دول » البحرين

بسيوني يكذّب حكومة البحرين: لم تنفّذ التّوصيات وحرّفت تصريحاتي!

في 2016/06/07

في تطوّر مثير، كذّب رئيس اللّجنة المستقلة لتقصي الحقائق البروفيسور شريف بسيوني ما ادّعته حكومة البحرين من إكمالها تنفيذ توصيات اللجنة التي صدرت في 23 نوفمبر/تشرين الثاني 2011.

وجاء تصريح بسيوني اللافت في بيان خاص، بعد أن طالبته منظّمات دولية بالتعليق على ما نسبته حكومة البحرين له خلال زيارته الأخيرة للبلاد في مايو/أيار 2016، والتي أثارت ضجّة كبيرة. كما أن البيان يأتي متزامنا مع انتقادات دولية شديدة لحكومة البحرين، بعد أن أصدرت حكما بالسجن 9 سنوات ضد زعيم المعارضة الشيخ علي سلمان.

بسيوني قال في بيان اليوم إنّه "لم يتم تنفيذ إلا 10 توصيات من أصل الـتّوصيات الـ 26 الصّادرة عن اللّجنة المستقلة لتقصي الحقائق، وأن الجهود المبذولة من أجل ذلك لم تلقَ للأسف الشّديد النّجاح" مشيرًا إلى أنه "يجب مواصلتها، خاصة على ضوء الأحداث المؤسفة الحاصلة في المنطقة العربية".

وفضلا عن ذلك، دعا بسيوني بشكل صريح حكومة البحرين للإفراج عن قادة المعارضة والرموز السياسية، وكل من أدين على خلفية عقيدته وآرائه السياسية، كما دعا إلى مواصلة التّحقيقات بخصوص أولئك المسؤولين عن مقتل خمسة أشخاص تحت التّعذيب وتأكيد مسؤولية رؤسائهم.

وقال إن "مهمة الحكومة لم تنته بعد، حتى لو انتهت مهمة اللّجنة". وأضاف "هذا الأمر ليس مطلوبًا فقط على مستوى العدالة، بل لدفع عجلة العدالة الاجتماعية والمصالحة السّياسية. تحتاج البحرين إلى ذلك من أجل مستقبلها. وتحتاج المنطقة إلى مثال إيجابي عن الحكومة والمجتمع الرّشيدين في منطقة تعج بالمآسي الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان. لقد حان الوقت لكي يقوم الحكام والشّعوب في المنطقة بما هو محق، لأنه الأمر الصحيح الواجب فعله، ووضع حد للعنف والقمع".

تصريحات محرّفة

وكان ملك البحرين حمد بن عيسى قد استضاف بسيوني في حفل خاص أُطلق عليه حفل إكمال تنفيذ توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق، وألقى وزير العدل خالد بن علي آل خليفة خطابا مطوّلا خلال الحفل، لكن بسيوني لم يلق أي كلمة فيه.

وفي وقت لاحق، نشرت وكالة أنباء البحرين تصريحات نسبتها إلى بسيوني، وذكرت على لسانه "أنهُ قد وقف أثناء هذه الزيارة على آخر تطورات تنفيذ توصيات اللجنة وتبين لهُ أن الحكومة قد التزمت بتنفيذ التوصيات المُتعلقة بإعادة الطلبة إلى الجامعات والموظفين إلى أعمالهم، وتم بالفعل صرف تعويضات للمصابين والضحايا مع عدم الإخلال بحقِهِم في اللجوء إلى المحاكم المدنية المُختصة، وتم أيضاً إنشاء وحدة التحقيق الخاصة بالنيابة العامة، ومكتب المفتش العام بجهاز الأمن الوطني، ومكتب الـ Ombudsmanوإعادة المحاكمات التي تمت أمام محاكم السلامة الوطنية، ومُعاقبة المخطئين، وتعديلات القوانين وخاصة الإجراءات الجنائية والعقوبات، وتدريب ضباط الشرطة والقضاة وأعضاء النيابة العامة والمحامين، وتصحيح وضعية دور العبادة المخالفة".

ونشرت أيضا أنه قال "أن أهداف توصيات اللجنة البحرينية المُستقلة لتقصي الحقائق قد تحققت، وأن الضمانة الأساسية لكفالة ذلك والحفاظ على ما تحقق والبناء عليه هو استمرار المشروع الإصلاحي لجلالة الملك".

واتّهم بسيوني حكومة البحرين بتعمّد خلط وإرباك تصريحاته عبر تحريف الترجمة واللعب بالكلمات، واعتبر أن ما نشرته الحكومة، وخصوصا كلمة (أهداف توصيات اللجنة)، كان ترجمة محرّفة، وأكّد أن ما قاله هو أن (أهداف اللجنة) "the objectives of the Commission" تحققت وليس أهداف توصياتها.

وبحسب بسيوني فإن ذلك أوحى بالتّالي أنّه تم تنفيذ توصيات اللّجنة كلها بشكل كامل، مؤكّدا أن "الوضع ليس كذلك"، فما تم إنجازه فعلًا كان "أهداف اللّجنة، وتحديدًا التّحقيق وتثبيت الحقائق، وإصدار التّوصيات"، مشيرا إلى أنه لم يتم تكليف اللّجنة أو التّرخيص لها بـ "متابعة تنفيذ توصياتها"، وأن "هذه المسؤولية تقع على عاتق حكومة البحرين".

