صفاء الخواجة- مرآة البحرين-
عنوان التضييق على حرية الشعائر الدينية أحد أكثر العناوين تداولا في البحرين منذ بدء الحملة الأمنية في العام 2011 وبما لا يتماشى مع الالتزامات والتعهدات التى صادقت عليها!
ويحل السابع عشر من إبريل/نيسان مرة أخرى ليؤكد على حاجة البحرين إلى إعادة حلحلة ملفها الحقوقي بصورة شاملة من دون أي تجاهل لحماية الحريات الدينية وتوفير الحصانة التشريعية والقانونية لكافة دور العبادة لمنع تكرار الانتهاكات غير المسبوقة في هدم المساجد والتي صاحبت الحملة الأمنية في العام 2011.
الطائفة الشيعية كانت تمارس شعائرها الدينية بحرية تامة، وكان عدد كبير من أبناء الطائفة الأخرى يشاركون إخوانهم في الدين والوطن منذ سنوات بعيدة، في إقامة هذه الشعائر فيحضرون مواكب العزاء ويساعدون في إعداد الولائم ويتبرعون للمساهمة في دعم المآتم والحسينيات تعبيراً عن حبهم لآل البيت وتعبيرا عن حال الانسجام الوطني بينهم.
لم يكن هناك من يعارض مظاهر عاشوراء من خلال تركيب الأعلام السوداء وعمل المضيفات في مختلف القرى، فكانت المنامة العاصمة هي الحاضنة الأبرز لكل تلك المظاهر، وكان ذلك من طبيعة الأمور وحقاً مكتسباً توارثته الأجيال.
وكان تثبيته واضحاً في دستور مملكة البحرين في المادة 22 الذي ينص على أن «حرية الضمير مطلقة، وتكفل الدولة حرمة دور العبادة، وحرية القيام بشعائر الأديان والمواكب والاجتماعات الدينية طبقاً للعادات المرعية في البلد».
ما الذي حدث الآن ؟ لماذا بدأت الطائفية تتغلغل بين أبناء الوطن الواحد؟
من الذي زرع الكراهية والحقد بين المكونين الرئيسين، هل هناك أهداف من خلق الحقد الطائفي؟
لم يعد التضييق على ممارسة هذه الشعائر الدينية خافيا منذ خمس سنوات حتى الآن، أقدمت السلطات على هدم 38 مسجداً مسجلا في الأوقاف الجعفرية في العام 2011، وأحرق مسجد الكويكبات في مساء 25 إبريل/نيسان 2011 بما فيه من مصاحف وكتب أدعية ومناجاة وترب حسينية.
وجاء بعدها استدعاء عددٍ من الخطباء للتحقيق معهم واعتقل البعض الآخر، ووصل رجال الدين المعتقلين 20 معتقلا، إضافة إلى التحقيق مع مسئولي المآتم، وإزالة الأعلام السوداء والشعارات من القرى وهدم المضائف!
ولعل من اللافت هنا الإشارة إلى أن التهم الموجهة إلى الخطباء تمت من خلال الاستناد على التسجيلات الصوتية لخطبهم، ما يعني أننا دخلنا مرحلة جديدة من التضييق على حرية الرأي والتعبير، بمراقبة وتسجيل كل ما يقال أو يكتب. هذا مخالف للحقوق المدنية والثقافية التي أكد عليها العهد الدولي وأشار إليها وزير خارجية أمريكا (جون كيري) في زيارته الأخيرة الي البحرين واجتماعه مع المسئولين، حيث أكد على ضرورة احترام حقوق الإنسان والسماح للمواطنين بممارسة حقوقهم الدينية.
وصل الأمر بنا في البحرين إلى إهانة من يعملون على تركيب الأعلام والشعارات والصمت الذي يفهم منه الموافقة الضمنية على بث الطائفية من خلال خطب الجمعة التى تقام في بعض من المساجد وأحدها المسجد الواقع في مدينة عيسى خلف سوق الحراج حيث يبث فيها الخطاب الطائفي ويتم من خلال ذلك المنبر نشر مفاهيم الكراهية وسمومها بدون حسيب أو رقيب.
في المقابل تم أمس الأول الجمعة الموافق 15 إبرايل/نيسان توقيف رجل الدين الشيعي الشيخ محمد المنسي واحتجازه تعسفيا لمدة يومين على خلفية قيامه بالصلاة والخطابة في جامع الزهراء في مدينة حمد دون ترخيص.
رصد مركز البحرين لحقوق الإنسان تعرض مساجد إلى التخريب مثل مسجد الخيف في منطقة الدير كما تم تكسير نوافذ مساجد أخرى في منطقة عالي والنويدرات إضافة إلى تمزيق نسخ من القرآن الكريم وكتب الأدعية.
كما رصد المركز أيضا استدعاء عدد كبير من الخطباء في العام 2015 حيث بلغت 169 حالة .
وأفاد مركز البحرين لحقوق الانسان في تقريره السنوي "انتهاك حقوق الانسان من الممارسة إلى المأسسة" أنه لم يتم محاسبة من قام بهذه الأعمال التي تشكل خرقا للقانون المحلي والدولي خصوصا وأن نسبة الشيعة تصل إلى 60% من سكان البحرين .
مثل هذه السلوكيات أسهمت بصورة لا تقبل الجدل في نشر روح الطائفية البغيضة، في وقت ينشد فيه العالم في العصر الراهن التسامح والتعايش بين الأديان والمذاهب المختلفة، فمتى سيتم تدمير ماكينات الطائفية ومحاسبتها؟ لا تموت هذه الأسئلة بالتقادم أبدا..!