مثيرة للاهتمام، كما أن هناك مشروعا ضخما للغاية لامتصاص الانبعاثات الكربونية في رأس لفان بقيمة مليار دولار، إضافة إلى برنامج ترشيد الذي يستهدف ترشيد استهلاك الكهرباء والماء وكلها مشاريع وبرامج هامة للغاية.
أخيرًا ما تقييمك لمسار العلاقات القطرية الفرنسية بصفة عامة؟
العلاقات القطرية الفرنسية كما يصفها قادة البلدين هي علاقات راسخة وعميقة الجذور وتغطي كافة المجالات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية وأيضا الثقافية والرياضية والتعليمية والصحية.. وكسفير لفرنسا في قطر أؤكد أننا سنواصل بذل أقصى الجهود لتنمية هذه العلاقات بروح ورغبة مخلصة في الشراكة والتعاون.. وسأذكر مثالا بسيطا، فقد شاركت الجالية الفرنسية في الدوحة مؤخرا في الحملة الكبيرة للتبرع بالدم التي نظمها المجلس الأعلى للصحة بالتعاون مع مؤسسة حمد الطبية، مجسدة بهذه الطريقة روح التضامن التي تصل وشائجها ما بين الشعبين الصديقين.