حقاً، هل فعلها أحد قبل النظام البحريني؟!! إقفال أبواب مقبرة عامة، وتطويقها بالكامل بشريط أصفر، مع محاصرتها بالكامل من كل الجهات بقوات الأمن!!
تعودنا من النظام البحريني إغلاق شارع، محاصرة قرية، محاصرة بيت، وقد سبق له أن حاصر مستشفى السلمانية الطبي، لكن إغلاق مقبرة؟!! محاصرة أموات؟!! هل وصل النظام إلى هذا الحدّ من ضحالة العقل واستشراء الجنون؟!
سنكتب يوماً ونحن نسرد تاريخنا العجائبي لأجيالنا القادمة، أنه في يوم الجمعة بتاريخ 5 أغسطس 2016، قامت السلطات بإقفال أبواب مقبرة في المنامة، ومنعت أي أحد من الاقتراب منها في يوم تعوّد الناس على زيارة قبور موتاهم، السبب: لأن مشاركة الناس في ختام مراسم تعزية شهيد تخيفها وترعبها.
لم يعد كافياً للسلطة، ليحدّ من رعبها من الشعب، منع المعزين من الوصول إلى فاتحة الشهيد الحايكي، وتفحّص هويات كل من يريد تعزية أهل الشهيد، وعدم السماح لمن هم من خارج المنطقة بالدخول إلى مجلس العزاء. لم يعد كافياً لها أن تحاصر الشوارع وتكثّف تواجدها في منطقة العزاء كما هي عادتها في ختام مراسم عزاء الشهداء من قبل، لم يعد هذا يزيل رعبها من الشعب. الشعب الذي يكسر حصارها في كل مرّة. لهذا قامت هذه المرة بإغلاق المقبرة بالكامل.
يالها من نكتة.. حسناً.. دعونا نخمّن.. ماذا يمكن أن تقفل السلطة في المرة القادمة؟
تقفل بلد بكامله على أنه مقبرة.. لقد قلناها من قبل: البحرين مقبرة حقوق الإنسان.
تردّد السلطة أنها ماضية في إجراءاتها وتدابيرها الأمنية، التدابير التي أزالت بقايا القناع الذي لبسه الملك في 2001، لقد خلع النظام البحريني القناع كاملاً وكشف عن وجهه الطائفي والاستبدادي الأبشع الذي لم يعرف البحرينيون له مثيلاً طوال تاريخهم مع القبيلة الغازية.
مضت السلطة في تدابيرها الأمنية بقوة، نعترف لها بذلك، لقد سجنت كل صوت معارض: حقوقي، سياسي، مغرّد، ناشط. سجنت الآلاف من الأطفال والرجال والنساء وحتى الشيوخ. سجنت أشهر حقوقيي البحرين المعروفين عالمياً. سجنت جميع زعماء الجمعيات السياسية المعارضة في البحرين. حلّت أكبر الجمعيات السياسية المعارضة وقامت بتصفية ممتلكاتها. أسقطت جنسية أكبر مرجعية دينية شيعية في البلاد ومئات من المعارضين الشيعة. حلّت أكبر مؤسسة دينية للشيعة في البحرين. اعتقلت وأحالت عشرات رجال الدين الشيعة للمحاكمات، وما زالت ماضية في المزيد، نعترف لها بذلك..
النظام البحريني يعمل الآن عبر (تدابيره الأمنية) المفتوحة على سقفها الأعلى، تحويل البحرين كلّها إلى مقبرة أموات، لأنه يخاف من الأحياء ويرتعب منهم. يريدها مقبرة مُقفلة ومطوّقة بشريط أصفر، وكل حي يحاول الاقتراب أو الدخول سيكون مصيره الاعتقال أو القتل أو إسقاط الجنسية والنفي أو التهجير. يريد النظام البحريني أن يحكم أمواتا ويفتخر بتدابيره الأمنية التي يطبق بها سلطته عليهم. لكن طالما أن الشعب البحريني حيّ، سيظل يقول للنظام هيهات.
مرآة البحرين-