دول » البحرين

حملة البحرين على المعارضة قد تعزز التدخل الإيراني في الخليج

في 2016/06/25

عندما أعطى الربيع العربي شرارة البدء لقيام الانتفاضة الشيعية في البحرين، فإن الحكومة الشيعية في إيران رأت في الأمر فرصة لزعزعة التوازن الطائفي للسلطة في شرق شبه الجزيرة العربية. لكن طموحاتها قد تم إحباطها بسرعة من خلال التدخل العسكري بقيادة السعودية التي كانت مصممة على الحفاظ على المملكة الجزيرة تحت القيادة السنية بأي ثمن. وقد ازداد دعم الرياض للحكومة البحرينية في السنوات التي تلت، حيث بلغ ذروته في الآونة الأخيرة في سلسلة من حملات القمع القاسية ضد المعارضة الشيعية في البلاد. ولكن مع الضغوط الاجتماعية المتصاعدة بالفعل، يمكن لأفعال المنامة أن تأتي بنتائج عكسية وتعطي لطهران الفرصة لتأجيج الاضطرابات الشيعية في الخليج.

تحليل

على مدى الأسبوعين الماضيين، تحركت الحكومة البحرينية بقوة لقمع رموز المعارضة السياسية. تم تعليق أنشطة حركة الوفاق، وتم تمديد عقوبة السجن بحق الأمين العام للجماعة «علي سلمان». كما تم اعتقال الناشط الحقوقي «نبيل رجب» وفرض حظر السفر على النشطاء السياسيين وتجريم خلط الدين بالسياسة. وفي 20 يونيو/حزيران، ألغت المنامة جنسية رجل الدين الشيعي البارز الشيخ «عيسى قاسم»، الذي اتهمته الحكومة باستغلال المشاعر الدينية لتحقيق مكاسب سياسية وإرسال الأموال بشكل غير قانوني إلى العراق وإيران.

وقد تم بناء هذا النهج المتشدد الذي يبدو مفاجئا في المنامة عبر فترة من الوقت. في أعقاب تدخل السعودية وإخماد الاحتجاجات الشيعية في عام 2011، أصيب الملك «حمد بن عيسى» بصدمة كبيرة نتيجة السرعة الكبيرة التي تم بها زعزعة استقرار بلاده. مع القليل من الحماس، تشارك المسؤولون البحرينيون في محادثات مع الفصائل الأكثر اعتدالا في المعارضة الشيعية، على أمل إضعاف الحركة عبر التعاون مع أجزاء منها وتخفيف الانتقادات الغربية. ولكن بحلول عام 2013، كانت لمظاهرات والاشتباكات بين قوات الأمن والمتظاهرين لا تزال قائمة، وتزايدت الدعوات لاتخاذ تدابير أكثر صرامة لاحتواء المعارضة داخل الحكومة. وفي الوقت نفسه، في محاولة من جانب الحكام المنتمين للأقلية السنية في البلاد لإعادة هندسة لتركيبة السكانية البحرينية لأهداف سياسية، فقد بدأت البحرين أيضا في توطين اللاجئين السوريين السنة الذين فروا إلى الأردن هربا من الحرب الأهلية المكثفة في البلاد.

في عام 2014، أعلنت الحكومة تعليق محادثاتها مع المعارضة الشيعية، على الرغم من أنها كانت قد توقفت بالفعل في الواقع، وقامت بحظر جمعية الوفاق مؤقتا عن ممارسة السياسة. قاطعت الأحزاب الشيعية الانتخابات في البلاد في أعاقب قيام المنامة بإعادة ترسيم الدوائر الانتخابية بطريقة اعتبرتها غير عادلة. هدفت حدود الدوائر الجديدة أيضا إلى الحد من تأثير الجماعات السنية التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، بما في ذلك جمعية المنبر الإسلامي وجمعية الأصالة السلفية الإسلامية. على الرغم من أن الحكومة اعتمدت على هذه الجماعات السنية كثقل موازن للمتظاهرين الشيعة خلال الانتفاضة التي اندلعت في البلاد في عام 2011. قامت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بالضغط على البحرين من أجل تبني سياسة غير متسامحة تجاه جماعة الإخوان المسلمين. تصدت الحكومة البحرينية لمسالة إدارة منافسيها السنة لبعض الوقت، وقد وجدت الحل أخيرا. تستهدف محاولات المنامة الأخيرة لفصل الدين عن السياسة الجماعات الإسلامية السنية بقدر ما تستهدف الجماعات الشيعية. في الواقع، فقد حاولت المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تجربة مشاريع مماثلة لمنع صعود الجماعات الإسلامية داخل حدودها.

