منصور الجمري- الوسط البحرينية-
التحق بالرفيق الأعلى يوم أمس الاثنين (21 مارس/ آذار 2016) سماحة العلامة السيدجواد الوداعي، عن عمر ناهز الـ93 عاماً، وهو عمر قضاه في خدمة دينه وبلده، وحظي باحترام كبير من الأوسط الرسمية والاجتماعية، وكانت له مكانة مرموقة في مختلف الأوساط، وكان دوره يعادل مرتبة الأب الروحي للحوزات الدينية في البحرين.
أتذكر عندما كان والدي يدرس في النجف الأشرف، كنت زميلاً في المدرسة الابتدائية لبعض أبناء العلامة الوداعي، وكنت أذهب إلى منزلهم في شارع الرسول الأعظم بالنجف الأشرف، والذكريات الماثلة أمامي كانت دائماً عن شخصية لها هيبة كبيرة، وكُنّا نعلم بحضوره إذا دخل المنزل لأنّ الصمت يسود احتراماً له، وكان أبناؤه يتحلّقون حوله، كما كان كذلك علماء الدين البحرينيون الذين يجتمعون أحياناً في مجلسه.
الوداعي كان يمثل في نهجه مدرسة البحرين الفقهية المعروفة بـ «المدرسة الإخبارية». وكان يأخذ بآراء فقهاء مثل العلامة الشيخ حسين آل عصفور (ت 1801م)، والمراتب العلمية في هذه المدرسة الفقهية تأخذ مُسمّى «العلامة» و«الفقيه» و«المُحدِّث»، وهي تختلف قليلاً عن «المدرسة الأصولية» السائدة حالياً، في طريقة استنباط الأحكام الشرعية.
لقد كانت شخصية الوداعي تمثل ثقافة مستمدة من تراث مرتبط بمنهج له عمق فقهيّ وتاريخيّ، وانعكس ذلك على طريقة تعامله مع مختلف القضايا، ومارس دوره الأبوي ورعايته لما كان يشرف عليه من تدريس وإرشاد، واتخذ مواقف تجاه قضايا الشأن الديني أو الشأن العام، انطلاقاً من مبادئه التي تلتزم بضوابط موزونة بدقة وحذر واحتياط يهدف للابتعاد عن ما كان يراه لا يتّسق مع المدرسة الفقهية والتراث الاجتماعي والعلمي الذي كان يستمد منه منطلقاته في حياته.
لقد كان الفقيد رمزاً لمدرسة عريقة، وكان له دور معروف في معالجة قضايا عامّة اعتماداً على القيم الدينية، وهي لا تتجزّأ عن القيم الوطنية التي تؤكد دور المرء في مجتمعه وضرورة استشعاره ما يتوجّب عليه ممارسته إرضاءً لربّه وضميره، وخدمةً للناس بصورة عامّة. رحم الله الفقيد العلامة السيدجواد الوداعي وتغمّده في واسع جناته.