الوطن القطرية-
جددت دولة قطر رفضها القاطع للعنف والتطرف بكافة أشكالهما بغض النظر عن تحليل أسباب نشوئهما والتعامل معهما، مؤكدة أن معالجة الظاهرتين يجب ألا تكون مقتصرة على استعمال الرصاص والقنابل فقط، فهي في حاجة إلى نهج أعمق وأكثر استراتيجية على المدى البعيد، وإلى تحلي القادة السياسيين بالشجاعة الكافية للتفاوض حول حلول تعددية وشاملة للنزاعات الإقليمية.
وشددت دولة قطر في بيانها أمام الاجتماع السنوي لنقاط اتصال منظمة الأمم المتحدة لتحالف الحضارات بنيويورك حول البند الخاص بـ"منع ومكافحة العنف والتطرف"، الذي ألقاه سعادة الدكتور حسن إبراهيم المهندي، نائب رئيس اللجنة القطرية لتحالف الحضارات، على سعيها منذ تأسيسها إلى تبني سياسات ترنو إلى المساهمة مع الأسرة الدولية في منع ومكافحة العنف والتطرف، ونشر قيم الأخوة والتسامح والسلام والاستقرار لخدمة الإنسانية جمعاء، مشيرة إلى جهودها المتواصلة في التوسط لحل العديد من المشكلات الدولية والإقليمية، حيث كان لها دور مهم وفاعل في نزع فتيل العديد من الصراعات والنزاعات بين مختلف المجموعات الدينية والعرقية والمذهبية في دول العالم المختلفة، فحققت نجاحات مشهودة.
وقال سعادة الدكتور حسن إبراهيم المهندي "إننا في دولة قطر نرفض كافة أشكال العنف والتطرف، حيث أكد حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، على أن موقفنا من الإرهاب والتطرف الديني الذي يسئ للدين والمجتمع هو موقف الرفض القاطع والواضح، بغض النظر عن تحليل أسباب نشوئهما والتعامل معها"، مضيفا أن منطلق دولة قطر في مكافحة الإرهاب وقتل النفس بغير حق، ورفض التطرّف هو أولاً وقبل كل شيء خطره الاجتماعي والحضاري على مجتمعنا وديننا وأمتنا حيث لا نريد لأنفسنا ولأبنائنا أن يعيشوا في ظل مثل هذه الأفكار والممارسات.
كما بين أن دولة قطر قامت بإنشاء العديد من المؤسسات والأجهزة التي تعنى بنشر ثقافة التعايش والحوار بين الحضارات والأديان ومحاربة التطرف ونبذ العنف، ومن بين هذه المؤسسات مركز الدوحة الدولي لحوار الأديان الذي يهدف إلى نشر ثقافة الحوار وقبول الآخر والتعايش السلمي، حيث ساهم هذا المركز منذ تأسيسه عام 2007 في دفع الجهود المبذولة لمد جسور التعاون والتفاهم بين أتباع الأديان ومختلف الحضارات والثقافات حول العالم، إلى جانب ذلك تم إنشاء اللجنة القطرية لتحالف الحضارات عام 2010، التي وضعت خطة الدولة للتحالف /2014 - 2016 / التي تهدف إلى إزالة عدم التفاهم بين الأمم والشعوب، وإقامة علاقات راسخة بينها، وإزالة أسباب الفرقة وسوء الفهم، سعياً لبلوغ الهدف الإنساني في التعايش السلمي وقبول الآخر واحترام الشعوب والثقافات المختلفة.
واضاف سعادته أن دولة قطر قامت كذلك بتأسيس مركز حمد بن خليفة الإسلامي في كوبنهاجن بالدنمارك عام 2014 الذي يهدف إلى خدمة المسلمين في أوروبا، وإلى أن يكون منارة لفهم أعمق لتعاليم الدين الإسلامي الحنيف الذي يكفل التعايش السلمي بين الجميع وتقاربهم، ويدعو إلى إرساء ثقافة التعارف والمحبة بين مختلف الشعوب والأمم.
وأوضح نائب رئيس اللجنة القطرية لتحالف الحضارات أن حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى أكد أن معالجة العنف والتطرف يجب ألا تكون مقتصرة على استعمال الرصاص والقنابل فقط، فالمشكلة تحتاج إلى نهج أعمق وأكثر استراتيجية على المدى البعيد، كما تحتاج أيضاً إلى أن يتحلى القادة السياسيون بالشجاعة الكافية للتفاوض حول حلول تعددية وشاملة للنزاعات الإقليمية، مبينا أنه تأسيساً على ذلك، فإن مكافحة التطرف العنيف وتعزيز المصالحة في المجتمعات التي تشهد صراعات مسلحة على خلفيات دينية أو عرقية أو مذهبية، يتطلب إرادة دولية قوية، وتبني آليات تنفيذية ملزمة لجميع الأطراف المتنازعة.
واعتبر أن تبني هذه الأليات التنفيذية "هي مسؤولية كونية تضامنية، لا تقتصر على الحكومات والمنظمات والهيئات الدولية والإقليمية فحسب، بل يجب أن تسهم فيها مؤسسات المجتمع المدني التي لها دور فاعل ومؤثر في نشر منظومة القيم والثقافة التي تحث على التسامح واحترام التعددية الدينية والثقافية، ومحاربة التمييز وعدم المساواة".
كما شدد سعادته على أن لوسائل الإعلام بكافة أنواعها دورا مهما وفاعلا في هذا المجال، لاسيما بعد أن تمت ملاحظة أن البعض منها يساهم مع الأسف الشديد في إثارة النعرات العرقية والأثنية والدينية والمذهبية، والتحريض على كراهية الآخر، قائلا إن "الجهود التي تبذل خلال عقود لبناء روح التسامح واحترام التنوع والتعددية، يهدمها الخطاب الإعلامي المتطرف في لحظات"..
وفي ختام البيان أكد سعادة الدكتور حسن إبراهيم المهندي أن دولة قطر كانت وستبقى في طليعة الدول التي تدعم الجهود الدولية لتعزيز التسامح والمصالحة ومواجهة العنف والتطرف بكافة أشكاله وبكل حزم، معبرا عن أمله في أن يخرج هذا الاجتماع بتوصيات ومقترحات جادة وعملية يمكن أن تسهم في وضع حد لحالات العنف والتطرف التي تشهدها مناطق كثيرة في العالم، ونشر ثقافة التسامح واحترام الآخر، بما يقود إلى تعزيز التنمية والسلام في أرجاء المعمورة.
وكان سعادة الدكتور المهندي قد توجه في بداية كلمته بالشكر لسعادة السيد ناصر بن عبدالعزيز النصر الممثل السامي للأمم المتحدة لتحالف الحضارات ، لرعايته لهذا الاجتماع "الذي ينعقد في ظل ظروف دولية بالغة التعقيد، حيث تنتشر النزاعات المسلحة والصراعات في مناطق مختلفة من العالم، ويطغى خطاب الغلو والتطرف على حساب خطاب التسامح والعيش المشترك".