ومع ارتفاع التوتر بين الحكومة البحرينية والمعارضة في عام 2014، فإن الروابط بين الأحزاب الشيعية في البلاد وبين طهران بدأت تطفو إلى السطح على نحو أكثر تواترا. بحلول العام التالي، أعلنت الحكومة البحرينية قيامها بإحباط عدد من المؤامرات التي تورط فيها فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإسلامي. استهدفت هذه المؤامرات في معظمها قوات الأمن البحرينية وشملت استخدام الأسلحة الصغيرة أو أجهزة متفجرة محلية الصنع، وفي بعض الأحيان تم الإعلان عن اكتشاف متفجرات تستخدم في أغراض عسكرية. بطبيعة الحال، مع تقدم مفاوضات النووي الإيراني مع الغرب، فإن دول الخليج مثل البحرين قد كثفت من ادعاءاتها حول التدخل الإيراني في محاولة لإعطاء الأمريكيين والأوربيين وقفة في مفاوضاتهم مع طهران.

خطوة محفوفة بالمخاطر

اليوم، يبدو أن دول الخليج عليها أن تقبل الانفتاح الإيراني على الغرب كأمر واقع وإن كان غير مريح. وردا على ذلك فقد أصبحت المملكة العربية السعودية أكثر حزما في في تشكيل استراتيجية العالم السني لمواجهة صعود إيران. قم مجلس التعاون الخليجي تحت قيادة الرياض بإضفاء الطابع الرسمي على وجوده العسكري في منطقة، وقامت الرياض بضم الحلفاء الأصغر حجما مثل البحرين تحت لوائها. وقد وصفت وسائل الإعلام في البحرين، ووسائل الإعلام الخليجية على نطاق أوسع، خطوات المنامة مؤخرا على أنها تدابير سياسية ضرورية لمكافحة التطرف واستعادة الوحدة والتماسك الاجتماعي في الجزيرة غير المستقرة.

في ذات الوقت، فإن إيران وحلفاءها الشيعة قد قاموا بانتقاد الحكومة البحرينية مع تهديد بالانتقام. وقد جاءت أبرز الانتقادات من قبل «قاسم سليماني» الذي صرح بالقول إن «الحكومة البحرينية تخطيء في تقديرها لمدى الغضب العام» وتتخذ خطوات من شأنها «تجاوز الخطوط الحمراء وإضرام النار في البحرين والمنطقة بأسرها وترك الناس دون خيار سوى المقاومة المسلحة». وقد حذر سليماني من أن «آل خليفة سوف يدفعون ثمن هذا العمل الذي سوف تكون نهايته هي إبادة هذا النظام المستبد». والواقع أن بعض الفصائل من فيالق الحرس تتنافس بالفعل مع معسكر السياسة الخارجية الذي يتزعمه الرئيس الإيراني «حسن روحاني» وهم ينظرون إلى الوضع في البحرين كفرصة لإثبات ذاتهم سياسيا. يبقى أن نرى إذا ما كانت هذه التصريحات النارية سوف يتم ترجمتها نحو المزيد من العمل السري.

المنامة من المؤكد أنها تحسب أن حملتها من المرجح أن تثير ردود أفعال عنيفة ويكاد يكون من المؤكد أنها سوف تقوم بتعزيز إجراءاتها الأمنية استجابة لذلك. المملكة العربية السعودية على استعداد أيضا لتوفير تعزيزات إذا دعت الحاجة إلى ذلك. ومع ذلك، فإن الحكومة البحرينية تواجه مخاطر كبيرة نتيجة لتفاقم التوتر الاجتماعي الذي يجيش منذ فترة طويلة في المملكة ويمكن استغلاله بسهولة من قبل طهران. كما فعلوا مع تنفيذ الرياض لحكم الإعدام في رجل الدين الشيعي «نمر النمر»، فإن السياسيين والعسكريين ورجال الدين المتشددين في طهران سوف يحاولون استغلال تحركات المنامة الأخيرة لحشد الناشطين الشيعة في جميع أنحاء المنطقة. إذا نجحت هذه التحركات فإن الاضطرابات بإمكانها أن تنمو ليس فقط في البحرين ولكن أيضا في المملكة العربية السعودية والعراق ولبنان. حتى الآن، كانت البحرين والمملكة العربية السعودية قادرين على الحفاظ على غطاء محكم على المعارضة، لكنهما وغيرهما من دول الخليج لن يكونوا على استعداد لمنح مواطنيهم سببا آخر للاحتجاج مع استمرار الاقتصاد في التدهور بفعل انخفاض أسعار النفط.

«سترانفور»-