هاغني الفردان- الوسط البحرينية-
في السادس من أغسطس/ آب 2013 صدر عن عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة مرسوم بقانون لسنة 2013، بشأن تعديل قانون الاجتماعات العامة والمسيرات والتجمعات.
جاء في المرسوم بقانون بتعديل قانون الاجتماعات العامة والمسيرات والتجمعات ليحظر تنظيم المظاهرات أو المسيرات أو التجمعات أو الاعتصامات في مدينة المنامة ويستثنى من ذلك الاعتصامات أمام المنظمات الدولية، وذلك بإذن كتابي خاص من رئيس الأمن العام أو من ينوب عنه الذي له تحديد عدد المشاركين والمكان والزمان المحدد لتنظيم الاعتصامات.
كما يحظر تنظيم المظاهرات أو المسيرات أو التجمعات التي تقام أو تسير بالقرب من المستشفيات أو المطارات أو المجمعات التجارية أو الأماكن ذات الطابع الأمني على أن يقوم وزير الداخلية بتحديد هذه الأماكن والإعلان عنها.
يوم الأربعاء (16 مارس/ آذار 2016) تجمع من يفوق عددهم الخمسة أمام مبنى وزارة العدل والنيابة العامة في المنطقة الدبلوماسية بالعاصمة المنامة رافعين لافتات وصوراً، مخالفين بذلك نص القانون، وفي تجمع غير قانوني، بل تجاهروا بذلك وأعلنوا مخالفتهم للقانون بنشر صورهم، كما نشرتها صحيفة محلية أيضاً.
حتى الاستثناء الذي نص عليه القانون، أعطى حق الاعتصام أمام المنظمات الدولية وبإذن كتابي، وليس أمام مؤسسات الدولة، فيما شدد القانون على حظر تنظيم المظاهرات أو المسيرات أو التجمعات التي تقام أو تسير بالقرب من الأماكن ذات الطابع الأمني، وكلنا يعلم أن المنطقة الدبلوماسية بما فيها من مؤسسات وسفارات وكذلك المحكمة والنيابة العامة تأخذ صفة ذلك الطابع.
الغريب أن من يطالبون بتطبيق القانون، هم من يكسرون شوكة القانون ويخالفونه، بل أكثر من ذلك يغض الطرف عنهم وعن مخالفته المعلنة، من دون استدعائهم للتحقيق بتهم التحريض على كسر القوانين، كونهم يعلمون بالحظر وخالفوا ذلك، مما قد يشجع الآخرين بالمطالبة بالمثل والتجمع والاعتصام أمام المؤسسات ذاتها لعدم محاسبة المخالفين.
أحد المخالفين للقانون، كتب ذات مرة أنه «جاء في المادة 21 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية النص على الاعتراف بحق التجمع السلمي إلا أنه لا يجعل الحق في حرية التجمع حقاً مطلقاً، إذ توضح المادة: «يكون الحق في التجمع السلمي معترفاً به، ولا يجوز أن يوضع من القيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التي تفرض طبقاً للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم» وعليه، فإنه من غير المسموح بالمسيرات والاجتماعات إلا إذا تحققت هذه الشروط مجتمعة». فلماذا تمت مخالفة القانون ولم يتم استيفاء الاشتراطات؟
البعض حاول الهروب من المخالفة القانونية العلنية بحجة وجود ترخيص من النيابة العامة، والكل يعلم أن النيابة العامة ليست ذات اختصاص في ذلك، فضلاً عن وجود قانون يحظر من الأساس التجمع والتظاهر في المنامة.
آخرون ذهبوا للحديث عن تجمع «صدفة» لمداراة «فضيحة» المخالفة للقوانين والهروب من المحاسبة، إلا أن «الصدفة» لا تجتمع مع وجود «بنرات» ولافتات وصور كبيرة وشخصيات متنوعة، كما حاول البعض نشر صور لتجمعات قديمة داخل المحكمة في محاولة لخلط الأوراق كالعادة، متجاهلاً أن تلك التجمعات داخل المحكمة حدثت قبل صدور قانون حظر التجمع في المنامة!
تنص المادة الثالثة من باب العقوبات والأحكام العامة في قانون الاجتماعات العامة والمواكب والتجمعات الفقرة (أ) على أن «يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاثة شهور أو بغرامة لا تتجاوز مئة دينار أو بالعقوبتين معاً الداعون أو المنظمون وأعضاء لجان الاجتماعات العامة والمواكب والمظاهرات والتجمعات التي تقام أو تسير بغير إخطار عنها أو برغم الأمر الصادر بمنعها».
هناك قضايا كثيرة تشهدها أروقة المحاكم والنيابة العامة، يتم فيها التحقيق أو مقاضاة شخصيات سياسية وحقوقية وغيرها، فهل يجوز لمناصريها ومؤيديها القيام بالفعل ذاته من التعبير عن التضامن مع تلك الشخصيات ورفع صورها ولافتات الدعم، من دون أن تتدخل قوات الأمن لتفرقهم أو تستدعي القائمين عليها بتهمة الإخلال بالأمن العام ومخالفة القانون والتجمهر في مناطق محظور التجمع فيها؟.
إن مرور هذه الحالة من دون أي تحقيق أو تطبيق للقانون سيكشف عن مدى ضعف المؤسسات الرسمية والمعنية في الدولة من تطبيق القانون على الجميع من دون تمييز؛ ما قد يطرح سؤالاً طالما يتكرر كثيراً، هل القوانين في الدولة لا تطبق على الجميع بسواسية؟