تُواصل السلطات البحرينية سياسة التشدّد في حقّ المعارضة، متجاهلة الانتقادات الدولية، حيث أصدرت المحكمة الكبرى المدنية، أمس، حكماً قضت بموجبه بحلّ جمعية «الوفاق» وتصفية أصولها المالية لمصلحة خزينة الدولة، متّهمة إياها بالعمل على «تأجيج العنف والإرهاب».
وكانت وزارة العدل والشؤون الإسلامية في البحرين تقدّمت في 14 حزيران الماضي، بدعوى لحلّ الجمعية، متّهمة إياها بأنها «تستهدف مبدأ احترام حكم القانون وأُسس المواطنة المبنية على التعايش والتسامح واحترام الآخر»، وتوفِّر «بيئة حاضنة للإرهاب والتطرّف والعنف»، فضلاً عن «استدعاء التدخلات الخارجية في الشأن الوطني».
وقرّرت المحكمة الإدارية إغلاق مقارّ الجمعية والتحفّظ على أموالها، ما أثار انتقادات واشنطن ومنظمات حقوقية دولية رأت في الخطوة محاولة للقضاء على «ما تبقّى من المعارضة» في البحرين.
وجاء في حيثيات الحكم الذي نشرته وكالة الأنباء البحرينية (بنا)، أن «الجمعية المدعى عليها دأبت على الطعن في شرعية دستور البحرين وتضامنت مع المحكوم عليهم في تهم التحريض على كراهية نظام الحكم والدعوة إلى إسقاطه وإهانة القضاء والسلطة التنفيذية، كما قامت باستدعاء التدخّل الخارجي في العديد من مواقفها...»، كما انحرفت في ممارسة نشاطها السياسي إلى حدّ التحريض على العنف وتشجيع المسيرات والاعتصامات بما قد يؤدي إلى إحداث فتنة طائفية في البلاد...»، فضلاً عن «انتقادها لأداء سلطات الدولة، سواء التنفيذية أو القضائية أو التشريعية...».
والتأمت جلسة النطق بالحكم في غياب محامي الدفاع الذين انسحبوا من الدعوى، في 28 حزيران الماضي، احتجاجاً على ضيق الوقت لتحضير مرافعتهم وعدم السماح لهم بدخول المقار المُغلقة للجمعية.
وسبق الحكم قرار من المدّعي العام البحريني أحمد الدوسري، أمس الأول، بإحالة الشيخ عيسى قاسم للمحاكمة بتهمتَي «جمع أموال بشكل غير قانوني وغسيل أموال».
ولم يُحدِّد الدوسري اسم قاسم، غير أن وكالة «رويترز» نقلت عمن وُصف بمصدر مطلع على القضية أن المقصود هو الشيخ عيسى قاسم الذي أسقطت السلطات البحرينية الجنسية عنه بتهمة «استغلال» المنبر الديني «لخدمة مصالح أجنبية» في إشارة إلى إيران.
وكانت وسائل إعلام بحرينية كشفت الشهر الماضي عن تحقيق يجري بشأن حساب مصرفي يخصّ قاسم، يحتوي على نحو عشرة ملايين دولار لمعرفة مصدر الأموال وكيفية إنفاقها.
ونقلت «بنا» عن الدوسري قوله إن القضية تتعلّق «بوقائع جمع الأموال بغير ترخيص وغسل الأموال غير المشروعة لإخفاء مصدرها ولإضفاء المشروعية عليها على خلاف الحقيقة»، مضيفاً أن هذه التهم «منسوبة إلى عدد من الجمعيات الأهلية وبعض الأشخاص، بينهم رجل دين».
وواجهت البحرين انتقادات من الولايات المتحدة والأمم المتّحدة بعد قرارها بإسقاط الجنسية عن قاسم الشهر الماضي، بينما يُصرّ المسؤولون البحرينيون على إجراءاتهم التي حظيت بتأييد دول «مجلس التعاون الخليجي»، لا سيما السعودية.
وشدّد رئيس الوزراء البحريني خليفة بن سلمان آل خليفة، أمس، على «ضرورة استمرار العمل من أجل صيانة ما تحقّق من مكتسبات في مختلف المجالات والتصدّي لأي محاولة تُريد النيل من أمن البحرين وبثّ الفرقة بين أبناء الشعب الواحد»، بحسب وكالة الأنباء الرسمية.
قلق بريطاني
وأبدت بريطانيا الحليف الوثيق قلقها العميق بشأن الحكم الصادر أمس (الأحد). ودعا وزير الخارجية البريطاني بوريس جونسون، في بيان، البحرين إلى توفير «الحرّيات السياسية لكل مواطنيها».
وحضّ السلطة والمعارضة على «الانخراط في حوار بنّاء وشامل» لتعزيز التماسك الاجتماعي «بما فيه التمثيل السياسي لجميع البحرينيين».
ورأت جمعية «هيومن رايتس فيرست» أن الحكم الصادر «لم يترك متنفّساً للتعبير السلمي عن المظالم»، داعية الرئيس الأميركي باراك أوباما إلى الردّ بسرعة «وإعادة فرض حظر على مبيعات السلاح للجيش البحريني»، والذي كانت الخارجية الأميركية قد فرضته عقب قمع تظاهرات العام 2011، لكنّها رفعته قبل عام.
وكثّفت السلطات البحرينية في الأشهر الماضية من الخطوات والأحكام الصادرة بحقّ المعارضين، لا سيما عقوبات السجن القاسية وإسقاط الجنسية.
وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، رفضت محكمة بحرينية الإفراج بكفالة عن الناشط الحقوقي نبيل رجب الذي يمثُل أمامها بتهم «إهانة مؤسسة تابعة للدولة (وزارة الداخلية) والإساءة للسعودية عبر مواقع التواصل».
وفي 30 أيار الماضي، شدّدت محكمة الاستئناف حكم السجن بحقّ الأمين العام للجمعية الشيخ علي سلمان من أربعة أعوام إلى تسعة لإدانته بتهم عدّة منها «التحريض» و «الترويج لتغيير النظام بالقوة».
وكالات-