تروِّج مواقع وحسابات إلكترونية قريبة من النظام الخليفي بأن “القرار تم اتخاذه” لتحرّك القوات الخليلفية من أجل “فض” الاعتصام المفتوح أمام منزل آية الله الشيخ عيسى قاسم في الدراز. ويأتي ذلك بعد مرور أكثر من عشرين يوما على الحصار العسكري الخانق المفروض على البلدة وضواحيها منذ بدء الاعتصام الرافض لسحب الجنسية من الشيخ قاسم وما صاحبه من حملة خليفية ضد الوجود الديني والوطني للسكان الأصليين.
متابعون يرون بأن ما تسرّبه بعض المصادر بشأن “قُرب” التحرك العسكري وقمع المعتصمين في الدراز؛ يأتي لإظهار “قوة وهمية في الموقف الخليفي” الذي أُصيب بـ”الإنكسار والتراجع” بعد المواقف الشعبية والعلمائية “الرافضة لحملة التصعيد الجديدة”، وما تلى ذلك من إدانات دولية واسعة، وآخرها قرار البرلمان الأوروبي الرافض لانتهاكات النظام.
بعض الأوساط السياسية تذهب إلى أن النظام يتّبع “ذات الخطة التي اتّبعها في التعامل مع اعتصام دوار اللؤلؤة في فبراير ومارس من العام ٢٠١١م”، حيث حاول منع إقامة الاعتصام بالقوة العسكرية، وحين فشل في ذلك “بسبب الإرادة الشعبية”؛ لجأ إلى خطة أخرى تعتمد “على القمع الخاطف، والحصار المتدرج”، حيث ترك آل خليفة اعتصام اللؤلؤة مستمرا لمدة شهر، إلى حين “وفّر التغطية الإقليمية والدولية لسحق المعتصمين” وباستعمال حرب الشائعات والتأجيج المذهبي، وهو أمر ترى هذه الأوساط بأن الخليفيين يعمدون إلى اتّباع ذات هذه الخطة في قمع اعتصام الدراز.
المدعو أحمد جمعة، وهو كاتب ومسؤول في جمعية “سياسية” موالية لآل خليفة، نشر اليوم الأحد، ١٠ يوليو، “تدوينة” في موقعه الشخصي، تحدث فيها عما وصفها بـ”الأنباء شبه المؤكدة” ومن مصادر قال إنها “مطلعة”، ومفادها بأن قرار “إبعاد الشيخ عيسى قاسم بالقوة تم اتخاذه”، وأن تنفيذ ذلك سيتم خلال أيام.
جمعة، وهو قريب من أجهزة أمنية خليفية، تحدث عن “محاولات يائسة بذلها وسطاء؛ لإقناع الشيخ عيسى قاسم بالخروج بهدوء وبدون ضجة”، بحسب تعبيره، وقال بأن الشيخ قاسم رفض هذه المحاولات “وتشبث بالمكوث”، ووصلت “المحاولات لطريق مسدود”.
وبمعزل عن خلفية هذه التسريبات، وما يرافقها من “إشاعات منظمة” تهدف إلى “كسر الصمود الشعبي”، والبحث عن “ثغرة” بين الناس للنفاذ منها وتنفيذ بقية “الحرب الخليفية”؛ فإن نشطاء يدعون إلى “أخذ الحيطة والحذر لكل الاحتمالات”، وأن تستعد القطاعات الشعبية والنخب العلمائية “لأية جريمة إضافية في التصعيد الخليفي القائم”، مشيرين إلى أن الخليفيين “يضمرون منذ البدء للغدر”.
وكانت قوى ثورية معارضة في البحرين حثت على “الجهوزية” لما وصفته بخيار “المواجهة المشروعة والمفتوحة” في حال أمعن آل خليفة في الذهاب “بعيدا” في حربهم الوجودية ضد البحرانيين. ورأت هذه القوى بأن “أي تساهل” في الدفاع عن الشيخ قاسم سيراه النظام “مؤشرا لصالحه في المضي أكثر لتنفيذ بقية هذه الحرب”، وهو ما دفع كل القوى الثورية والفصائل السياسية في البلاد للتأكيد على “وحدة الموقف” في المواجهة القائمة الآن، وشددت على أن يكون الدفاع عن الشيخ قاسم هو عنوان “هذه المواجهة” لما بات يمثله من عنوان لطبيعة الصراع القائم بين الشعب وآل خليفة، ووصول العلاقة بينهما إلى “نهاية المفاصلة” و”اللا عودة”.
في السياق ذاته، أكد العلماء المعتصمون إصرارهم على استمرار “الاعتصام المفتوح” في الدراز، وأوضح السيد مجيد المشعل، يوم أمس السبت، بأن “الخطر الوجودي” الذي يواجه المواطنين يتطلب تحمل “المسؤولية الكاملة والمناسبة”، مؤكدا على “الصمود والثبات” وحتى تحقيق النصر، الذي يتطلب “التحمل والصبر”، بحسب قوله. ويأتي ذلك في ظل استمرار الحراك الشعبي والثوري، وفي مختلف مناطق البلاد، وبينها التظاهرات الحاشدة التي شهدتها البلاد الجمعة الماضية تحت شعار “جمعة الفداء” رفضا لاستهداف السكان الأصليين وتهديد وجودهم الديني والثقافي، وكانت هذه التظاهرات “رسالة على فقدان آل خليفة السيطرة على الوضع”، رغم استعمالهم كل “وسائل التضليل، والترهيب، والحصار، وورقة رجال الدين الموالين”، وهو ما يضطرهم لإظهار أنفسهم “أقوياء” عبر الشائعات المبرمجة وتكثيف القمع والمداهمات على منازل الأهالي.
البحرين اليوم-