وقال بسيوني إنه شعر بالتالي "بضرورة توضيح موقفه"، عبر بيان خاص.

وإليكم نص البيان كاملًا  كما ترجمته مرآة البحرين:

نص بيان البروفيسور شريف بسيوني حول ادّعاء حكومة البحرين إكمال تنفيذ توصيات اللجنة المستقلة لتقصي الحقائق

"في العام 2011، شهدت مملكة البحرين أزمة وجودية. حصلت مواجهة بين شريحة من السّكان الشّيعة والحكومة، إلى جانب مؤيديها السّنة. وقد رأت الأخيرة في هذا الأمر علامة على تغيير ثوري للنّظام. دخلت قوات الخليج إلى البلاد، التي كانت على شفير حرب أهلية. وأعقب ذلك عنف وقمع.

وبشجاعة سياسية وأخلاقية لم يشهد العالم العربي سابقة لها، عين الملك حمد لجنة دولية من الخبراء للتّحقيق في الأحداث وإصدار توصيات للمساءلة وتعزيز المصالحة والاستقرار والسّلام في ذلك البلد.

تألفت اللجنة من خمسة قضاة موقرين معروفين في كل أنحاء العالم. وكان لها كامل الحرية في التّصرف للتّحقيق في ما حصل، وقد تلقت كامل الدّعم من الهيئات الحكومية. وهذه أيضًا سابقة لا مثيل لها في العالم العربي. وحاز التزام وتفاني المفوضين والموظفين على اعتراف من جميع الفصائل على مستوى الوطن، وكذلك على اعتراف دولي. لا بد من ذكر أعضاء اللّجنة: فيليب كيرش، الرّئيس السّابق للمحكمة الجنائية الدّولية وهو سفير سابق لكندا، السير نايجل رودلي، وهو ناشط معروف منذ مدى طويل في جميع أرجاء العالم، وباحث في مجال حقوق الإنسان وأستاذ في جامعة إيسيكس في بريطانيا، ماهنوش أرسانجاني، المستشار القانوني السّابق للأمم المتحدة ومديرة التّقنين، وبدرية العواضي،  العميد السابق لكلية الحقوق في جامعة الكويت، وأنا بصفتي رئيسًا لها.

تم تسليم التّقرير في حفل رسمي دعا إليه الملك حمد، وحضره أكثر من 600 شخص من الحكومة والبرلمان وغيرهما من مؤسسات الدّولة والجامعات وأعضاء السّلك الدبلوماسي، وممثلي المجتمع المدني ووسائل الإعلام.

ألقيت خطابًا تضمن الملخص العام، ودام لساعة، قدمت فيه الحقائق وتوصيات اللّجنة. تم نشر التّقرير، وتوزيعه على نطاق واسع، ووضعه على موقع إلكتروني متاح للعموم. وأصبح الرّكيزة الأساس في جهود الدّولة لتحقيق المحاسبة والعدالة.

الملك وولي العهد وعدد من الوزراء، وتحديدًا وزراء الدّاخلية والتّربية والعدل عملوا جديًا لتنفيذ التّوصيات الـ 26 وإقامة حوار مصالحة مع المعارضة الشّيعية. وعلى مدى السّنوات الخمس الماضية، لم تلقَ كل هذه الجهود، للأسف الشّديد، النّجاح. لكن يجب مواصلتها، خاصة على ضوء الأحداث المؤسفة الحاصلة في المنطقة العربية.

في 9 مايو/أيار 2016، بعد خمس سنوات من إنهاء اللّجنة عملها، تم تكريمي من قبل الملك في حفل رسمي في المنامة. في هذه المناسبة، أصدرت بيانًا عامًا أقررت فيه بالجهود المبذولة حتى الآن، بما في ذلك إنشاء لجان متابعة حكومية. لا بد من الاعتراف بالإنجازات الإيجابية. لكن، من بين التّوصيات الـ 26 للّجنة، تم تنفيذ 10 منها بشكل كامل، في حين كان تنفيذ التّوصيات الـ 16 الباقية جزئيًا. اثنتان من هذه التّوصيات يجب أن تكون أولوية للحكومة، تحديدًا الإفراج عن الأشخاص المُدانين على خلفية معتقداتهم وسلوكياتهم السّياسية، المستندة إلى حرية الرّأي والتّعبير. ويشمل هذا 16 شخصية رفيعة المستوى تمت إدانتهم استنادًا لمثل هذه الأسس، ومواصلة التّحقيقات بخصوص أولئك المسؤولين عن مقتل خمسة أشخاص تحت التّعذيب وتأكيد مسؤولية رؤسائهم.

مهمة الحكومة لم تنته بعد، حتى لو انتهت مهمة اللّجنة. هذا الأمر ليس مطلوبًا فقط على مستوى العدالة، بل لدفع عجلة العدالة الاجتماعية والمصالحة السّياسية. تحتاج البحرين إلى ذلك من أجل مستقبلها. وتحتاج المنطقة إلى مثال إيجابي عن الحكومة والمجتمع الرّشيدين في منطقة تعج بالمآسي الإنسانية وانتهاكات حقوق الإنسان. لقد حان الوقت لكي يقوم الحكام والشّعوب في المنطقة بما هو محق، لأنه الأمر الصحيح الواجب فعله، ووضع حد للعنف والقمع".
ترجمة مرآة البحرين-